الحرف الروسي في الاردن
موقع إنباء الإخباري ـ
الدكتورة يلينا ريزونيننكو*:
عندما نتحدث عن الحرف الروسي في البلدان العربية، نستذكر ملحق الاستعراض الروسي الذي صدر في الاردن لمدة سبع سنوات ونيف، منذ العشرين من آيار مايو عام 2004، حيث عمل الملحق على إبراز المجتمع الروسي والسلافي في البلاد، شؤونه وشجونه اليومية، وآماله وتطلعات أهله على نحو لم يسبق له مَثيل في تارخ المجتمع الاردني.
وفي استعادة الأحداث بحلوها ومُرِّهَا ونجاحاتها وفتح الأرشيف، منذ ما قبل إنطلاقة “الملحق” وخلال مسيرته المظفّرة، نمتلئ بالفخار والاعتزاز، لكون إدارة الملحق قد عملت على نحو شريف لا يرتضي بمثله سوى أقل القليل من الافراد مِمَن يُدركون عِظم الرسالة وشرف الدور في إبراز مكانة اللغة الروسية في الحياة اليومية الاردنية، ولكل ما يتصل بالعلاقات الاردنية الروسية في مختلف المناحي. فقد كنا ثلاثتنا، يلينا نيدوغينا ومروان سوداح وكاتبة هذه السطور، جنوداً مجهولين تتقدم الرسالة التاريخية لتي نحملها على مصالحنا الشخصية، فعملنا بجد واجتهاد ليل نهار وبلا مساهمات مالية ولا رواتب، وبدون تسهيلات لوجستية ومعنوية ومادية من أية جهة محلية أو خارجية.
وفي المقابل، فقد حِيكت ضدّنا مؤامرت متصلة، وقاطعنا “البعض”، وتآمر علينا البعض الآخر، وهو “بعض” كثير برغم إدعائه وتشدّقه بالصداقة والعلاقات الإعلامية والثقافية مع روسيا وسفارتها ومع الحرف الروسي، فاستعدى علينا جماعاتٍ وروابط ومنتدياتٍ وقياداتٍ. كما ووقفت في تصدىٍ لنا “بعض” الجهات الاجنبية، تواجه وتحارب وتشكك في نوايانا الثقافية، فانهمكت في حِياكة أردية سوداء، على أكثر من جبهة، لكون الملحق روسياً مَحضاً، ووضعت في مواجهته العقبات الكأداء ونشرت اطناناً من الاكاذيب وحبكت سفاهات دورية، سعياً الى تدميره وإزهاق روحه الوثّابة، ومن أجل إغلاق كوى الثقافة الروسية بالاردن التي يتحدث بلغتها مئات الالوف من الاردنيات والاردنيين، ومن أفراد العائلات المختلطة، إذ أنه أُريد للملحق أن يَموت، حتى بيد بعض السلافيين الأجانب في البلاد، ممن يرتبطون بعلاقات وصِلات غير حميدة مع أعداء روسيا، لمجرد ان الملحق روسي ولسانه سلافي.
لقد نجح الملحق على مدار أكثر من سنوات سبع في جَمعِ شُتات مُمَثِلات وممثلي الامة السلافية في الاردن حوله، وشكّل أحزمةً آمنة وصديقةٍ، برغم الجُدر العالية التي بناها البعض لإنهاكه، ومنهم عددٌ حاقد من خريجي جامعات ومعاهد الاتحاد السوفييتي وروسيا والدول السوفييتية السابقة، في محاولة سافرة، غدت عقيمة، لإعاقة مسيرته الثقافية ووأدها والتفاخر بإثم الإجهاز عليه. وبرغم عدم وجود أي دعم مالي للملحق وإدارته الناطقة بالروسية من أية مصادر تجارية أو دبلوماسية أو ثقافية محلية واجنبية، وبرغم عدم تخصيص أية نسبة مؤوية له حتى من إعلانات السفارة الروسية بالاردن التي كان الملحق يَنشرها بين حين وآخر، لم تفرد إدارة الصحيفة الاسبوعية التي أصدرت الملحق أية نسبة مؤوية لطاقم التحرير، الذي تحمّل على أكتافه مصاريف شخصية لا نهاية لها في سبيل إنجاح تلك التجربة الفريدة والنادرة والضرورية، والتي يَعجز عن الإتيان بها كادر ضخم ومؤسسة كبرى، ولإثبات الذات الروسية والمهنية القادرة على العَطاء، ولتأكيد الشخصية الروسية والاردنية الوثّابة التي تمتلئ ذكاء وأُنفة ورغبة بتذليل المستحيل وقهر الخصوم الكوالح..
وفي المال والمالية، نقرأ في الوثائق وليسجّل التاريخ ويَشهد، بأن الملحق كان يتقاضي شهرياً لكن بشكل غير دوري منذ بداية صدوره، مئة وخمسون ديناراً، وقد خُفّضت سريعاً الى مئة وعشرين ديناراً، ثم ما لبث تقزيمها الى خمسين ديناراً لفترة طويلة، ثم صارت صفراً مُكعباً، وهو ما أثلج صدور أعداء الملحق وخصوم الحَرف والكلمة واللغة والثقافة والحضارة السلافية، وأعداء التقارب والصداقة والتآخي والتحالف الاردني الروسي الذي يُفاخر بكل الايجابيات ويَفيض بها منذ بدايات إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومنذ الخطوة الاولى المباركة لتبادلات الدبلوماسية الشعبية بين الشعبين.
*كاتبة وأُستاذة اللغة الروسية بالجامعة الاردنية.