الفيصل وهستيريا الفشل
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
خرج سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي يوم امس بموقف تصعيدي ضد الدولة السورية والرئيس بشار الأسد و نسج على منوال مشايخ قطر وموظفهم في الجامعة العربية نبيل العربي بمطالبة مجلس الأمن اتخاذ قرار يريدونه في الفصل السابع تحت عنوان استحالة الحل السياسي مع الدولة السورية !
أولا وسط كومة من الأكاذيب صدق الفيصل بعبارة : نحن في مأزق ، التي أتبعها بإعلان إفلاس المملكة وشركائها في الحرب على سورية وعجزهم عن تطوير العدوان ، وأول الأكاذيب المفضوحة في كلامه هذا باتت مكشوفة لكل من يعقل ويفكر، فالرئيس بشار الأسد هو من يبادر لطرح الحلول منذ عامين و هو من يدعو للحوار وهو من يتمسك بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع التي لا يعرفها آل سعود، فهم فقط يعرفون صناديق المال، اما صناديق الاقتراع فلا يسمح بها في مملكة السياف و المطاوع ، بينما الأمعات والمرتزقة الذين تمولهم وتدعمهم حكومة المملكة وشركاؤها ويسمون تارة بالمجلس الانتقالي وطورا بالائتلاف، فأولئك يخافون الاحتكام للإرادة الشعبية ويرفضون الحوار لأنهم كناية عن جماعات هامشية بالكاد تمثل أقلية محدودة من المجتمع السوري، وهم يعرفون مقدار الوعي الشعبي السوري ويدركون ان فصائل المعارضة الوطنية التي شاركت في الحوار او ستشارك فيه تمتلك ما يتجاوزهم بكثير في المصداقية والوزن التمثيلي كما يعرفون بكل تأكيد حجم التأييد الحاسم لزعامة الرئيس بشار الأسد الذي ترمي الإمبراطورية الأميركية بثقلها لمنع ترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة لأن فوزه محتوم كما يرى العديد من المراقبين والدبلوماسيين في المنطقة وفي العالم .
ثانيا إن أي متابع لمسار التداول الجاري عالميا حول الوضع السوري يلاحظ التأكيد على مبدأ الحل السياسي، أي على التفاوض بين الدولة السورية والمعارضة دون تدخلات اجنبية او شروط مسبقة، وهذه الحصيلة فرضها صمود سورية بشعبها وجيشها ودولتها الوطنية، وبالتالي فهي حصيلة التطورات والتوازنات التي رسخت استحالة شن حملة عسكرية عدوانية طالب بها الفيصل وسواه غير مرة وتمنوا كثيرا وقوعها. أما سيدهم الأميركي فقد ركع للمعادلات و اقتصر عدوانه على استخدام الأدوات العميلة التي ساهمت السعودية بقسطها الوفير في حشدها وتسليحها وتمويلها مع قطر وحكام ليبيا الجدد، كما تعاونت الحكومة السعودية في تسعيرها مع تركيا والتنظيم العالمي للأخوان المسلمين وتنظيم القاعدة في شتى انحاء الكرة الأرضية من ضمن التحالف العالمي الصهيوني لتدمير سورية الذي تقوده الولايات المتحدة.
ثالثا بات واضحا بالدليل القاطع منذ الفيتو الصيني الروسي المزدوج ان كل وهم باستصدار قرارات في مجلس الأمن الدولي لتسعير الحرب على سورية ، ساقط مع أصحابه، وجميع اختبارات السعودية وقطر وتركيا لتبديل هذا الواقع منيت بالفشل وكذلك كان مصير المسعى الذي قام به الغرب بقيادة الولايات المتحدة ولم تفلح عروض المال والصفقات الكبرى التي حملها شيوخ قطريون وأمراء سعوديون إلى بكين وموسكو في زعزعة الثبات الاستراتيجي لدولتين هما حليفتا الرئيس بشار الأسد و شريكتاه في قيادة معسكر التحرر العالمي من الهيمنة الأحادية الأميركية. وقد وفر ثبات هذا القائد المقاوم لحلفائه إنجازات عظيمة من ثمار صمود سورية بقيادته قبل ان يتاح له إعلان النصر لشعبه، فقد رضخت واشنطن لحقيقة سقوط الاحادية الاميركية بفضل الصمود السوري، وهي تطرق أبواب طهران بالوسطاء والموفدين لاستجداء التفاوض، وهذا أشد ما يرعب امراء المملكة الغارقين في اضطرابات داخلية وفي مستنقع البحرين ومأزق اليمن كما هم مستغرفون في الورطة السورية.
رابعا تجمع التقارير والمعلومات المتداولة في الكواليس على وجود خطة لتصعيد عمليات القتل و التدمير في سورية تسبق اللقاء المرتقب بين الرئيسين بوتين واوباما والذي سيناقش جدول أعمال طويل يتقدمه الوضع السوري ، و كلام الفيصل هو جزء من سيناريو التحضير السياسي لفصل دموي جديد على الأرض من المرجح انه سيسفر عن هزيمة جديدة للمرتزقة و الإرهابيين متعددي الجنسيات ، على الرغم من ان عصابات المال و النفط الحاكمة في الخليج تلقي بثقلها لتمكين القاعدة و شركائها من تحقيق أي إنجاز ميداني خلال الأسابيع المقبلة و توظف العائلات الحاكمة صبيانها في سورية و لبنان و عبر المنطقة و العالم في حشد الدعم السياسي والإعلامي وفي تمرير الأسلحة للعصابات داخل سورية و تتدفق الاموال على جيوب مسؤولين كبار في الغرب و تركيا و في لبنان و الأردن لتسهيل هذه العمليات القذرة من قطر و السعودية بصورة خاصة و كذلك من مواقع نافذة في الإمارات و الكويت .
خامسا الهستيريا السياسية يفسرها الفشل فأمراء المملكة المتورطون في الأحداث السورية و خصوصا سعود الفيصل و بندر بن سلطان يدركون انهم سيرحلون عن مواقعهم حين تتبلور المعادلات الجديدة و عندما ينضج قرار التسليم الأميركي بالفشل في إسقاط الرئيس بشار الأسد و في تدمير الدولة الوطنية السورية التي قدمت في أربعين عاما نموذجا متقدما على جميع الدول العربية في خيارها القومي التحرري و في تماسكها الداخلي بل و في مجال التنمية و البناء الاقتصادي المستقل و الاكتفاء الذاتي.
الفشل في سورية اطاح بديفيد بيترايوس الذي وصفته صحافة بلاده بأنه أعظم جنرالات اميركا منذ الحرب العالمية الثانية و رحلت هيلاري كلينتون عن الخارجية و ليون بانيتا من البنتاغون. وبعض أمراء آل سعود الذين نال الكثير منهم خرف عظيم ، لن يكونوا أعز على اوباما من كبار مساعديه حين يتجه إلى احتواء هزيمته بأقل الخسائر فسوف يلزم حكام تركيا وقطر والسعودية ومصر أيضا بدفع الفاتورة الأكبر.