الرئيس عون التقى البطريرك الماروني ووفد القومي: التحريض في الازمات يضاعف من حدتها
أكد بطريرك انطاكيا وسائر المشرق مار بشارة بطرس الراعي، بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا صباح اليوم ، انه “لا يوجد مبرر اساسي لعدم تشكيل حكومة في ظل الواقع الحالي”، مشددا على ضرورة “عدم التراشق بالمسؤوليات لان ذلك لن يشكل حكومة بل يزيد من حدة المشاكل”.
ولفت البطريرك الراعي الى ان “الحكومة هي العمود الفقري للدولة، ولا يجوز غيابها في هذه الأيام، فأكثر من نصف الشعب اللبناني أصبح فقيرا”، مشددا على أن “لبنان لا يمكن أن يكون معبرا للتهريب الذي يفقد وجهه الحضاري”.
وكان البطريرك الراعي وصل الى قصر بعبدا في التاسعة صباحا، حيث استقبله الرئيس عون على مدى ساعة ونصف الساعة، عرضا خلالها الاوضاع العامة في البلاد والتطورات الاخيرة من مختلف جوانبها.
الراعي
وبعد اللقاء تحدث البطريرك الراعي الى الاعلاميين، فقال:” نحن نستنكر الاعتداء على اي اعلامي، ولكن في المقابل، أنا أؤكد ما اشارت اليه وزيرة الاعلام ايضا ان على الاعلاميين أن يعرفوا حدودهم، فالبعض منهم يتصرف بطريقة غير لائقة والبعض الاخر يستعمل وسائل التواصل الاجتماعي كما يناسبه ويسمح لنفسه بتوجيه الاساءة الى الناس. أنا احييكم كإعلاميين، لأن الكنيسة تقول ان الاعلام عطية من الله للبشرية، فالاعلام جعل من الكرة الارضية قرية واحدة”.
وأضاف: “تشرفت اليوم بلقاء رئيس الجمهورية، وجئت لأشكره على زيارته للتهاني بمناسبة عيد الفصح المجيد، ونحن بدورنا اليوم نهنئ بالفصح الارثوذوكسي. وتم خلال اللقاء التداول بالموضوع الاساسي وهو ضرورة تأليف حكومة، وتذليل الصعوبات أمام هذا التأليف، لأنه لا يوجد اي مبرر اساسي لعدم تشكيل حكومة في ظل الواقع الحالي. فالبلد ينهار يوما بعد يوم، والحكومة هي العمود الفقري للبلد، وعنما ينهار العمود الفقري في الجسد تنهار جميع اعضائه وتخور. فلا يجب ان نتراشق بالمسؤوليات، فذلك لا يؤدي الى تأليف حكومة بل يزيد من حدة المشاكل”.
وقال: “تم خلال اللقاء أيضا التطرق الى العديد من القضايا، ونتائج عدم تأليف الحكومة، مثل زيادة الفقر والجوع. فأكثر من نصف الشعب اللبناني اصبح تحت خط الفقر، في وقت كانت نسبة الطبقة المتوسطة في لبنان حتى عام 1980 ،80%. لذلك كان هناك استقرار، اما اليوم فقد غابت هذه الطبقة وهذا دليل عل انهيار لبنان”.
وأشار البطريرك الراعي الى انه تم البحث خلال اللقاء بموضوع “القضاء واستقلاليته، وضرورة عدم حصول اي فراغ في هذا السلك، واجراء تشكيلات قضائية”. وقال: “شددنا على كرامة القضاء وكرامة القاضي ونزاهته وحريته، مع عدم إنتماء هذا القاضي الى اي فئة من الفئات، وضرورة عدم التدخل بشؤون القضاة، فيستطيع عند ذلك القاضي العمل بحسب ضميره والعدالة”.
وأكد “ان موضوع التهريب الذي يشوه وجه لبنان كان من المواضيع التي طرحت خلال اللقاء، لا سيما وأن لبنان اصبح معبرا للمخدرات ولتهريب حبوب الكبتاغون الى الخليج عبر السعودية التي اقفلت الباب بوجهنا”. وقال: “نحن نعلم ان 80% من منتوجاتنا الزراعية تصدر الى الخليج، وسيعقد اليوم اجتماع في قصر بعبدا حول هذا الموضوع برئاسة فخامة الرئيس، ولكن نحن لا يمكننا تحمل الخسارة، فأجهزة الدولة مسؤولة، ولكن اين هي اجهزة الرقابة؟ لا يمكن ان يشكل لبنان مركزا للتهريب وتبقى حدوده الشرقية والشمالية مفتوحة دخولا وخروجا لذلك. فلا يمكن للبنان ان يكون معبرا، كما رأينا بالامس الى السعودية وبعدها الى اليونان. فليس هذا هو وجهه الحضاري.
