الغاز الروسي يتحول لورقة ضغط على أوكرانيا وأوروبا
وكالة الأنباء القطرية:
تحول الغاز الروسي من مجرد سلعة تتقاضى روسيا ثمنها، إلى ورقة ضغط على أوكرانيا وأوروبا بأكملها.
ويطفو على السطح من حين لآخر الخلاف حول الغاز بسبب الأزمة الاوكرانية الحالية، حيث انتقلت روسيا إلى الدفع المسبق لإمدادات الغاز لأوكرانيا بعد انتهاء المهلة التي حددتها لهذا البلد، ما يعني أنها لن تمدها سوى بكميات الغاز التي يتم دفع ثمنها مسبقا.
وبالرغم من ذلك صرح سيرجي كوبريانوف المتحدث باسم شركة /غاز بروم/، اليوم الخميس، بأن روسيا قامت بضخ 227 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب المارة بأوكرانيا خلال الساعات ال24 الماضية وذلك بزيادة قدرها 22% عن الأسبوع الماضي.
وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأربعاء ، بأنه يدعم فكرة بلاده حول تنويع طرق إمداد أوروبا بمصادر الطاقة، مشيرا إلى أن دعم روسيا لفكرة تنويع طرق إمداد أوروبا بمصادر الطاقة يعود إلى ارتفاع احتياجات الاقتصاد الأوروبي لمصادر الطاقة، مشيرا إلى أن تنفيذ مشروع /السيل الجنوبي/ في أقرب وقت سيسمح بتعزيز أمن الطاقة في أوروبا وتنويع طرق إمدادها بالهيدروكربونات وجعلها أكثر أمانا، الأمر الذي يكتسب أهمية خاصة على خلفية الخلافات السياسية الحادة داخل أوكرانيا، حسب تعبيره.
وتحتكر شركة /غاز بروم/ الغاز الطبيعي الروسي وتقدر قيمتها السوقية بنحو 160 مليار دولار وتمتلك الحكومة الروسية نصفها وتسهم في النصف الباقي شركات خاصة وأفراد.
وتقوم غازبروم بتزويد أوروبا الغربية والشرقية بنحو ربع احتياجاتها من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب المارة بأراضي أوكرانيا وهو ما يمثل نحو 80% من صادرات الغاز الروسية.
كذلك تتزود أوكرانيا من تلك الأنابيب بما يقرب من ثلث احتياجاتها من الغاز الطبيعي بأسعار منخفضة دارت حول رفعها إلى ما يقرب من الأسعار العالمية.
وتتهم أوكرانيا روسيا بأنها تضغط على كييف بورقة الغاز الطبيعي وخاصة بعد عزل الرئيس السابق فيكتور يانكوفيتش، الذي تقول روسيا إنه الرئيس الشرعي للبلاد.
ومع اشتداد المواجهة بين روسيا والغرب على خلفية ضم شبه جزيرة القرم وتطورات الأزمة الأوكرانية، فإن التلويح بعقوبات موجعة من قبل الغرب ما زال بعيدا عن أرض الواقع.
واقتصرت العقوبات التي تم فرضها على روسيا في المستوى الثاني على قوائم لمسؤولين ومؤسسات قريبة من الكرملين، لكنها لا تضر بقدرات الاقتصاد الروسي بشكل مباشر في المدى المنظور، مما لا يشكل ضغطا كبيرا على روسيا ربما يجبرها على مراجعة مواقفها، غير أن قضية الغاز تلعب دورا كبيرا في العملية السياسية، حيث تلوح في الأفق حرب غاز جديدة بين روسيا وأوكرانيا ورغم التطمينات من الطرفين فإن الاتحاد الأوروبي يحبس أنفاسه من مخاوف انعكاس الجولة الجديدة المنتظرة من حرب الغاز، بين الجارتين السوفيتيتين القديمتين، على إمدادات الغاز التي تعطلت مرتين خلال السنوات الماضية في 2006 و2009.
وفيما يملك الكرملين أوراق ضغط كبيرة ، أهمها اعتماد الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الغاز والنفط الروسيين، فإن عيون موسكو ترنو إلى عقد اتفاق مع الصين لاستكمال صفقة غاز ضخمة يجري الحديث بشأنها منذ نحو عشر سنوات، لتحقيق توازن في مبيعات مصادر الطاقة بين السوق الأوروبية التقليدية وسوق آسيا والمحيط الهادي الواعدة.
ولا يكف الخبراء الروس والدوليون عن التحذير بأن نموذج النمو الاقتصادي السريع، المعتمد على ارتفاع أسعار الطاقة ، ولى إلى غير رجعة ويشدد الخبراء على ضرورة إيجاد نموذج تنمية جديد يعتمد على تحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمارات ومكافحة الفساد والبيروقراطية وزيادة حصة قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد.
وتعد روسيا أكبر شركاء الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة وبمراجعة بعض المؤشرات تبرز أهمية دور الطاقة في علاقات الطرفين.. فأوروبا تعتمد على روسيا في قرابة 36% من واردات الغاز الطبيعي و31% من النفط و30% من الفحم ، في الوقت ذاته تبلغ حصة أوروبا من صادرات النفط الروسية حوالي 80% و70% من الغاز ونصف صادرات الفحم الروسي وفي حال توسع الخلاف بين الطرفين، على خلفية الأزمة الأوكرانية، قد تطرأ تغيرات كبيرة على هذه المؤشرات لتطال أسواق الطاقة العالمية.
وتحاول أوكرانيا بشتى الطرق ضمان تدفق الغاز الروسي عبر أراضيها وقال يوري برودان وزير الطاقة الأوكراني، انه تمت دعوة الاتحاد الأوروبي لإرسال مراقبين إلى بلاده للتحقق من عدم سرقة امدادات الغاز الروسية المخصصة للكتلة.
وكانت إمدادات الغاز الأوروبية، قد أصيبت بالاضطراب خلال آخر نزاع رئيسي على الغاز بين كييف وموسكو، في عام 2009، مما أثار مخاوف من تكرار الوضع.
وأوقفت /غاز بروم/ إمدادات الغاز إلى أوكرانيا الأسبوع الماضي بعد الفشل في التوصل إلى حل بشأن النزاع حول أسعار الغاز والفواتير غير المسددة.
إلا أن البلاد، التي تعاني من الصراع الانفصالي، لا تزال تشكل طريق عبور مهم لإمدادات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي.