المفاوضات الدستورية السورية: تفاؤل حذر
موقع الخنادق:
توازياً مع الحركة النشطة على خط الانفتاح الدولي والعربي على سوريا والحقائب المليئة بالملفات السياسة-الدبلوماسية والمشاريع الاقتصادية ووسط التحضيرات لتفعيل وتطبيق اتفاق سوتشي إضافة لفتح طريق M4 الدولي بين حلب واللاذقية، تأتي خطوة استئناف المفاوضات لمناقشة الدستور في جنيف والتي وصفها مطلعون بأنها مرحلة جديدة من الاشتباك السياسي في ظل حرص الدولة السورية التي استطاعت هزيمة المشروع التكفيري-الأميركي-الخليجي على فرض المعادلات والشروط كما فرضتها بالميدان.
انطلقت الجولة السادسة من لجنة مناقشة الدستور، بعيد الاتفاق مع المبعوث الأممي غير بيدرسون على الخطوات التالية وآلية عمل اللجنة المصغرة في هذه الجولة التي ستستمر أسبوعاً. وقد قدم بيدرسون للجنة العمل التي تضم 45 عضواً موزعين بين الدولة السورية والمعارضة والمجتمع المدني، بأن يكون البحث بالنصوص الخاصة بالمبادئ الدستورية بمعدل نص دستوري كل يوم على ان يتم تحديد يوم الجمعة وهو اليوم الأخير في الجولة للمناقشة العامة وتقييم النقاط التي تم التوافق عليها والنقاط الأخرى التي كانت محط خلاف بين الأطراف المشاركة.
أما الذي عكس جواً من الارتياح، فقد كان اللقاء الخاص الذي جمع بين رئيس الوفد السوري أحمد كزبري ورئيس وفد المعارضة هادي البحرة، والذي كان الأول من نوعه، ناقشا خلاله العناوين التي سيتم البحث فيها. في حين اكد بيدرسون ان الطرفان اتفقا على “المباشرة في صياغة مشروع الإصلاح الدستوري وسيتم العمل على أربع جهات”.
مع تطور الأحداث على الساحة السورية لم يُحدث هذا اللقاء استغراباً في دمشق، فهو في السياق الطبيعي التي تريده الدولة السورية لإيصال الأمور إلى خواتيمها وسط تفاؤل حذر وضرورة السعي لكسب الوقت وتخليص كل الأمور العالقة بين الأفرقاء السياسيين في البلاد.
يقابل هذا السعي محاولات دولية لنقل فشل الاجتماعات السابقة عبر المماطلة والتعطيل إلى أي اجتماع بصدد الانعقاد. غير ان الدولة السورية تصر أيضاً على تثبيت مبدأ على الصعيد الدولي ينم عن انها لا ترضخ لشروط تتنافى مع رؤيتها للحل السياسي، وان كل الخطط لفرض رؤى سياسية معينة على الشعب السوري قد فشلت، وكل ما يحدث في درعا ويجهز له في إدلب إضافة للانفتاح الدولي والعربي تجاه البلاد استطاع فرض خيارات أخرى، الأمر الذي أجبر بيدرسون على اللجوء إلى قراءة جديدة لمسرح العمليات الميدانية والسياسية التي يتم العمل بها فعليا في دمشق ثم ترجمتها إلى خطوات عملية تفتح الآفاق وتحفز الطرف الأخر في المفاوضات لبذل جهود مضاعفة وجدية في سبيل إنجاح المفاوضات الدستورية.
يمكن القول، ان ما يجري في جنيف هو استثمار فعلي للانتصارات التي حققتها الدولة السورية على الأرض، التي استطاعت أن تثبت ان مسألة مناقشة الدستور هو أمر داخلي صرف والطرف المعني به هو الشعب السوري لا أحد سواه، وان الرهان على وفد المعارضة لتفخيخ الجلسات بالاقتراحات المشبوهة لن يجدي نفعاً.