السعودية وتركيا ولعنة سورية
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
التطورات العاصفة التي تعيشها المنطقة تنطوي على أبعاد دولية وإقليمية حاسمة كما بات معلوما ومن الواضح أن انكسار الحرب العالمية على سورية وانتصار الدولة الوطنية السورية يوازيهما تفجر الأزمات والمشاكل في العديد من الدول التي تورطت في هذه الحرب وخصوصا تركيا والسعودية.
أولا: من الواضح أن انتصار الدولة الوطنية السورية يمثل هزيمة كبيرة للنظام السعودي الذي اعتبر أن نجاحه في إسقاط الدولة السورية وتدميرها لصالح الحلف الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة سيمثل إنهاضا لدور السعودية الإقليمي بعدما تقلص هذا الدور منذ اندلاع أحداث اليمن وانطلاق التحولات الجارية في موقع العراق ودوره إثر انسحاب الاحتلال وكذلك في ظل المأزق الكبير الذي تعيشه المملكة من الداخل منذ انتفاضة البحرين وتدخل القوات السعودية الفاشل لسحقها و من ثم انتفاضات أبناء الجزيرة العربية بشرقها و غربها ووسطها .
ثانيا: إن حجم المشكلات التي يعيشها النظام السعودي على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كبير جدا وتقلص النفوذ السعودي في المنطقة يرتد مزيدا من التأزم في الداخل خصوصا إذا وضعنا في الحساب التحولات الكبرى الجارية في اليمن الذي كان منذ خمسين عاما بمثابة الحديقة الخلفية للأسرة السعودية ولم يكن من المصادفات الإستراتيجية أن تجري المجابهة الحاسمة بين النظام السعودي المعتمد أميركيا ونظام الرئيس جمال عبد الناصر حول اليمن وعلى أرضه وبالتالي فالمشهد اليمني اليوم يشير إلى انهيار جميع محاولات ترميم الهيمنة السعودية مع تعاظم قوة الحراك اليمني الجنوبي و تنامي قدرات الحوثيين السياسية والعسكرية ، وتزايد التصدع في بنية الحكم القائم في الشمال و تفكك قاعدته العشائرية والبيرقراطية و انعدام الاستقرار في ظل التدخل الأميركي المستمر.
ثالثا: الأزمة الداخلية في النظام السعودي تحكمها ثلاثة عناصر متفجرة فمن جهة صراع أمراء العائلة الحاكمة التي ينقرض جيلها الأول تباعا بفعل تقدم الأعمار واستشراء الأمراض العضال ومن جهة ثانية تململ الطبقة البرجوازية المحلية التي تريد شراكة في الثروة وفي الدولة وقد تربت على ثقافة الغرب ونماذجه السياسية بينما يموج السواد الأعظم من شعب الجزيرة والحجاز بنقمة عارمة يولدها الفقر والجوع فوق أرض تزخر بالثروات والخيرات التي يبيحها آل سعود للشركات الأميركية ويوظفون عائداتها الضخمة في خدمة السياسات الأميركية والإسرائيلية وهذا ما يجعل من تراكم عناصر الانفجار مسألة وقت ليس إلا .
رابعا: مشكلة النظام السعودي انه يفترض أن الصراع التناحري مع إيران وكل من روسيا والصين هو سبيله لحماية دوره وهذا بالتحديد ما يحرم المملكة من فرص التراجع بعد الفشل في سورية ، فقد تلقف رجب طيب أردوغان رئيس حكومة الوهم العثماني ، فرصة عرض السلم الإيراني لمباشرة النزول عن سدة التصعيد والتورط التي ارتدت أيضا داخل تركيا المحكومة اليوم بخطر التفكك والانقسام الداخلي بنتيجة تورط أردوغان في الحرب على سورية وإذا لم يواصل أردوغان استدارته ليعترف بالفشل في سورية فهو لن يكون بمأمن من عصف الأزمة التي أدخلها إلى تركيا عبر ورطته السورية فحكومته تواجه تمردا كرديا قويا وعنيدا واحتجاجا علويا عارما وجبهة علمانية صلبة تطاردها في كل مكان من شوارع تركيا وأحيائها وكل ذلك له أصداؤه في حزبه الحاكم الذي يختنق بالتأزم الاقتصادي وبالمآزق الإقليمية الخطيرة وبالذات بالتوتر مع كل من إيران وروسيا والصين وبالقطيعة الكاملة مع سورية والفضل طبعا لمهندس المشاكل بالوكالة الأميركية داود اوغلو.
الذين تورطوا بمخطط تدمير سورية يحشرجون بالدم السوري وترتد إلى نحورهم عذابات أبناء سورية ودماء شهداء جيشها البطل المنذور لمقاتلة العدو والذي اجتمعوا على خطة تدميره انتقاما لصهيون ستكون الأشهر القادمة حافلة في الرياض واسطنبول ومن يعش يرَ.