الراعي من إقليم التفاح: أزمتنا الداخلية نتيجة النزاعات في المنطقة.. ورسالتنا العيش المشترك
أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أننا “نعيش أزمة سياسية واقتصادية وأمنية، ولكنها ليست من الداخل، إنها نتيجة النزاعات في المنطقة بدءًا من القضية الفلسطينية، التي أرجو لها أن تكون شعلة نار تؤخذ منها الشرارات، ولكن هذا يدعونا للصمود في وحدتنا وتضامننا، ولن نكفر بوطننا الحبيب صاحب الدور الكبير في العالم. أحداثنا ليست صدفة في لبنان ، بل هناك من يريد أن يظهر الصراع في لبنان”.
جاء ذلك خلال كلمة له في صربا، ضمن جولته في قرى جزين، حيث قال “نواصل زيارتنا اليوم، ونشكركم وعائلاتكم الكريمة التي أعطت أبناء مخلصين للكنيسة والمنطقة، ولحضور أخواننا الشيعة من حركة أمل وحزب الله، متمنيًا “التواصل معا كل من موقعه ومسؤوليته لانماء هذا البلد”، آملا أن “نكون خداما لبعضنا البعض، ولشعبنا وللعائلة وللوطن”.
أضاف: “شهداؤنا قدموا بشجاعة أنفسهم على مذبح الوطن، ودماؤهم تقول وتستصرخنا، حافظوا على قيمة هذا الوطن”.
وكان الراعي واصل جولته الراعوية على بلدات منطقة جزين لليوم الثاني على التوالي، يرافقه النائب البطريركي العام المطران بولس صياح، راعي أبرشية صيدا المارونية المطران الياس نصار، القيم البطريركي العام المونسنيور جوزف البواري، أمين سر البطريرك الأب ايلي خوري ومدير المكتب الاعلامي للبطريركية المحامي وليد غياض.
الراعي أمضى ليلة في دير سيدة مشموشي، حيث كان في استقباله المدير العام للرهبنة اللبنانية المارونية، الاب ايوب شهوان، ممثلا الرئيس العام للرهبنة الاباتي طنوس نعمة، والمدير العام للرهبنة عن منطقة الشمال الاب انطوان فخري، رئيس دير سيدة مشموشي الاب جان سليم وجمهور الدير.
وصباح اليوم، توجه الى بلدة حيطورة، وخلال الجولة، استوقف موكب البطريرك الماروني بشارة الراعي، من خارج برنامج الزيارة، حشد من أهالي بلدة جباع- عين بوسوار، فكانت وقفة له عند مدخل البلدة، التي رفعت عليها اللافتات المرحبة بزيارته وصور له، حيث كان في استقباله النائب هاني قبيسي، ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفد قيادي من حزب الله وآخر من حركة أمل، رؤساء بلديات ، مخاتير، رجال دين مسلمين واهالي البلدة والجوار.
ورحب رئيس بلدية جباع عدنان نعمة باسم الاهالي بالراعي، “نتمنى مروركم ووقفتكم اليوم في بلدتنا جباع قبل وصولكم الى صربا، قلب اقليم التفاح”.
وأكد نعمة أمام الراعي “إننا تربينا معا مسيحيين ومسلمين في هذه المنطقة، ونحن على العهد دائما بإكمال المسيرة، لكي نورث لاولادنا هذا المستقبل الذي هو مستقبل العيش معا”.
البطريرك الراعي
بدوره، شكر الراعي الأهالي لحفاوة الاستقبال، وقال: “هي المرة الاولى التي نزور فيها البلدة، وهذه فرحة كبيرة لنا أن نلتقي بكم يوم الاحد”.
وحيا أبناء الروم الملكيين الكاثوليك، مشيدا “بثقافة العيش المشترك التي شهدتها البلدة وما تزال”، سائلا الله ان “تبقى عينه على الوطن وعلى لبنان، لكي يكون رسالة ينشرها آباؤه مسيحيين ومسلمين”.
ولفت الراعي الى أن “أبناء البلدة مروا بصعوبات، ولكنها زادتهم صلابة ودفعتهم أكثر الى العيش معا”، وأضاف “العالم بحاجة الى رسالة تؤكد أن الديانات والحضارات قادرة على العيش معا وهذه هي قيمة لبنان. علينا معرفة حماية القلب، وهو العيش المشترك والعيش الواحد. وما وقفتنا هنا اليوم، إلا للتأكيد على ان هذه هي رسالتنا التي لن نتنازل عنها على الإطلاق”.
انتقل الراعي بعد ذلك الى جرجوع، وكان في استقباله حشد لافت من أبناء المنطقة مسلمين ومسيحيين، وعلى صوت أجراس الكنيسة وتكبير صوت الجامع ، دخل الراعي الى كنيسة مار مارون حيث رفعت الصلوات.
رافقه في الزيارة النائب قبيسي، بحضور ممثل حزب الله علي داود مقلد، وإمام البلدة الشيخ رضا فرحات،و فاعليات سياسية، اجتماعية واختيارية.
بداية، رحب الاب اغوسطينوس مراد بزيارة الراعي والوفد المرافق، وكانت كلمة للمدير العام لوزارة العمل السابق عبد الله رزوق.
بعدها، ألقى رئيس البلدية كلمة قال فيها: “أهلا بكم في جرجوع الكبيرة، كبيرة بحضوركم وبرسالتها في أرض الجنوب، أرض الجنوب ستفتح حضنها لكل من فقد حضن هذه الارض”.
بدوره، رد الراعي بكلمة قال فيها: “محبتنا كبيرة لكم انتم لما عانيتموه، أرفض تسمية بلداتكم بالاطراف، لا بل اقول أنتم السياج الذي اذا ما اختُرق تعطل عمل القلب.. و”هنا أقول ان هذا يقتضي مشاريع إنمائية وفرص عمل، لذلك يتوجب علينا من مجتمع أهلي وكنسي واسلامي التعاون للخروج من هذه الازمة، وهذا الامر سيزيدنا مسؤولية، نحن من يحمل قيمة هذا الوطن”.
أضاف: “هذه الزيارة أردناها للاطلاع أكثر الى الواقع، ونقول على الرغم من بعدنا الجغرافي عنكم، إلا اننا نعيش معكم، اليد باليد، شركة ومحبة. وتابع “العالم عاجز عن العيش مع بعضه البعض، لا الشرق ولا الغرب، ولكننا في لبنان نعطي النموذج من خلال تكاملنا بثقافتنا وحضارتنا. لقد تعلمنا من بعضنا البعض مسلمين ومسيحيين القيم، لذلك علينا الحفاظ عليها. لقد تقدموا في العلم والاكتشاف، ولكن لبنان سيعلمهم كيف يعيشون مع بعضهم البعض، فلنحافظ على كياننا ونسير الى الأمام”.