الملف الأسود لـ«ماكين»: مُدمن حروب
موقع أخبار مصر اليوم ـ
عبدالعزيز الشرفى:
طالب بتسليح المعارضة السورية والتدخل العسكرى الأمريكى فى سوريا.. ودعا الجهاديين اليمنيين للقتال هناك
وقف مزهوا، معتدا بنفسه، يطلق الاتهامات، ينتقد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، لإنفاقه «مبالغ لم يسبق لها مثيل من أموال الحملات الانتخابية على الجوانب السلبية». يقف السيناتور الأمريكى جون ماكين فى مناظرته أمام «أوباما» عام 2008 قبيل الانتخابات الرئاسية، وكل ما يشغله هو إحراج خصمه، وإثبات تفوقه عليه، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فالمناظرة الأولى بينهما كانت دليلا على عمق الخلاف والفجوة فى توجهات الاثنين، وأظهرت الاستطلاعات التالية لها تفوق «أوباما» عليه.
كانت هناك خلافات أساسية بين الرجلين فى سياستيهما الداخلية والخارجية، وبعد أن فاز «أوباما» بالانتخابات الرئاسية، تحولت الخلافات إلى توجه معاكس بين الاثنين، يقرر «أوباما» اتخاذ سبيل ما لحل أزمة أو الالتزام بموقف معين، فيقرر «ماكين» سلوك السبيل المعاكس له، بغض النظر عما إذا كان موقف «أوباما» صحيحا أم خاطئا.
وتشير مجلة «ذى جويش ويك» الأمريكية، المعنية بأخبار اليهود فى أنحاء العالم، إلى أن «ماكين» من أفضل أصدقاء إسرائيل وأكثر الداعمين لها، ولكنه يتعمد سلوك نهج معاكس لـ«أوباما» بشكل دائم، ولكن هناك مرات ينبغى أن يفكر فيها جيدا أن تصرف «أوباما» قد يكون فى صالح إسرائيل، وبالتالى فإن ما يفعله «ماكين» يكون مضادا لمصلحة إسرائيل.
لم يكن الخلاف على مصر وحدها هو الحاسم بين «أوباما» و«ماكين»، فالاثنان لهما باع طويل من الخلافات مع بداية الربيع العربى، فبينما قرر «أوباما» الالتزام بعدم التدخل فى الأزمة السورية وعدم تسليح الثوار، خاض «ماكين» مغامرة جديدة وتوجه إلى سوريا بشكل مفاجئ، لإعلان دعمه للجيش السورى الحر، التقى هناك قائد لواء عاصفة الشمال، وعاد إلى الكونجرس الأمريكى يطالب بضرورة تسليح المعارضة السورية ودعمها ماديا ومعنويا، إضافة إلى بدء التجهيز للتدخل العسكرى الأمريكى هناك.
قال «ماكين» صراحة حينها: «أريد أن أرى أحذية الجنود الأمريكان على أرض سوريا»، فانتقده الأمريكيون بشدة لرغبته فى الزج بالولايات المتحدة فى حرب لا علاقة لها بها، وردوا عليه قائلين: «فلنرى حذاءك أنت أولا على أرض سوريا تقاتل هناك». وبالطبع لم تكن هذه هى الانتقادات الوحيدة الموجهة له، ففور أن عاد من سوريا، تساءل الجميع عن سبب ذهابه إلى هناك، وما إذا كان اللوبى اليهودى فى واشنطن وراء هذه الزيارة وتمويلها، وتمهيد الطريق للقاء قادة الجيش الحر وقائد لواء «عاصفة الشمال».
فى شهر مايو الماضى، شن سلاح الطيران الإسرائيلى عدة غارات على منشآت عسكرية سورية، ورغم عدم إعلان إسرائيل رسميا تبنيها تلك الهجمات، فإن «ماكين» سرعان ما أعلن صراحة أن إسرائيل هى المسئولة عنها، وأنه لا بد من تدخل الولايات المتحدة عسكريا فى سوريا لحل الأزمة، مشيراً إلى أن الغارات الإسرائيلية لا بد أن تغير من قواعد اللعبة فى منطقة الشرق الأوسط.
حتى رواية السيناتور ذى الخلفية العسكرية عن الفترة التى جرى أسره فيها خلال حرب «فييتنام»، بدأت تحيط بها هالة من الشكوك والتكهنات، فمثلا يشير فيليب جيرالدى، ضابط سابق بالمخابرات الأمريكية، إلى أن زملاء ماكين فى الأسر يشككون فى روايته التى عرضها فى كتابه بشأن تعرضه للتعذيب، فهم يعتقدون أنه لم يتعرض للتعذيب الجسدى نهائيا، بل إنه عومل بشكل جيد مقارنة بالآخرين. ويؤكد «جيرالدى» أن «ماكين» الذى يراه ثوار المعارضة السورية على أنه «بطلهم»، ما هو حقيقة إلا داعم ومؤيد كلاسيكى لإسرائيل وليس ل سوريا، ويرغب فى تحقيق أهدافها وخدمة مصالحها. ويرى الأمريكيون أن دعوة «ماكين» لتسليح المعارضة السورية، ما هى إلا دعوة علنية لتسليح جماعة الإخوان فى سوريا وتنظيم «القاعدة» هناك، وهو ما أثار ضده انتقادات حادة بسبب دعوته تلك.
أينما ذهب «ماكين» يثير وراءه الأزمات، فقبل أن يطالب بتسليح المعارضة السورية، توجه إلى اليمن فى زيارة قصيرة، أكدت خلالها وسائل إعلام يمنية أنه طلب رسميا من الرئيس اليمنى، عبدربه منصور هادى، فتح باب الجهاد إلى سوريا من خلال السماح بسفر الجهاديين اليمنيين إلى هناك للقتال.
ورغم الحفاوة التى قوبل بها فى اليمن، فإن السياسيين اليمنيين تشككوا فى نوايا هذه الزيارة، فيشير محمد المنصور، زعيم حزب الحق اليمنى، إلى أن «ماكين» من أنصار استخدام الهجمات العسكرية خارج إطار القانون الدولى، مبديا تخوفه من أن تتحول اليمن إلى مسرح لمغامرات واشنطن.
ويرى نبيل الشارجبى، خبير إدارة الأزمات، أن زيارة «ماكين» إلى اليمن كان هدفها واضحا وهو وضع خطوط جديدة لاستخدام طائرات بدون طيار جديدة فى اليمن.
وكنتيجة للسياسات التى يتبعها «ماكين»، قرر عدد من الأمريكيين المحافظين، تدشين حملات مختلفة، لمنع إعادة ترشيحه مرة أخرى واختيار بديل له، مؤكدين أنه لا ينتمى للمحافظين بأى شكل، وأن كل ما يقال عن أنه من المحافظين الجدد أثبت هو خطأه وعدم صحته.