’الكاوبوي’: تعاملٌ مع ’الموساد’ وتخطيط لاغتيال جنبلاط وتشكيل خلايا مسلّحة لمواجهة حزب الله
الاشتراكي السابق الذي كشفت المعلومات الأمنية أنّه اعترف بالتورط في مخطط لاغتيال النائب وليد جنبلاط، اتّهمه قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، مع حمود عوض وهيثم القضماني وناجي نجار ومنذر الصفدي، بالتعامل مع العدو وعملائه والسعي لتجنيد أشخاص لمصلحته. وكشف القرار الاتهامي أنّ فخر شكّل مجموعة مسلّحة للقيام بأعمال إرهابية بهدف اغتيال جنبلاط، وخطّط لتمويل مجموعات مسلحة مادياً.
ووفقاً لـ”الأخبار”، سرد القرار الاتهامي حكاية “الكاوبوي”، المسؤول العسكري للحزب التقدمي الاشتراكي في منطقة رأس بيروت خلال الحرب الأهلية؛ فذكر أنّه غادر لبنان عام 1987 إلى الولايات المتحدة حيث قضى ٢٤ عاماً متواصلة، لأنه كان ملاحقاً من الاستخبارات السورية. ومنذ عام ٢٠١١، تردّد إلى لبنان مرات عدة، كان آخرها في تموز الماضي. وفي آب الماضي، استُدعي فخر إلى التحقيق، وصدرت بحقه مذكرة توقيف وجاهية، بعدما اكتشف الأمن العام أنّه يتواصل مع شخص مقيم في “إسرائيل” يُدعى مندي الصفدي، وهو مقرّب من رئيس الوزراء الإسرائيلي. وتبيّن أنّ هدف التواصل التشاور لدعم المجموعات المسلّحة في سوريا وتجنيد عملاء لمصلحة الموساد.
النائب وليد جنبلاط
وخلال استجواب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لفخر، أبدى الأخير صلابة، لكنه ما لبث أن انهار بعد مواجهته بمضمون المحادثات مع أحد مشغّليه الإسرائيليين، وأدلى بسلسلة اعترافات، من بينها تكليفه باغتيال جنبلاط. وأوضح أنّه كان على علاقة صداقة قديمة مع عنصر في الاستخبارات السورية يُدعى مُهنّد موسى، تعود الى أيام الوجود السوري في لبنان. وبحسب فخر، كان موسى مقرّباً من رئيس جهاز الأمن والاستطلاع غازي كنعان. وأفاد بأنّه تواصل منذ خمسة أشهر مع موسى عبر فايسبوك، وتحدثا عن الوضع السوري، وأن الأخير أبلغه أنه على علاقة طيبة مع مُضر وريبال رفعت الأسد، وأن ريبال مقيم خارج سوريا ويقيم علاقة جيدة بالأميركيين وسيكون له دور في سوريا، فيما مُضر مقرّب من الرئيس بشار الأسد. ونصح موسى فخر بتوطيد علاقته بالرجلين للاستفادة في حال أي تطور حصل في سوريا. وأبلغه صراحة أنّ جنبلاط لن يبقى على قيد الحياة، وسيتم اغتياله قبل تشرين الثاني ٢٠١٦، لأن السوريين غير راضين عنه والروس تخلّوا عنه، فعلّق فخر بالقول: «بدكن تروّحوه رَوْحوه». وعن دوره في عملية الاغتيال، نفى بداية أي علاقة له. إلا أنه لدى مواجهته برسائل إلكترونية، من بينها واحدة جاء فيها أنه «يوماً ما سيأخذ بالثأر من الذين كانوا السبب بخروجه من لبنان وبقائه ثلاثين عاماً في الخارج»، ولدى سؤاله عمن يقصد بكلامه، أجاب أنّه قصد فيها جنبلاط والأشخاص التابعين له، ومن بينهم نشأت أبو كروم.
