الغرب الكاذب يفضح نفسه في أوكرانيا
صحيفة الوطن السورية-
تحسين الحلبي:
يستشهد العقيد المتقاعد من الجيش الأميركي دوغلاس ماك غريغور، وقد كان مستشاراً لوزير الدفاع الأميركي في إدارة دونالد ترامب وقد ألف خمسة كتب عن الحروب والسياسة الدولية، في تحليل نشره بعنوان «وصلت الأكاذيب إلى البيت» في 17 حزيران الجاري بعبارة للفيلسوف اليوناني ديوجين يقول فيها: «الأكاذيب هي عملة السياسة»، ويعلق ماك غريغور أن «إيجاد رجل صادق في واشنطن أصبح اليوم مستحيلا» ويتابع «فالصحافة الغربية قامت بكل ما في وسعها من أجل تصوير الجيش الأوكراني بقوة أكبر مما لديه، وكانت إدارة الحكم في واشنطن تقدم الأكاذيب طوال شهور للرأي العام الأميركي عن أسباب الحرب، وها هي وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية والغربية الأخرى تحضر خطابها الإعلامي لعرض انهيار القدرة العسكرية الأوكرانية، بعد أن كان ذلك مطلوبا قبل فترة طويلة».
ويكشف ماك غريغور أن «الإعلام الغربي كان يعرف الحقيقة ولكنه تبنى ما تريده واشنطن من حربها ضد روسيا بوساطة الوكيل الأوكراني، رغم أن كييف خسرت الحرب أمام روسيا ولن يكون بمقدور كل المساعدات العسكرية الأميركية والأوروبية ولا التدخل الأميركي العسكري المباشر تغيير هذه النتيجة».
يستخلص ماك غريغور أن «المشكلة أمام الغرب لم تعد تنحصر بموضوع أراضي وسكان أوكرانيا الشرقية التي تسيطر عليها موسكو الآن، بل إن موسكو ستضمن السيطرة التامة على خيرسون وزابورجيا وكل الدونباس وعلى المدينتين الروسيتين تاريخياً خاركوف وأوديسا اللتين يتحدث سكانهما بلغة روسية وأصبحت المشكلة تتعلق بكيفية إيقاف كييف للقتال».
في النهاية يقر ماك غريغور أن الدول الأوروبية التي اصطفت مع واشنطن دفعت ثمناً اقتصادياً باهظاً بسبب مشاركتها في دعم أوكرانيا، ثم انتقلت هذه الأضرار الاقتصادية إلى البيت الأميركي إضافة إلى نفقات الدعم الأميركي التي بلغت 60 مليار دولار بمعدل 18 ملياراً شهرياً من واشنطن وحدها، ويستذكر غريغور سلسلة الهزائم والخسائر الأميركية في العقدين الماضيين بسبب نفقات حروب واشنطن في أفغانستان والعراق وليبيا وسورية، والتي ما تزال تراكماتها السلبية مستمرة تضرب مكانة ونفوذ واشنطن واقتصادها وبخاصة بعد خسائر جائحة كورونا في السنوات الماضية.
يستنتج غريغور أن الحزب الديمقراطي سيتلقى خسارة في الانتخابات النصفية للكونغرس التي ستجري في تشرين الثاني المقبل بسبب الأزمات التي ولدها للولايات المتحدة في سياسته الخارجية المهزومة وفي نتائجها السلبية الفادحة على الاقتصاد الأميركي مثلما دفع الرئيس الأميركي هيربرت هوفر فاتورة «الركود الكبير» في الاقتصاد الذي ضرب الولايات المتحدة عام 1929 وزعزع أركانها، فدفع ثمنه هوفر في انتخابات عام 1932 هو وحزبه الجمهوري.
إن ماك غريغور عارض التدخل العسكري الأميركي في كوسوفو في تسعينيات القرن الماضي، وكذلك أجرى مقابلة مع القناة الروسية آر- تي بالانكليزية عام 2014 ليعرب عن معارضته لأي تدخل عسكري ضد روسيا بعد استعادتها لشبه جزيرة القرم والدونباس من أوكرانيا وأعرب علناً عن رأيه بحق روسيا ضم الدونباس والقرم لأنهما روسيتان.
في السياق ذاته، يرى المستشاران في مجلس الأمن القومي الأميركي بين 2005- 2009 ستيفين هادلي وتشارلس كوبخان في حوار مع مدير مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ريتشارد هاس في 31 أيار الماضي أن موسكو تمكنت من فرض نقاط قوة ميدانية عسكرية وسكانية داخل أوكرانيا على طريق تحقيق أهدافها وستستند لها في زيادة توسعها وسيطرتها بسرعة لكي لا يطول زمن هذه الحرب، كما يرى الاثنان أن خيارات الجيش الأوكراني بدأت تضيق كثيراً ولم يقدم الدعم الأميركي والأوروبي المباشر بالسلاح، نفعاً كثيراً في توسيع هامش مناورته في الدفاع والتحرك الميداني.
نخلص للقول إن جبهة موسكو وحلفاءها ما زالوا يثبتون تماسكاً ووحدة في الموقف في حين أن الدول الأوروبية ودول الأطلسي تفتقر لهذا العامل المهم والإستراتيجي بعد أربعة أشهر على الحرب الأميركية على روسيا وتدفع ثمنه اقتصاداً ومكانة دولية وعسكرية.