المستقبل في صيدا: دعاية سياسية في الشكل وضرب ممنهج للوجود المسيحي في المضمون
موقع التيار الوطني الحر الإخباري ـ
بسام نصرالله:
هبت النخوة في تيار المستقبل في صيدا بعد حادث اطلاق النار داخل كنيسة مار يوسف في بقسطا في شرق صيدا من بندقية صيد في اعتداء صبياني تعصبي مجرم، وتحركت النائب بهية الحريري لتطالب قيادة الجيش بوضع نقطة ثابتة أمام الكنيسة الصغيرة التي تقع على الطريق بين بقسطا وكرخا في موقع يبعد أكثر من كيلومتر عن اقرب بناء سكني، فما سبب كل هذا الإهتمام وهذا الإستنكار؟
العارفون بالتركيبة السياسية لمدينة صيدا ومحيطها، والمتتبعون لحركة النائب الحريري ولتيار المستقبل عموماً وأبناء قرى شرق صيدا لم يستغربوا هذه الحركة الدعائية التي يمارسها المستقبليون ببراعة مطلقة، وهي جزء من استراتيجية عامة يطبقونها على المستوى الوطني العام وتقضي بالظهور الدائم بمواقف انفتاحية على المسيحيين وتظهير تيارهم على أنه يمثل الإعتدال السني. وتقوم هذه الإستراتيجية أيضاً على احترام الخصوصية السنية لكل منطقة لبنانية ينتشر فيها المستقبل، فهم على سبيل المثال حلفاء درجة ممتازة مع حزب القوات اللبنانية على الصعيد الوطني حيث يستميت الطرفان في الدفاع عن هذا التحالف، أما في صيدا ومنطقتها فالمستقبل يحاذر الإعلان عن استقبال وفود قواتية واجراء أي اتصال أو تنسيق مع هذا الحزب لرفض الصيداويين تقبل تلك العلاقة لما للقوات من تاريخ سيئ مع المدينة وأهلها خاصة خلال أحداث 1985.
وأبناء منطقة صيدا يعلمون علم اليقين ان الدعاية والمظاهر لدى تيار المستقبل شيء، والحقيقة الممارسة شيء آخر مختلف. هم يتذكرون جيداً كيف تم منع أبناء الهلالية جارة صيدا من إعادة بناء كنيستها التي جرفتها أيد يعرفها تيار المستقبل بعد أحداث نيسان 1985، ولم يقم تيار المستقبل بأي مجهود لنهي الجهات المعترضة لإعادة بناء الكنيسة عن موقفها والتي تسكن في الهلالية وهي مسجلة في سجلات قيد مدينة صيدا ومقربة منه، ولم يُصدِر لا المستقبل ولا مسؤولوه ولا نوابه أية إدانة أو استنكار لهذا المنع، فما كان من أبناء الهلالية إلا القيام ببناء كنيسة صغيرة في عقار آخر.
ولم ينس أبناء قرى شرق صيدا كيف رفضت حكومات المستقبل المتعاقبة منذ العام 2001 تطبيق القانون 362 الذي يساويهم في قيمة التعويض كمهجرين مع مواطنيهم من أبناء جبل لبنان. قرى بأكملها تم تسويتها بالأرض في أحداث 1985 ولم يستطع حتى الآن أبناؤها اكمال بنائها بسبب قيمة التعويض الغير الكافية حتى لبناء هيكل من الخرسانة.
ومنظر النفايات المتراكمة في شوارع البلدات باق في أذهان أبنائها يوم أقفلت بلدية صيدا، وبدعم كامل من نائبي المدينة، مكب النفايات فيها عن بلديات شرق المدينة في محاولة يائسة للضغط على رؤساء هذه البلديات لانتخاب رئيس بلدة صيدا على رأس اتحاد البلديات ذات الغالبية المسيحية المطلقة.
وكيف ينسى أبناء الميه ميه منازلهم وعقاراتهم المصادرة في أحد أحياء البلدة من فلسطينيين وكيف منعت النائب الحريري من خلال نفوذها في الدوائر الرسمية في صيدا تنفيذ أحكام الإخلاء الصادرة عن المحاكم اللبنانية منذ العام 2001.
الظاهر أن البازار الدعائي سيرتفع شيئاً فشيئاً، فالإنتخابات على الأبواب، وأحد قوانينها المقترحة النسبية، وصيدا وشرقها وجزين وساحلها في دائرة انتخابية واحدة. وتيار المستقبل المكشوف لدى أبناء المنطقة لن يألو جهداً لتلميع صورة مهترئة بممارسات إلغائية عبر تصاريح ومواقف فارغة في مضمونها ومنفتحة في ظاهرها.