المتغيرون
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
كانوا يتحدثون عن الرئيس السوري بشار الأسد في حفلة تقييم لدوره، وقدراته. مجموعة من المثقفين الذين قرأت لبعضهم قبل أكثر من سنة فوجدته في خصومة مع الرئيس السوري، وإذا به اليوم أصدق المحبين له.
لم افاجأ.. فكثيرون وقعوا في الحسابات الخاطئة، او المصطلحات التي صدقوا انها حقيقية مثل الإصلاح والديمقراطية والحرية. يبدو ان حظوظ الأسد عالية كي يستمر العصيان عليه طوال هذه المدة فتنكشف الحقيقة ويبان الخيط الابيض من الاسود.
ومع ذلك، افترض ان كاتبا واعيا ليس له ان يسقط اسير كلمات يسيل لها اللعاب كلما ذكرت. الوعي تحليل وادراك .. ومع اهمية ان يصحح المرء موقفه وان يستدرك الخطأ قبل فوات الأوان، الا ان سوريا بالذات لا تحتاج للكثير من التأويل اذا ما عرفنا التاريخ الوطني لمن يحكمها، ودلالات حكمه، وطبيعة ارتباطاته وعلاقاته، ومن هم الأقرب إليه، وعلى ماذا يبني خطابه السياسي. فكيف إذا عرفنا خلاصة تربيته في حزب عقائدي، عموده الفقري الوحدة العربية، والصراع ضد الامبريالية والإقطاع والاستعمار، وان جوهر القضية التي هي ركن استراتيجي من اركان فكره هي فلسطين.
استمعت بشغف للمتغيرات التي بدأت تطرأ على هذا البعض الذي اكتشف الحقيقة فتحول من خصم إلى مؤيد .. ليس من عادة الديمقراطية ان تلزم الجميع بموقف واحد، هي تترك لهم الحرية في ما يعتقدون. لكن الديمقراطية في حالة سوريا ليس لها أهمية، طالما ان الصراع في غاية الوضوح، وتظهر دلالاته يوما بعد يوم، ان لا وسطية في الموقف اتجاهها، فإما مع أو ضد.
ثم انا من المؤمنين بالزعيم والقائد .. اعتقادي بهذا الموقف عائد إلى خبرة طويلة في ميدان السياسة والأنسنة، وقد ثبت لدي ان القائد يصنع الحدث، لا احداث داهمة في حياته لأنه قادر على الالمام بما قد يقع وله في ذلك حساباته، وخصوصا في منطقة مثل بلاد الشام التي تتمتع تاريخيًّا بموقعها المؤثر الذي لعب دورا بارزا في كل العصور والعهود.
مرحبا بالتغيير الذي طرأ اذن على بعض من صدق أو تماشى مع جو الحراك العربي الذي يشبه كرة الثلج التي تتدحرج.
خلال سنتين من الصراع على سوريا تغير الكثير.. حتى من استعملوا مصطلحات الاصلاح وغيره نسوها وتاهوا في غمرة عنادهم اسقاط النظام، حتى انهم صدقوا في تواريخ متعددة انه ساقط لا محالة، فإذا به اليوم يصرعهم جميعا، ويرمي احلامهم السوداء تحت اقدام جيشه العربي السوري ويقدم عرضا من المكاسب سوف تزيد مع تقدم الأيام بعد دخول عناصر جديدة على هذا الجيش من امكانيات تدريبية ومن تجربة متطورة شعارها تعلم الميدان في الميدان.
سررت كثيرا بأن أرى نخبة من المثقفين يعيدون حساباتهم بعدما اكتشفوا ان المعارضة الإرهابية المسلحة باتت اساءة للإنسانية وللعروبة وللغد وللمستقبل وانها لا بد ان تقتل نفسها بنفسها، ومن سمات الارهاب عادة ان عمره قصير، وانه يسيء لدوره كلما طال امد اقامته في اي مجتمع لأنه غريب عنه تماما.