اضاف: “أنا اعلم ان كل هذه الامور يحملها الرئيس عون في قلبه، ولكن علينا القول ان كل هذا يمس بكرامة اللبنانيين. والضحية الكبيرة هم المزارعون الذين يعانون حينا من العوامل الطبيعية، وأحيانا أخرى من الامراض، ثم الجراد، واليوم زادت المعاناة جراء التهريب. فعنصر الزراعة هو عنصر اساسي في الاقتصاد اللبناني. وانا اشدد هنا على أنه لا يجب عند تناول اي مشكلة ادارية او قضائية او مؤسساتية أن نلبسها وجها طائفيا، فهذا امر غير مقبول. نحن نريد ان نعيش مجتمعا متنوعا متعددا ونحترم بعضنا البعض وهذا التنوع. وللاعلام دور كبير في هذا الاطار، عبر التوقف عن الشحن. نحن نريد ان نعيش براحة بعيدا عن هذه التوترات. وعليكم كإعلاميين المساهمة بذلك، بإطفاء النار وعدم تغذيتها بالوقود”.
حوار
سئل: بعد هذا اللقاء مع الرئيس عون الذي تم خلاله التشديد على تأليف الحكومة، هل من الممكن أن تتواصلوا مع الافرقاء المعنيين من بينهم رئيس الحكومة المكلف؟
أجاب: “انا لا اقوم بالوساطة مع احد، إن حديثي يكون مع جميع الناس والمسؤولين الذين أطالبهم بتأليف الحكومة من دون الدخول بأي وساطة مع احد او تقديم اي حلول، فنحن نمارس عملنا ضمن حدود، ولكن أهميتنا واهمية الكنيسة عامة ان نبقى على تواصل مع الجميع”.
سئل: هل هناك من بوادر حلحلة قريبة في اطار تأليف الحكومة؟
أجاب :” يجب أن تكون هناك حلول قريبة، خصوصا وأن هناك تحركا على أكثر من صعيد، فرئيس الحكومة المكلف زار مؤخرا الفاتيكان، وقبلها روسيا، إن هذا التحرك يدل على ان هناك متابعة لهذا الموضوع”.
سئل:” بغض النظر عن موضوع تهريب المخدرات، هناك وجهة نظر تقول أن زيادة حدة الحصار أدت الى حصول المزيد من التهريب، وهناك من يقول أنكم تدافعون عن تجار الهيكل. ماذا تقولون في هذا المجال؟
أجاب: “حيث يوجد فقر، يوجد ارهاب. وعندما تزيد حدة الفقر، تفتح المجالات امام الناس الى الانخراط في الارهاب والعمل مع الارهابيين، والفقر يؤدي الى السرقة والقتل. ومن المعروف ان الفقر هو باب كل الارهاب وكل المشاكل في الدولة. قلت لكم انه حتى العام 1980 كان 80% من اللبنانيين من الطبقة المتوسطة، وكنا ننعم بالاستقرار في تلك الفترة . والجوع يؤدي الى الاعتداء. فالموضوع اليوم، اي حصول التهريب عبر لبنان، واجهزة الرقابة “مغمضة عيونها” او انها غير مدركة، او ان هناك من يغطي هذا الامر، وهذا موضوع آخر، وغير مسموح”.
وردا على سؤال، أكد البطريرك الراعي ان “الفاتيكان وبكركي لا يهاجمان أحدا، بل هم يهاجموننا”.
وفد القومي
الى ذلك، استقبل الرئيس عون وفدا من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضم: ربيع بنات، عامر التل، ربيع زين الدين، حسام العسراوي، حسان صقر، فراس الشوفي، الدكتور اميل العكرا، وفهد الباشا. وتناول اللقاء الأوضاع العامة في البلاد والتطورات الأخيرة، حيث اكد بنات “صعوبة الازمة الاقتصادية وانعكاساتها السلبية على الواقع المعيشي”، داعيا الى “تشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت ممكن لرفع الشلل عن الحياة السياسية في البلاد”.
وأعرب عن “تقدير الحزب للجهود التي يبذلها الرئيس عون لاخراج لبنان من ازمته”، مؤيدا موقفه من التدقيق المالي الجنائي ومكافحة الفساد، والمبادرة التي اطلقها الرئيس عون لانشاء سوق اقتصادية بين دول المشرق العربي “لانها تفتح آفاقا جديدة امام الاقتصاد اللبناني وبابا للتعاون في المجالات كافة”.
ورد الرئيس عون فرحب بالوفد، ولفت الى ان “مجموعة عوامل ضاعفت من الازمة الاقتصادية القائمة، ومنها الازمة السورية ونزوح السوريين، بالإضافة الى جائحة كورونا وانفجار المرفأ والسياسة المالية المعتمدة وأخيرا ازمة الجراد”.
ونبه الرئيس عون من ان “التحريض في الازمات يضاعف من حدتها، ومن خطورة تحميل المسؤولية لمن لا علاقة لهم بالفساد والهدر ما يحرف الأنظار عن المرتكبين الحقيقيين”، مشددا على “ضرورة ان يكون اللبنانيون يدا واحدة لانتشال لبنان من الازمة الراهنة”.