الخليجيّون يُلملمون هزيمتهم ويستدرجون الحوار مع قوى الممانعة
صحيفة الديار اللبنانية ـ
هشام يحيى:
هي لحظة الهروب من تداعيات التدخل في سوريا وترك الحلفاء في ساحات الوغى لمصيرهم المشؤوم، وهي لحظة غسل الأيدي من الدور في رسم السيناريوهات الوهمية التي تدغدع المشاعر السلطوية لفريق كبير من اللبنانيين الذي لطالما دفع أثمان رهاناته الخاسرة على حليف خليجي – عربي – غربي لا يحسن سوى اطلاق المواقف التصعيدية والتهديدات الكلامية التي تبقى مفاعيلها حبرا على ورق، فما يجري ما بعد معركة القصير في سوريا يستحضر أجواء ومناخات السيناريو الذي سبق لذلك الحليف أن نفذه بعد معارك ان آيار 2008 في لبنان، فآنذاك حين تفاقمت الأمور وانفجرت الأوضاع «ذاب الثلج وبان المرج» واستفاق المراهنون باكراًَ على خبر هروب السفير السعودي من بيروت بحرا تحت جنح الظلام تاركا وراءه تيار المستقبل وحلفاءه في 14 آذار كبش فداء لمعركة خاسرة بكل المقاييس الميدانية والأمنية والسياسية هذا ما قاله مرجع سياسي بارز لـ الديار.
مضيفا بأن قرار مجلس التعاون الخليجي بمنع رعاياه من المجيء الى لبنان والذي استتبع بطلب السفير السعودي في بيروت من جميع السعوديين الموجودين في لبنان العودة إلى الوطن التزاماً بالدعوة الصادرة عن مجلس التعاون الخليجي بحجة الحفاظ على سلامتهم، يستحضر بقوة اجواء ما قبل أحداث السابع من آيار 2008 حين حرض الخليجيون وحلفاؤهم الدوليون حكومة الرئيس السنيورة على اتخاذ القرارين الشهيرين بإقالة الضابط وفيق شقير من المطار وبتفكيك سلاح الإشارة للمقاومة واللذين أديا إلى استفزاز المقاومة وجرها لإستخدام سلاحها في الداخل عبر شن هجوما خاطفا كاسحاً على بيروت أدى في ما أدى إليه إلى تخلي الخليجيين وحلفائهم الدوليين عن فريق تيار المستقبل الذي بقي في الميدان عاجزا عن مواجهة ما ينتظره من هزيمة نكراء في حين أن السفير السعودي الذي فر من ارض المعركة اكتفى مع حلفائه من عرب وغرب بإصدار بيانات التنديد والإستنكار والتي لا تقدم ولا تؤخر بشيء من الوقائع والنتائج الميدانية وهاهي المواقف نفسها تتكرر بعد معركة القصير في سوريا التي انتهت بشكل حاسم وساحق لمصلحة محور الممانعة والمقاومة في المنطقة.
ويلفت الى أنه و من باب أخذ العبر والإعتبار فإن جميع المراقبين يذكرون جيدا كيف أن الخليجيين أنفسهم وبعد هزيمة حلفائهم في بيروت عام 2008 عادوا بعد ذلك لاهثين باتجاه فتح الحوار مع محور الممانعة من اجل البحث عن تسوية تخفف من وطأة الهزيمة وشدة انعكاساتها على مصالحهم في لبنان، وهذا ما أدى آنذاك إلى ابرام اتفاق الدوحة الذي كرس اعطاء فريق المقاومة في لبنان حصة التلث المعطل في أي حكومة من الحكومات التي يجري تأليفها بعد أحداث السابع من آيار، واليوم بعد هزيمتهم النكراء في القصير على أرض سوريا هاهي الإتصالات الجارية في كواليس الأروقة الدبلوماسية والذي بدأ بعضها يتسرب من هنا أو هناك لا تحمل في طياتها سوى لهث الخليجيين وراء استدراج الحوار مجددا مع قوى الممانعة للتخفيف من وطأة هزيمتهم المدوية في سوريا وما المباحثات الأميركية – الروسية والتي طهران دائما في أجوائها ليست سوى تمهيد لإتفاق جديد ينظم في بنوده كيفية إدارة فريق الممانعة للأوضاع في لبنان وسوريا على حد سواء. وأضاف أما جعجعة وقرقعة فتاوى التكفير والتحريض على حزب الله والتهديد والوعيد بإدراجه على لوائح الإرهاب وفرض عقوبات عليه وعلى جمهوره فتأتي ضمن سياق التعمية على الهزيمة النكراء وعملية الضغط من أجل فتح قنوات الحوار مع فريق الممانعة الذي لا مانع لديه من فتح صفحة جديدة على قاعدة الإعتراف بهزيمة المشروع الأميركي في المنطقة و الإنتصار الجديد في سوريا ومفاعيله والذي سيحدد أفاق المرحلة السياسية ليس في لبنان وسوريا وحسب بل في كل المنطقة.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر دبلوماسية في بيروت بأن ربط لبنان بالأحداث الدامية في سوريا لن يغير بشيء من نتائج ومفاعيل التطورات الجديدة في سوريا والتي انقلبت بعد معركة القصير لمصلحة النظام وحلفائه في المنطقة، فمن يحاول الهروب إلى الأمام عبر ربط الساحة اللبنانية بما يجري من سوريا لن يحصد سوى جلب الدمار إلى لبنان وشعبه ولن ينجح في تغيير المعادلة الكبرى الجديدة في المنطقة التي بدأت ترتسم معالمها بعد معركة القصير وما التحضيرات الجارية على خط إنعقاد مؤتمر جنيف2 إلا بوادر أولية للتسوية أو الصفقة السياسية الكبرى التي ستخرج سوريا من أزمتها ضمن الإطار الواضح بأن المجتمع الدولي تخطى مرحلة اسقاط النظام وما يدور اليوم في الكواليس يركز بشكل آني على مسألة تجفيف منابع الإرهاب في سوريا ووأد نشاط المنظمات التكفيرية الذي كان ولا يزال يشكل الخطر الأول للسلم والأمن في المنطقة والعالم بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها من جهة ولروسيا وحلفائها من جهة أخرى.
المصادر الدبلوماسية عينها أضافت بأن المسؤولين اللبنانيين تلقوا من جهات إقليمية ودولية منذ أيام تطمينات باستمرار الإلتزام الدولي والإقليمي بتحييد لبنان عن آتون الصراع السوري، كما تلقوا نصائح بضرورة الأخذ بعين الإعتبار التحول الكبير الجاري في سوريا لمصلحة محور الممانعة والمقاومة في كل المنطقة، وبالتالي إعادة الحسابات والرهانات على ضوء القراءة والمقاربة الجديدة للأزمة السورية مجريات الوضع السوري على ضوء ما يحمله من متغيرات جديدة من شأنها أن تفرض إيقاعها على الوضع اللبناني الداخلي بشكل أو بآخر.