العراقيون يواصلون التنديد بمشروع القرار الأميركي لتقسيم بلدهم
واصل العراقيون بمختلف اطيافهم ومكوناتهم الدينية والسياسية والاجتماعية التنديد بمشروع القرار الامریكي الرامي الى تقسيم بلدهم، واصفين هذه الخطوة بأنها تمثل تدخلاً سافراً في شؤون العراق.
فقد أعلنت المرجعية الدينية، رفضها القاطع لقرار مجلس النواب الامریكي الأخير بشأن العراق، مؤكدة أنه لا يمكن القبول به، داعية في الوقت نفسه القوى السياسية الى اتخاذ موقف واضح منه.
وقال ممثل المرجعية في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف: لقد تم التأكيد على أن المساعدات الخارجية التي تقدم للعراقيين في حربهم ضد الإرهاب وسعيهم للتخلص من عصابات داعش الإرهابية يجب ان لا تمس بحال من الاحوال سيادة العراق ووحدة ارضه وشعبه، مؤكداً أنه لا يمكن القبول بالقرار الاخير الذي صوت عليه مجلس النواب الأمریكي والذي يسمح بتقديم مساعدات لبعض المناطق من غير طريق الحكومة المنتخبة.
وأضاف الكربلائي: يفترض بالقوى السياسية أن يكون لها موقف واضح ضد هذا الاسلوب في التعامل مع الشعب العراقي، مشدداً على ضرورة بذل اقصى الجهود في الاتفاق على رؤية واحدة في تخليص المناطق التي لا زالت محتلة من قبل تنظيم “داعش” الارهابي.
من جانبها اعلنت الحكومة العراقية عن رفضها لمشروع القانون المقترح في الكونغرس الأمریكي بشأن التعامل مع الكرد والسنة في العراق كـدولتين، معتبرة أنه سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المنطقة، ودعت إلى عدم المضي به.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في بيان أن مشروع القانون المقترح في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمریكي مرفوض ويؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المنطقة، داعياً إلى عدم المضي به.
كما أعلنت وزارة الخارجية العراقية عن رفضها الشديد لمشروع القانون الامریكي، معتبرة ان ذلك يمس السيادة العراقية ويستهدف وحدة الشعب العراقي بوضوح .
وقالت الوزارة في بيان ان أي مساعدة تقدم للعراق في حربه ضد الإرهاب لا بد أن تراعي ثوابت العلاقات الدولية المبنية على الاحترام المتبادل لسيادة الدول وضرورة التعامل مع الحكومة المركزية حصراً في هذا السياق .
بدوره وصف رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، قرار الكونغرس الأمریكي بـالأمر الخطير، محذراً من أن القرار من شأنه تعميق الانقسام في المجتمع العراقي ودفعه باتجاه التشظي والتقسيم، داعيا الشعب العراقي إلى اليقظة والحذر وتوحيد الصفوف والدفاع عن العراق الموحد المنسجم الذي يضمن للعراقيين عزتهم وكرامتهم.
وفي وقت سابق اعتبر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر مشروع القرار الامريكي بأنه بداية للتقسيم العلني للعراق، داعياً الى رد حكومي صارم وبرلماني حاسم ضد هذا القرار.
وهدد الصدر في بيان بالقول: في حال استصدار قرار من مجلس النواب الامريكي فإننا ملزمون لرفع التجميد عن الجناح العسكري للتيار الصدري المتخصص بالجانب الامريكي ليبدأ عملية ضرب المصالح الامريكية في العراق بل وخارجه مع الامكان، مضيفاً أن امريكا أظهرت سوء نيتها ضد العراق الحبيب وكشرت عن أنيابها من خلال طرحها لهذا القرار.
وفي ذات السياق ندّد برلمانيون عراقيون بمشروع القرار الامریكي معتبرين أنه خطوة خطيرة ومرفوضة من قبل العراقيين.
وأكد النائب عن التحالف الوطني حيدر الفوادي ان هذا القرار هو كشف للنية الامريكية المبيتة التي كان نائب الرئيس الامريكي جو بايدن قد ألمح اليها في وقت سابق، وقوبلت في حينها بردود فعل شديدة من التيار الوطني العراقي.
وأضاف قائلاً ان واشنطن تريد ايجاد وضع مرتبك في العراق تتحكم هي من خلاله في موازين قواه لأجل وضع الكيان الاسرائيلي في أمان وتدعيم موقفه في المنطقة.
وطالب النائب الفوادي القوى السياسية والشعب العراقي برفض هذا القرار بكل الطرق المتاحة، وصنع منظومة رافضة له بشكل يجعل من المستحيل تطبيقه في العراق.
الى ذلك أعرب وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي عن رفض مشروع القرار الامریكي المشار اليه، مؤكداً ان ملفّ التسليح بيد الوزارة حصراً ولن تقبل التدخل به من أي جهة كانت، وان موقف وزارة الدفاع ثابت ولن يتغيّر بشأن آلية دخول الاسلحة الى العراق ومنحه لأي جهة كانت حتى وإن كان بعنوان هدية بعدما يتم تسجيله في الوزارة ويدخل في ذمتها .
واستغرب العبيدي مشروع القانون الأمريكي، مبيناً ان القادة الأمريكيين أكدوا مراراً على أهمية حصر السلاح بيد الدولة وإدارة وزارة الدفاع وإشرافها لملف التسليح ومنحه الى التشكيلات العسكرية بحسب الحاجة .
وفي سياق متصل أبدى اتحاد القوى الوطنية (الائتلاف السني في مجلس النواب العراقي) رفضه لمشروع قرار الكونغرس الامریكي، واصفاً هذا المشروع بأنه يمثّل بداية لتنفيذ مشروع نائب الرئيس الامريكي جو بايدن بتحويل العراق الى ثلاث دويلات .
وقالت عضو اتحاد القوى سهاد العبيدي ان الغاية من مشروع قرار الكونغرس هو جر الاطياف السياسية في العراق الى حرب طائفية وإضعاف البلاد كي لا تشكّل أي خطر على الكيان الاسرئيلي.
وفي الختام لابد من القول إن مشروع القرار الامريكي لتقسيم العراق هو امتداد لمشروع قديم أعده برنارد لويس لتقسيم العالم الإسلامي إلى دول أصغر من تلك التي قسمها اتفاق سايكس بيكو وهو مشروع يتحين الصهاينة والاستكبار العالمي الفرص لتنفيذه مستغلين الصراعات والخلافات السياسية والانقسامات الطائفية بين شعوب المنطقة وباقي العالم الاسلامي.