العالم بين التنين والدب إلى أين؟
وكالة مهر للأنباء-
منيرة الهاشمي:
قد يلوح لنا ان الحرب ضد روسيا هي حرب امريكية ضد الدب الروسي قد تكون في جانب ما هي كذلك ولكن في كل الجوانب هي لها اهداف مستقبلية حول النظام العالمي الجديد وحول ادارة هذا العالم الذي سوف يكتسح حكمه كامل الكرة الأرضية وذلك حسب المخطط المرسوم والذي كان من المفروض انه امسك بزمام الامور من عقد او يزيد غير ان الرياح تمشي حيث لا تشتهي السفن لقد ولدت اقطاب وجمهوريات او لنقل جمهورية جعلت من القطب الحارس او الشرطي الذي وقع اختياره منذ الحرب العالمية الثانية ينتكس ويفشل في كل ساحات القتال ولا يحقق المبتغى، ورغم ان ترامب حاول ان يحفظ ماء وجه امريكا ويخرجها من المستنقع بأقل الخسائر إلا ان إختلافه مع الحكومة العالمية حول من سيكون الوريث في ادارة العالم بعد امريكا جعله يسقط في انتخابات قال عنها انها مزورة. حيث ان ترامب رشح روسيا ويرى انها الأجدر بأن تكون شرطي العالم في المستقبل وهي اقرب اليهم من غيرها تيولوجييا وعرقيا بصفتهم من البيض بينما تختلف رؤية الحكومة العالمية ولايعنيها العرق والاصل وخاصة العقيدة فهي تحبذ من لا يحملون عقيدة سماوية .
الذي لا يعلمه الكثير هو ان التنين هو المرشح لدور شرطي العالم عوض عن امريكا . وهذا ليس وليد اليوم فلنرجع بالتاريخ الى سنة 1976 -1977 في الصين الماووية الشيوعية قد حصل انقلاب ابيض سلمي لم ينتبه اليه الكثير ولم يعي احدا خارج منفذيه انه انقلاب ضد الفكر الماوي، لقد قامت حملة اتهامات عبر عملية مكبوحة مفبركة للإطاحة بالأربعة الأشخاص المسؤولين في قيادة الحزب الشيوعي ان ذاك :
عصابة الأربعة” “Gang of Four هو اسم أطلق على مجموعة سياسية يسارية مؤلفة من أربعة مسؤولين في الحزب الشيوعي الصيني. برزوا إلى الأضواء أثناء الثورة الثقافية (1966 – 1967) واتهموا بارتكاب سلسلة من جرائم الخيانة. والأعضاء الأربعة هم “Jiang Qing “وهي زوجة “ماو تسي تونغ” الأخيرة وكانت عضوا قياديا في الحزب، والمقربين لها هم :” Zhang Chunqiao ” عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي ، و ” Yao Wenyuan ” عضو اللجنة المركزية للحزب إضافة إلى “Wang Hongwen” نائب رئيس الحزب.
وسميت هذه المجموعة بعصابة الأربعة . وقد تم فصل الأربعة نهائيا من الحزب سنة 1977، وتحويلهم للمحاكمة سنة 1980. على اثر هذه الفبركة والتأليب على هؤلاء المسؤولين الاربعة بايعاز امبريالي وبعد ايداع المسؤولين المركزيين الاربعة السجن ولأن هؤلاء كانوا سدا في وجه اي ارتباط بالامبريالية الامريكية وبالحكومة العالمية التي تحكم عبر رأس المال والبنوك في العالم بأسره وبما ان الحزب الشيوعي لا يتمثل في هؤلاء فقط فقد تمسك المسؤولون الجدد بالشيوعية على ان يكونوا تحت إمرة الحكومة العالمية وتحت نفوذها سرا وهي بدورها سوف تفتح لهم الأسواق للتجارة وسترفع عنهم جميع العقوبات الا بعضها الشكلي للتمويه وطبعا في التحالفات الدولية لابد من مد وجزر لكبح جماح هذا وتزكية ذاك .
الحقيقة انه في تلك المرحلة كان لابد للإمبريالية الرأس مالية التركيز على الاتحاد السوفياتي لأنه في حراك دائما لتصدير أيديولوجيته في البلدان المجاورة وفي الشرق الاوسط خاصة وهذا بالنسبة لهم هو تهديد للأمن القومي لأمريكا وللرأس مالية كافة بينما اتفقت الصين الجديدة معهم على عدم التدخل في بلدان الشرق الاوسط وعدم العمل على نشر فكرها، في تلك المرحلة كان الشاه حارس الخليج الفارسي والمنطقة شرق الاوسط برمتها ولم يكن فمة حسبان لجمهورية اسلامية سوف تخرج من الرماد لتقول لهم كش مات .
بينما اتخذت الصين جملة من الإصلاحات خاصة منها إدخال إصلاحات اقتصادية قائمة على نظام السوق في عام 1978 أصبحت الصين أسرع اقتصادات العالم نموًا حيث أصبحت أكبر دولة مصدرة في العالم وثاني أكبر مستورد للبضائع. يعد الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي الرسمي وتعادل القوة الشرائية. واصبحت تتمتع بالعديد من الامتيازات التي لم تكن متاحة لها قبل الانقلاب الابيض فالصين عضو دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة.
