الغوطة الشرقية: عملية «فك الحصار» انتهت بتشديده… زهران علوش يفشل في أولى تحديات تحالفه الجديد ميدانياً
يبدو أن فصول الحرب التي تجري على أرض «الغوطة» وريف دمشق، بدأت تتحول إلى شكل من أشكال التحدي وإثبات البراعة العسكرية بعيداً عن النتائج والأرقام والخرائط، فهي في الشكل العام صراع مقاتلين وآلات عسكرية، لكنها في بعدها الخاص صراع «عقول عسكرية» يحاول كل قائد ميداني فيها، أن يضع فيها أفضل خططه، وينفذها بإتقان، ويحصد الانجازات كما الابتسامات بعيداً عن الكاميرات، ابتسامات لا يرى مفاعيلها سوى خصمه على الطرف الآخر من الجبهة.
هذا ما فرضه قادة وضباط الجيش العربي السوري في الميدان، وهذا ما حاول قادة «المسلحين» أن يقلدوه، ولكنه ولسوء حظهم، حصل بنسخة رديئة، وكانت نتائجه الوخيمة أكبر إثبات على جهلهم بأصول لعبة الشطرنج العسكرية.
تعمد «تحالف المسلحين» الوليد حديثاً عبر عملية تجميع لبقايا الكتائب والألوية المهزومة في معارك «الغوطتين»، إعلان انطلاق عملية «فك الحصار» عن الغوطة تحت مسمى أكبر من حجمها، فك الحصار عن الغوطة من خلال محورها الشرقي، وتحديداً عند جبهة البحارية – ميدعة، في الوقت الذي كانت فيه تسريباتهم تحاول الإيحاء بأن الهدف هو فك «الطوق» عن المعضمية وداريا، لتشكيل تمويه اعلامي تضليلي حول العملية وإشغال ميداني هدفه الإرباك من جهة أخرى.
العملية التي خطط لها بأن تكون مفاجئة، جهز لها ما يقارب الألف مسلح بقيادة وإشراف «زهران علوش» التي نقلت مصادر خاصة أنه حاول من خلال تنفيذ تلك العملية رد الاعتبار لهزائمه السابقة في الغوطة من جهة، وإثبات مكانته أمام الكتائب والألوية التي توحدت تحت إمرته بأمر وتوجيه من «الممول السعودي» من جهة أخرى، حشد علوش في هذه العملية بعض ما تبقى من آلياته المدرعة ، التي تتألف من ٣ دبابات، وحوالي ٦ عربات BMP و عربتي شيلكا، لتأمين دفع هجومي مدرع الى جانب المشاة (١٠٠٠ مقاتل) خلال عملية اقتحام البحارية، الذي نفذ على دفعتين ولم يستطع تحقيق أي إنجاز ميداني يذكر.
وكما تبين لاحقاً من خلال مجريات المعارك الميدانية، فقد عمد المسلحون الى اقتحام المحور الأول والنقطة العسكرية المتقدمة لوحدة رصد تابعة للجيش السوري بواسطة عربة BMP كانت تساندها دبابة بالرمي عن بعد، وبتغطية من عربات الشيلكا، وما إن قطعت عربة الـ BMP النقطة الأولى، كان مدفع دبابة ت72 مجهز ومموه بطريقة ذكية بانتظارها وقام باستهدافها قبل أن يترجل العناصر الخمسة عشر منها، وتم تدميرها واحراقها بمن فيها، دخلت بعدها عربة الـ BMP الثانية مرمى النيران، وتم استهدافها بشكل مباشر في الوقت الذي تحركت فيه مجموعات متقدمة من الجيش السوري، لإستهداف عربتي الشيلكا* (واحدة نظامية وأخرى معدلة محلياً) وتدميرهما والتعامل مع «المشاة» والقضاء على عدد كبير منهم عند الساتر الترابي لجهة ميدعة، واستطاعت قوات الجيش العربي السوري صد الهجوم وتكبيد المهاجمين خسائر فادحة وابعاد من تبقى منهم لمسافة ٤٠٠ متر إضافية بعيداً عن مراكزهم السابقة التي أنطلقوا منها.
خسائر المسلحين في عملية الاقتحام الفاشلة لمحور لبلدة البحارية كانت كبيرة جداً وبالعشرات، حيث وكما تظهر الصور المرفقة تم القضاء على مجموعات بكامل عناصر عند الساتر الترابي لجهة ميدعة، كما تم قتل ١٥ عنصراً في عملية الإنزال البري الأول وحوالي ٧ عناصر في عملية الإنزال البري الثاني، قبل أن تحصد راجمات الصواريخ التي استهدفت الخطوط الخلفية للمسلحين عدداً آخر منهم.
تأمين القرية الشامية ومنطقة المطاحن
في الجهة الأخرى من الغوطة الشرقية وبالتحديد جنوباً وليس بعيداً عن المناوشات التي تدور في بساتين المليحة والمنطقة الفاصلة بينها وبين شبعا ودير العصافير، فشلت محاولات الإشغال الميداني في سحب القوات الفاعلة شمالاً، ورغم رفع الجيش للجهوزية العسكرية لوحداته عند حدود دير سلمان والنشابية والبحارية بعد هجوم المعارضة الفاشل، واصلت وحداته عملياتها المتزامنة مع تلك المواجهات، وتقدمت وحداته من محور القرية الشامية من جهة ومن محور المطاحن من جهة أخرى وتحركت مشكلة قوساً مدرعاً مدعماً بالمشاة ووحدات التخريب والهندسة، وعلى امتداد مساحة ٤٥٠٠ متر مربع، من المزارع والبساتين الواقعة خلف سكة الحديد وفي المنطقة الفاصلة بين مرج السلطان شمالاً ودير العصافير وسطاً وحتيتة التركمان جنوباً، وعملت على تنظيفها وتطهيرها بالكامل، دافعة العناصر المسلحة فيها الى التراجع، ومشكلة قوس «أمان» يغطي الطريق بين القرية الشامية والمطاحن طولاً وعلى امتداد مئات الأمتار عمقاً، منتزعة أفضلية ميدانية إضافية من أيدي المسلحين في تلك المنطقة الاستراتيجية التي كان المسلحون يستفيدون منها في محاولتهم ربط الغوطة الشرقية بالغوطة الغربية من نقطة الإلتقاء الجنوبية عند طريق مطار دمشق الدولي.
المصدر: موقع سلاب نيوز