الشخص الذي ركن السيارة المفخخة.. راوغ كاميرات المراقبة!
صحيفة السفير اللبنانية –
جعفر العطار :
كشفت مصادر رسمية واسعة الإطلاع لـ«السفير»، أمس، عن معلومات موثقة في شأن التفجير الذي استهدف الوزير الشهيد محمد شطح في محيط «ستاركو»، مفادها أن إحدى كاميرات المراقبة أظهرت شخصاً يعتمر قبعة ترجل من السيارة المفخخة التي تم تفجيرها لاسلكياً وليس عبر جهاز خلوي.
وبدا لافتاً للمحققين المعنيين كيفية تعامل الشخص مع الكاميرا الدائرية، إذ تبين أنه يعرف مسبقاً طريقة تحركها والوقت الذي تستدير فيه يميناً أم شمالاً: ترجل من السيارة حين استدارت الكاميرا نحو اليمين، وبذلك لم يظهر منه سوى ظهره والقبعة التي يعتمرها.
وتشير معلومات لـ«السفير» إلى أن إحدى الكاميرات أظهرت وجهة سير أولية للسيارة التي حجزت مكاناً للسيارة المفخخة، إذ تبين أنها توجهت نحو منطقة الكرنتينا بعدما أمّنت مكاناً للسيارة المففخة، وذلك قبل نحو ساعة من التفجير، علماً أنها ركنت في المكان قبل يوم واحد عند الظهر.
وفي حين يستمر المحققون في «فرع المعلومات» ومخابرات الجيش بملاحقة مسار «سيارة الحجز» (من نوع «هوندا سيفيك»)، إلا أن لا معطيات واضحة حتى الساعة في شأن الطريق الذي سلكته السيارة المفخخة قبل وصولها، علماً أن معلومات «السفير» تؤكد وجود نحو 395 كاميرا مرتبطة بشركة «سوليدير» موزعة في المنطقة المحيطة بالانفجار.
ويقول ضباط معنيون بالتحقيقات لـ«السفير» إن «أسلوب اغتيال شطح، من حيث الرصد والتخطيط والتنفيذ، احترافي، وثمة تشابها بين هذه العملية وطريقة رصد وتنفيذ اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن»، مؤكدين وجود أسئلة عدة يعملون على تفكيكها، أبرزها: هل بدأ رصد الشارع بعد سفر الرئيس نجيب ميقاتي، لاستغلال الارتخاء الأمني في المنطقة بما أن ميقاتي يقطن في مبنى قريب من مكان التفجير، أم أن الرصد بدأ قبل ذلك؟
إلى جانب الأسئلة الأمنية التقنية، ثمة سؤال أساسي لم تُحسم إجابته بعد: من هو الشخص الأخير الذي اشترى السيارة المفخخة من مخيم عين الحلوة؟ معلومات «السفير» تفيد بوجود تضارب لدى إفادات الموقوفين الذين شاركوا بسرقة سيارتين قبل عام في منطقة الرميلة، إحداها تم تفجيرها في «ستاركو»، التي تملكها المواطنة اللبنانية ع.ش.
وفيما لا توجد معلومات محسومة في شأن «هوية» السيارة التي حجزت مكاناً للمفخخة، إلا أن قصة سرقة السيارة التي تم تفجيرها أصبحت واضحة لدى المحققين: تشير معلومات «السفير» إلى أن م.م. وأ.د. وم.ص. قصدوا منزل المؤهل في قوى الأمن الداخلي إيلي ف. في شهر تشرين الأول من العام الماضي بغية سرقته، انتقاماً منه بسبب كيفية تعامله معهم حين أوقفوا بتهمة ترويج وتعاطي المخدرات.
وتؤكد المعلومات المتوافرة أن الشبان برّحوا إيلي ضرباً في منزله ثم سرقوا محتويات من المنزل وبعد ذلك سرقوا سيارته. حينها، قام بقيادتها أ.د.، وأثناء طريقهم في اليوم ذاته انتبهوا للسيارة الزيتية التي استخدمت في التفجير، فسرقوها أيضاً. سيارة إيلي تم ضبطها على حاجز للجيش عند مدخل عين الحلوة وسلمت إلى صاحبها، لكن السيارة الثانية تمكنت من التسلل إلى داخل المخيم.
وتؤكد المصادر الرسمية المعنية في التحقيق لـ«السفير» أن السيارة المفخخة تم بيعها إلى شخص من خارج المخيم بعد أيام من دخولها، لكن التحقيق يركز حالياً على هوية الشاري، علماً أن ثمة تضارباً لدى الموقوفين الثلاثة عند الجيش و«فرع المعلومات» في شأن هوية الشخص الذي باعوه السيارة إلى خارج المخيم.
وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن الموقوفين م.م. (سجين في «رومية») وأ.د. (سجين في صور) كانا تحت تأثير المخدرات أثناء التحقيق معهما، وثمة صيت ذائع عنهما في مخيم عين الحلوة بأنهما ينتميان إلى مجموعة سارقي سيارات ومروجي مخدرات، ولا علاقة لهما بأي تنظيم أصولي.
أما عن سبب إدخال السيارة المسروقة، التي تم تفجيرها في «ستاركو»، إلى مخيم عين الحلوة، فتتقاطع إفادات ضباط مخضرمين في خانة موحدة: ثمة «أسواق» للسيارات المسروقة، أبرزها بلدة بريتال البقاعية، وعرسال، ومخيم عين الحلوة.
توضح مصادر واسعة الإطلاع: «حين يقوم المرء بسرقة سيارة، يتوجه إلى أماكن مماثلة بغية بيعها هناك. وبالتالي، لا علاقة للمخيم وسكانه بالسيارة التي تم تفجيرها، لا من قريب ولا من بعيد، مثلما لا علاقة لسكان بريتال أو عرسال ببعض السيارات التي تم تفجيرها في الضاحية، التي أثبتت التحقيقات أن السيارة التي انفجرت في الرويس تم بيعها من بلدة بريتال عبر اللبناني م.ط.».
وعن مسرح الجريمة حيث دوّى الانفجار، يؤكد ضباط معنيون أن «هذه المنطقة تحديداً، نعتبرها من أكثر المناطق الأمنية المحصّنة في بيروت، بسبب الإجراءات الأمنية المشددة هناك»، معتبرين أن «خرق مربّع أمني بهذا الحجم، يدل على احترافية عالية لدى المنفذين».
وحالياً، يستمر المحققون في «فرع المعلومات» ومخابرات الجيش في تفريغ وتحليل محتوى كاميرات المراقبة، بالإضافة إلى متابعة التحقيق في شأن مسار بيع وشراء السيارة التي حجزت، والثانية التي انفجرت.