كما أنها أيضًا عضو في منظمات متعددة الأطراف بما في ذلك منظمة التجارة العالمية والابيك وبريك ومنظمة شانغهاي للتعاون ومجموعة العشرين. تمتلك الصين ترسانة نووية معترف بها وجيشها هو الأكبر في العالم في الخدمة مع ثاني أكبر ميزانية دفاع اليس هذا مريب طبعا هو كله ريبة وادلة على ما تقدم، دعنا من بعض ذر الرماد على العيون من طرف ترامب ضد الصين او بايدن، لماذا تحاصر ايران ولماذا تمنع من النشاط النووي لماذا كل هذا التحامل على روسيا بوتين مع انه لمح في كثير من المناسبات انه مع النظام العالمي وهذه كانت رسائل منه انه مستعد ليكون رهن امرهم وتكون بلده شرطي العالم وخاصة ان امريكا وصلت الى اللحظة البريطانية كما كتبت في مقالي السابق بعنوان( هل امريكا في اللحظة السوفيتية ام في اللحظة البريطانية ) في الواقع ترامب يميل الى ان تحل روسيا محل امريكا كشرطي العالم ولكن هذا لم يرق الى اصحاب النفوذ فحاولوا تشويه ترامب والاستهزاء به واسقطوه في الانتخابات التي اتهمهم فيها بالتزوير وصعد بايدن الى مرحلة عصيبة كان يظن انه رجل المرحلة وانه سينقذ امريكا ونفوذها في العالم الا انه بعد مرحلة قصيرة فرا جيشه من افغانستان بطريقة مهينة واثبت انه لم يعد لأمريكا هيبة لتحكم العالم وعليه لا بد من إزاحة كل القوى التي سوف تشكل تهديدا لسلطة النظام العالمي بقطبها الأوحد .
بعد صدور كتاب: (الانهيار القادم للصين) الذي صدر سنة 2001 بقلم المحامي الامريكي غوردون جي تشانغ والذي من خلاله احست امريكا ومن خلفها انها وحدها من سيحكم العالم في الحقبة القادمة مما زاد في جشعها وغرورها وتهورها وصاح دابليو بوش في العالم انا ربكم الأعلى وقد نزلت باسم الرب لنشر الديمقراطية بالسلاح والقتل والسلب والنهب وخلع القناع عن وجه العولمة والديمقراطية وقال جئتكم بالصواريخ والقنابل جئتكم بالهدم الردم والرعب لسلبكم ثرواتكم لمحق احلامكم وتراثكم لمسح تاريخكم . هكذا حلت الديمقراطية على الافغان وعلى العراق وعلى سوريا وعلى ليبيا واليمن . الا انه وفي غمرة عربدته وغطرسته كان التنين الصيني والدب الروسي وسيف الله المسلول من السماء الايراني كانوا يكتسحون الساحات التكنولوجية والعلمية والاقتصادية ويتفوقون في كل الميادين، وتفشل روسيا وايران كل مخططاته الاستعمارية بينما تفشل الصين الاقتصادية منها.
واستفاق براك على حجم الكارثة في العراق فخرج يجر اذياله الا ان الامر جاء بالعودة بعد فسحة من الراحة، وخاصة ان الحرب على سوريا اخذت منحا غير الذي خطط له وهو ان لا تدوم اكثر من بضعة اشهر على اقصى تقدير،نعم يجب العودة الى العراق والمكوث فيها هناك والعمل على هدم كل شيء من السياسة الى الاقتصاد الى التنمية الى الاخلاق لابد من الهائهم حتى تكتمل الحلقة ويتمكن الشرطي البديل على السيطرة على العالم بمفرده دون منازع له لا بد من القطب الواحد المسيطر.
الحقيقة انهم تحالفوا مع روسيا في الحرب العالمية الثانية ضد هتلر لان هتلر كان يشكل خطرا داهما على اوروبا وكان الاتفاق وقع على تقسيم المانيا بالتناصف بينهم وبين روسيا وكان لروسيا العديد من الشروط الاخرى للدخول معهم في الحرب على المانية . وهذه السياسة التي انتهجها السوفييت سياسة لي الذراع لم تنسها الحكومة العالمية ضف على ذلك ان الروس هم اصحاب عقيدة سماوية كذلك اوروبا، وهذه نقاط سلبية في عقيدة الحكومة العالمية رغم ان هذه الاجيال هجنت واصبحت لا علاقة لها بالدين الا ان هنالك بديل اضمن حسب وجهت نظرهم وهو التنين الذي ليس له عقيدة سماوية ثم انه اثبت ولمدة عقود السيطرة على مليار نسمة او اكثر ضف على ذلك انه الاول عالميا في السيطرة التكنولوجية، التي نفذها على شعبه ونجح فيها بامتياز.
واذا فهمنا ان (نيوم ) هي مركز الدولة الحاكمة المستقبلية وهي التي ستقام فيها اعظم (داتا) تعمل عبر5Gو التي ستتحكم في البشرية عبر شريحة النانو وان المشغلين والعمال سوف يكونون من الصينين لانهم اثبتوا قدرتهم على الالتزام بالقوانين والامتثال للأوامر، حينها فقط يتبين الخيط الابيض من الأصفر. ولهذا لم يقبلوا بروسيا كبديل، فروسيا اما ان تقبل بالحصار حول حدودها والمضايقات وتلتزم الصمت الى ان يتم تشكيل النظام الجديد او ان تدخل في حرب مدمرة لها ولأوروبا بأسرها وهذا ما يريده النظام العالمي الجديد بلدان ضعيفة مهزومة تساق الى السيستام وباسيستام وهي خاضعة.
غيران بوتن كان يعلم انهم يريدون اسقاط روسيا ولن يقبلوا بها مهما قدم لهم، من اجل ذلك اعد لهم العدة ولكن الحذر من التنين واجب، وسوف تسير سفنهم بما تشتهيه رياحنا.