المجتمع المدني، زلّة لسان أم خطأ مقصود؟
موقع إنباء الإخباري-
محمد أحمد السيد قاسم*:
بالفرنسية هو (société civile) ،وكلمة (civil) هي صفة تعود إلى جذر إسمي لاتيني هو (civis)
أي مدينة أو الحاضرة، من هنا، كان بعض النحاة يفضلون تعريب المصطلح (مجتمع مدني بضم الميم) في حين أصر آخرون على النسبة إلى المفرد لا إلى الجمع، فأبقوا على النسبة إلى مدينة وعلى الميم مفتوحة.
المهم في الأمر ،ليس اللفظ بذاته، إنما الدلالة ؛ فالمجتمع يعني الكلية وليس البعضية، والمدني يعني ما يميز مجتمع الحواضر عن غيره من المجتمعات، لذا، فإننا نلحظ، في المجتمعات حيث مراكز الثقل الديموغرافي، وجود أنشطة ومؤسسات وهيئات وتجمعات تميز المدينة عن غيرها، وقد تعطيها هوية خاصة بها أو قد تكون مشتركة مع غيرها فيها… لنأخذ مثلاً على ذلك :لنفترض أننا في بعلبك، أسسنا جمعية تهدف إلى الحفاظ على وجوه من الثقافة البعلبكية، المأكل أو المشرب أو على جمالية قلعتها… نكون إذن في المجتمع المدني الخاص. أما إذا أحصينا الأندية الرياضية والثقافية والتجمعات المهنية والنقابات والأحزاب العقائدية والوطنية، أو تلك البيئية والتعاونيات، وكل الأنشطة ذات الطابع العام فإنها تشكل جزءا من المجتمع المدني، وهناك من يعتبر أن المجالس المحلية، هي الأخرى، جزء من المجتمع المدني…
يأتي المجتمع المدني هذا قبالة المجتمع البدوي، لعدم إستقراره ، أو قبالة المجتمع العسكري لأن الأخير مختص بناحية من نواحي الحياة. وقد يكون قبالة الحكومة أو السلطة، لإعتبار الأنشطة المدنية أهلية يقوم بها الناس دون توجيه أو إستثمار أو قولبة وحتى دون تمويل من خارج الجماعة….
هنا نرى أن المنظمات غير الحكومية تشكل هامشاً من المجتمع المدني، (organisation non gouvernementale) ،وطبعاً ودائماً، بشرط الإنتماء ووضوح الهدف والسياسات العامة والتمويل والإنفاق والشفافية، وخضوعها للمراقبة والمحاسبة والمساءلة التي يفترضها أي نظام ديمقراطي في العالم.
السؤال المثير هنا هو :
لماذا يختصر البعض المجتمع المدني بالمنظمات غير الحكومية (بعضها وليس جميعها)؟ ثم هل تخضع هذه المنظمات للمعايير السابقة الذكر؟ أم أنها على شاكلة المنظومة السلطوية، أو هي جزء منها؟ (نحن نعلم أن غالبية زوجات رجال السياسة في لبنان كن صاحبات باع في مجال هكذا مؤسسات غير حكومية).
إذا كانت بعض تلك المؤسسات جزءاً من نجاسة الحكم، فهل يكون المستجد منها أداة تطهير؟
*كاتب لبناني