العقيق اليماني.. حجر «يجلب الحظ» لحامله
بالرغم من تصنيفه كواحد من أفقر دول العالم، إلا أن اليمن يبرز كدولة غنية بثروات لا تُحصى، إلا أنها تبدو كـ«جواهر بيد فحام بدائي». وفي بلد كاليمن، تعرض خلال العقود الأخيرة لضربة سياحية واقتصادية، يأتي حجر صغير يعيد إليه البريق واللمعان اسمه «العقيق اليماني»، ويتحول إلى سفير نيات حسنة برغم أزليته الممتدة لقرون.
ويقول باحثون إن اليمن كان بمقدوره أن يغزو العالم بأحجاره الكريمة، ولكن التشجيع الحكومي لهذه الصناعة الحرفية البسيطة لم يكــــن في المســــتوى المطـــلوب، ما جعل حرفييها يتضاءلون عامــــاً بعد آخــــر.
وتنوعت الروايات حول بداية معرفة اليمنيين لهذا النوع من الأحجار الكريمة، والكثير من تلك الروايات تعود إلى عصر الدولة الحميرية، التي حكمت اليمن قبل عدة قرون.
ووردت أسماء العقيق كثيراً في كتب التاريخ، وله شهرة تاريخية كأحد الأحجار الكريمة النفيسة والمطلوبة في بعض الدول العربية.
وقال أحد الباحثين في «هيئة المساحة الجيولوجية» اليمنية «إن ذلك الحجر كان بمقدوره أن يصنع المجد لليمن لو أن الدولة أنشأت متحفا خاصا للأحجار الكريمة، وخصوصاً العقيق اليماني»، مشيراً إلى أن متحفاً كهذا كان سيجعل من اليمن قبلة للسياح وعلماء الجيولوجيا برغم الظروف الأمنية.
وتقول المعلومات إن ممارسة اليمنيين الأجداد لمهنة نحت الجبال وبناء القصور والمعابد أدت إلى اكتشافهم هذه «الحجارة الصماء»، وهي منافس قوي للذهب والفضة.
وتبرز منطقة أنس ذمار (مئة كيلومتر جنوب العاصمة صنعاء) كأشهر مناطق التعدين للعقيق، بالإضافة إلى محافظات صنعاء وتعز وعدن وحضرموت.
ويتخوف كثيرون من اندثار هذه الحرفة العريقة بسبب الإهمال المستمر لها من قبل الجهات الرسمية وعدم تشجيع الحرفيين على التنقيب عنها حيث تحتاج عملية التنقيب إلى إمكانيات ومعدات حديثة، برغم استمرار الكثير من الأسر التي توارثت المهنة بالتنقيب بالطرق التقليدية.
وبالرغم من زهد أسعاره مقارنة بالمجوهرات الأخرى، إلا أن هناك أحجاراً فاخرة وصل أسعار بعضها إلى حوالي ألفي دولار، بحسب حرفيين. ويشكو هؤلاء من دخول أصناف مغشوشة من العقيق إلى اليمن مصدرها الصين.
ولا يظهر العقيق اليماني كحجر زينة فقط تتزين به أعناق النساء على شكل آيات قرآنية أو أشكال مختلفة فقط، بل زاد من شهرته الأساطير التي جعلته حجراً مباركاً، يُدخل الفرح إلى القلب ويجلب الرزق لحامله. وساد اعتقاد واسع في أوساط صانعيه ومشتريه أيضاً أن التأثير النفسي لأحجار العقيق تمتد إلى الإنسان وإلى متغيرات حياته.
وبحسب الاعتقاد، بعض أنواع العقيق «يضاعف القدرات الجنسية»، وبعضها «يضاعف قوة الجسم وقدرته على تحمل التعب»، فيما يدّعي البعض أن العقيق اليماني «يمنع الجن وشرور الشياطين عن لابسه». ويربط الحرفيون اعتقادهم هذا بالبراهين العلمية، حين يؤكدون المقدرة الفيزيائية للعقيق، بما يمتلكه من قدرة كهرومغناطيسية تلقي بأثرها الإيجابي على لابسه بصورة إجمالية.
وللعقيق اليماني أشكال وأنواع عديدة، منه ما يكون بلون أحمر صافٍ وهو الرماني والكبدي، و«العقيق المصور» الذي يحتوي على تمازج لوني من أصل الحجر، وتتشكل داخله صورة مختلفة لوجوه إنسانية أو ملامح لحيوانات وطيور ونبات وأشكال أخرى، بالإضافة إلى «العقيق المشجر» الذي يحتوي على صور لنباتات وأشجار في أصل تكوينه، ويوازيه «العقيق المزهر» الذي تتكون فيه أشكال مبهمة. وقلَّ استخدام النساء في اليمن للعقيق كزينة في الصدر، أو أقراط في الأذن، حيث أصبح يقتصر على النساء المسنات اللاتي ما زلن يعتقدن أنه حجر مبارك.