وأقرّ فخر بأنّه عمل على تشكيل مجموعات مسلّحة لحماية الدروز خارج عباءة جنبلاط. وأوضح أنّه تعرّف في حفلة في لوس أنجلس عام ١٩٩٧ إلى ناجي نجار الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع جهاز FBI وعَمِلَ مستشاراً للجنرال فاليلي، أحد كبار ضباط الجيش الأميركي المتقاعدين. وأضاف أنه عاد منذ ثلاث سنوات الى التواصل مع النجّار عبر فايسبوك، وتناقشا حول الوضع السوري ومصير الدروز، وتوافقا على وجوب تشكيل مجموعات مسلّحة في البيئة الدرزية. وبالفعل، حضر فخر إلى لبنان عام ٢٠١٢، وبدأ بالتخطيط للتنفيذ، وتواصل مع عدد من العناصر السابقين في الحزب الاشتراكي لإقناعهم بالانضمام إلى هذه المجموعات «للدفاع عن المناطق الدرزية ضد أي اعتداء، خاصة من حزب الله، والسيطرة على طريق الشام ــــ بيروت وطريق راشيا عين عطا، والقرى الدرزية المحاذية لجبل الشيخ من ينطا حتى كفرقوق وعين عطا، وتأمين ظهر الثوار السوريين في جبل الشيخ من الناحية السورية وإمدادهم بالمقاتلين والسلاح من الداخل اللبناني». وقال فخر إن النجّار نصحه بالتواصل مع الضابط السوري المنشقّ رياض الأسعد، وأنه بالفعل تواصل معه عبر سكايب ونسّقا معاً لخطوات عملانية. لكنه توقف عن التنفيذ بسبب تمركز حزب الله على الحدود اللبنانية ــــ السورية. وأنهى «الكاوبوي» إفادته بأنّ علاقته مع الاستخبارات الاسرائيلية بدأت بعدما عرّفه النجّار على شخص سوري يحمل الجنسية الإسرائيلية يدعى مندي الصفدي، ويعمل مستشاراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي. وكشف أن تواصله مع الصفدي تمحور حول تأمين السلاح والذخيرة للثوار عبر الجولان المحتل، وللدروز على حدود إسرائيل لحماية أنفسهم من هجمات «النصرة» و»داعش». وأضاف أن مندي كلّفه بتجنيد أشخاص لمصلحته مقيمين في الولايات المتحدة، وقد تمكّن فعلاً من إقناع هيثم القضماني، الملقب بـ«أبو سعيد»، بالعمل مع مندي. وأوضح أنّ القضماني سلّم حمود عوض ١٨٥ ألف دولار لشراء السلاح من لبنان وإرساله إلى الداخل السوري، لكنّه لم يشترِ شيئاً واستولى على المال. كذلك تحدّث عن علاقته مع محمد النعيمي وشقيقه «أبو حسين» اللذين تعرف إليهما بواسطة الصفدي. وخلال تواصله مع «أبو حسين»، عَلِمَ منه أنّه يحتجز ١٨ جندياً من الطائفة الدرزية. وقال إنّه تمكن من إقناعه عبر «سكايب» بتخلية سبيلهم مقابل تزويد جماعته من الثوار بأجهزة كمبيوتر وكاميرات حديثة.
وكشف فخر أنّه خلال عام ٢٠١٢ توجّه إلى مطار بيروت للعودة إلى الولايات المتحدة على الخطوط الجوية الإيطالية، لكنّ موظف الشركة أبلغه بضرورة مراجعة السفارة الأميركية في بيروت. وفي السفارة سلّمته إحدى الموظفات ظرفاً مقفلاً وجواز سفره الأميركي، وطلبت منه عدم فتح الظرف وتسليمه في مطار بوسطن للسلطات هناك. وعندما أخبر ناجي نجار، الذي يحمل الجنسية الأميركية باسم «مايك ريتشارد ستيفنز»، بما حصل معه، أرسل له الأخير بطاقة تعريف تتضمن اسم ضابط أميركي متقاعد يدعى تيم هانت مع رقم هاتفه، لمساعدته عند الضرورة. وبعد يومين، عاد إلى الولايات المتحدة، ولدى وصوله إلى مطار بوسطن، اقتيد إلى التحقيق الذي دام حوالى أربع ساعات حول سبب زياراته للبنان. وذكر «الكاوبوي» أنّ علاقته توطدت بالضابط الأميركي، وأنّ التواصل كان يتم عبر بريده الإلكتروني، كاشفاً أنّ الأخير كلّفه بجمع بعض المعلومات العسكرية.
واتّهم أبو غيدا يوسف فخر ومهند موسى بمواد اتهام تصل عقوبتها إلى الإعدام.