المعتقل اللبناني منذ 28 عاماً لممثل الحكومة: كرامة الوطن قبل كل شيء
«التمييز» الفرنسية تقرر مصير عبدالله.. وتعلنه في 4 نيسان
صحيفة السفير اللبنانية ـ
محمد بلوط:
المماطلة الفرنسية مستمرة في قضية المناضل اللبناني الأسير جورج إبراهيم عبدالله. وبعد أن كان من المقرّر أن تنشر محكمة التمييز الفرنسية قرارها الشكلي في تطابق إخلاء سبيل جورج مع القوانين الفرنسية، اليوم، قال محامي الدفاع عن عبدالله، جاك فرجيس لـ«السفير» إن المحكمة قد اجتمعت بالأمس واتخذت قرارها بشأن جورج لكنها لن تنشره قبل الرابع من نيسان المقبل. واشار الى أنه كان من المقرّر أن يتزامن قرار محكمة تطبيق الأحكام غداً (اليوم) مع قرار محكمة التمييز.
ولن تجتمع هيئة المحكمة اليوم وستكتفي بإبلاغ جاك فرجيس بقرارها عبر رسالة خطيّة، في وقت كانت البعثة اللبنانية في فرنسا قد واصلت اتصالاتها مع الجهات المعنية. والتقى مدير عام وزارة العدل اللبنانية عمر الناطور والسفير اللبناني في باريس بطرس عساكر بمسؤولين فرنسيين في الإليزيه وفي وزارة الخارجية الفرنسية.
وقال مسؤول لبناني لـ«السفير» إن الفرنسيين أبلغوا الجانب اللبناني في الإليزيه وفي الخارجية بأنهم يستعجلون إقفال ملف جورج عبدالله، ويسعون ألا يتخذ القرار بعداً سياسياً، لذلك لا بدّ من انتظار قرار محكمة التمييز والتسلح بقرارها.
وأبلغ الفرنسيون الجانب اللبناني أنهم يتعرضون لضغوط أميركية كبيرة، وأن قرار المحكمة بتأكيد إطلاق سراح جورج يمكن البناء عليه واتخاذ قرار بترحيله وتجنب أزمة مع الأميركيين، باعتبار أن القضاء سيد نفسه.
وقد هاتف عمر الناطور ممثل الحكومة اللبنانية جورج إبراهيم عبدالله في سجنه في لنمزان لإطلاعه على المساعي التي تبذلها البعثة، وإبلاغه تضامن لبنان معه. وقال عبدالله للناطور إن «كرامة البلد وكرامتكم قبل كل شيء».
تأتي هذه المماطلة الفرنسية في وقت يرتفع فيه منسوب الخوف الفرنسي على مصالح الدولة الفرنسية في لبنان. ولا يقتصر خوف فرنسا من ردة الفعل اللبنانية على المماطلة الفرنسية بقضية جورج عبدالله، بل يتعداه إلى تصريحات الرئيس فرانسوا هولاند الأخيرة بشأن تسليح المقاتلين السوريين والخشية من أن يعمد الحلفاء المحليون للنظام السوري (داخل لبنان) إلى مهاجمة المصالح الفرنسية، وهو مشهد يستعيده الفرنسيون من مطلع ثمانينيات القرن الماضي، عندما كانت فرنسا ترسل الأسلحة إلى العراق لمواجهة إيران.
وفي السياق، ينقل الكاتب الفرنسي في صحيفة «لو فيغارو» جورج مالبرونو عن أحد الرعايا الفرنسيين قوله «لقد نبهونا (في السفارة الفرنسية في بيروت) إلى ضرورة توخي الحذر في تنقلاتنا التي أصبحت تشكل خطراً علينا».
وبحسب مالبرونو، لا يخفي السفير الفرنسي باتريس باولي نفسه قلقه من قيام السوريين بتوجيه «تحذير» إلى فرنسا عبر لبنان. أما هذا الخوف فتترجمه فرنسا، بحسب مصدر ديبلوماسي في باريس، ببحث السفير باولي عن مقر جديد للسفارة «أكثر أمناً» في المنطقة المسيحية في بيروت، حيث أن السفارة الحالية (في المتحف) «قريبة من الضاحية الجنوبية» وفق الفرنسيين.
وازدادت حدة هذه التهديدات بعد اختطاف موظف يعمل في الثانوية الفرنسية في بيروت، يحمل الجنسيتين الفرنسية واللبنانية. وقد أشار مصدران فرنسيان لمالبرونو إلى أن الرجل قد اختطف من منطقة السوديكو بالقرب من السفارة، ثم تمّ العثور عليه في اليوم التالي مجرّداً من ثيابه في الضاحية (الجنوبية).
الجدير ذكره أن هذه الحادثة لم تتداول من قبل في لبنان، وقد نفاها أحد الديبلوماسيين الفرنسيين في بيروت، فيما تساءلت الأجهزة المختصة ما إذا كان «يجب اعتبار هذا الاختطاف رسالة أم أنه مجرّد اعتداء بغاية السرقة؟».
وفي موازاة ذلك، يشير مالبرونو إلى أن الوحدة الفرنسية العاملة في اطار قوة «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني هي اليوم في حالة تأهب. وبحسب الكاتب الفرنسي، فإن الجنود الفرنسيين (1000 جندي) «يشكلون صيداً ثميناً بالنسبة لمن يريدون استهداف فرنسا». وعليه، يؤكد أحد المراقبين في لبنان أن الفرنسيين «يخشون التعرض للهجوم، وقد أصبحت تنقلاتهم محدودة، ويتنقلون باللباس المدني».
وكان للمراكز الثقافية الفرنسية نصيب من المخاوف الفرنسية. وقد علّق أحد الفرنسيين بالقول «إذا قمنا بإرسال السلاح إلى المتمردين (السوريين)، لن يتم استهداف البريطانيين»، وأشار إلى ما كُتب على جدران السفارة الفرنسية مؤخراً «فرنسيون، أنتم عاهرات الأميركيين»، وذلك في إشارة إلى رفض فرنسا الإفراج عن جورج ابراهيم عبدالله.
وفي النهاية، أمل أحد عناصر الاستخبارات في خلال الحديث مع مالبرونو «أن تكون تصريحات هولاند مجرّد كلام»، معللاً ذلك بالقول «إن إرسال الأسلحة للمقاتلين يعني المشاركة في عمل عدائي ضد دمشق. يجب أن نتذكر تفجيرات الثمانينيات (في بيروت) عندما قمنا بتسليم صدام حسين الطائرات التي كانت تقصف طهران».