“الراي”: إسبوع رئاسي نقابي “ساخن” في لبنان
بحسب المعطيات المتوافرة عشية هذا الاسبوع الحارّ سياسياً واجتماعياً، فان ما يزيد ترسيخ الانطباعات عن فراغٍ رئاسي شبه حتمي هو ان الكواليس السياسية والنيابية بدأت تشهد إعدادا لمرحلة الفراغ من أوجه مختلفة تحسباً لتحصين الوضع الحكومي وتكيُّفه مع مرحلة تولّي مجلس الوزراء صلاحيات رئاسة الجمهورية متى تعذَّر انتخاب رئيس جديد.
وبحسب المعطيات المتوافرة لـ “الراي” يبدو ان هذا الامر الغائب عن الواجهة حالياً يجري التعامل معه بكل جدية وراء الكواليس من منطلقات وجوانب عدة. فثمة اولاً اتجاه لدى كتل وقوى في فريق 14 آذار لاثارة موضوع دستوري يتعلّق بعدم جواز الاستمرار في عقد مجلس النواب جلسات تشريعية اعتباراً من الخميس المقبل وحتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في مرحلة الفراغ المحتمل باعتبار ان البرلمان سيتحول هيئة انتخابية دائمة ولا يجوز له ان يقوم بأي عمل آخر تشريعي الا بعد إنجاز انتخاب الرئيس. وهذا الاتجاه يهدف الى منع تطبيع طويل المدى لمرحلة الفراغ الرئاسي وإبقاء سيف الضغط للانتخاب السريع بعد 25 ايار مسلطا فوق مجلس النواب.
ثم ان ثمة اتجاهاً آخر لدى هذه الكتل والقوى يساندها فيه بقوة رئيس الحكومة تمام سلام بتحديد علني رسمي يرافق الفراغ، اذا حصل، لمهمة مجلس الوزراء في المرحلة القسرية من توليه صلاحيات رئاسة الجمهورية اي ان تنحصر صلاحياته بأضيق إطار ممكن لتصريف الاعمال لا أكثر بحيث لا يترسّخ واقعٌ من شأنه ان يزيد إضعاف موقع الرئاسة الاولى.
وهناك خشية واسعة من طبيعة التداعيات التي سيفتحها الفراغ الرئاسي المحتمل على الواقعيْن السياسي والحكومي في البلاد بعد 25 ايار بما يهدّد “شهر العسل” الحكومي الذي أثمر الكثير من الإنجازات الأمنية والإدارية والسياسية حتى الآن وكان آخرها إصدار دفعة ثالثة من التعيينات في صفوف موظفي الفئة الاولى قبل ايام. كما ان السعي الى تقنين مرحلة تولي مجلس الوزراء صلاحيات الرئاسة يعكس الخشية من تداعيات مسيحية حادة يثيرها فراغ المنصب الاول في لبنان فيما يتمتع الشركاء الآخرون من الطوائف الاسلامية بواقع تقاسُم السلطة الأمر الذي سيفاقم الأزمة الكبيرة التي ستنشأ عن الفراغ.
اما البُعد الثالث لهذا الاتجاه فيتمثل في شبه يأس من إمكان حصول مفاجأة لانتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية اذ انه لم يُسجّل اي تطور ملموس يتعلق بواقع المرشحين وتوزُّع خريطة المواقف منهم مما يعني ان فريق 8 آذار تحديداً لن يتخلى عن نهج إفقاد الجلسات الانتخابية نصابها ما دام مرشحه المعروف العماد ميشال عون لم يضمن موافقة تيار «المستقبل» على انتخابه. ولذا يبدو ان فريق 14 آذار لم يعد مستعجلاً استبدال مرشحه رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع بأي مرشح آخر حتى الرئيس أمين الجميل نفسه الذي يقوم بحركة سياسية واسعة في كل الاتجاهات، ولكن وسط معطيات لا تنبئ بأيّ تغيير إيجابي.
ومع ان ثمة تحضيرات لعقد اجتماع جديد للأقطاب الموارنة في بكركي قبل انتهاء المهلة الدستورية، فان معلومات أشارت الى عدم حماسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لعقد هذا الاجتماع ما لم يحظ مسبقاً بضمانات قاطعة من شأنها ان تُنجِح الاجتماع في التوافق على مرشح يدعمه الجميع وهو امر يكاد التوصل اليه ان يكون مستحيلاً.