الحرب الأميركية المحتملة على إيران سترمي لبنان من “حافة الهاوية” نحو المجهول
صحيفة النهار اللبنانية ـ
فاطمة عبدالله:
بعدما عرضت “الميادين” الجزء الأول من الفيلم الوثائقي “حافة الهاوية” تحت عنوان “الحنجرة العميقة” قبل نحو شهرين، تابعت الاثنين الفائت عرض الجزء الثاني منه بعنوان “الأذرع الطويلة”. يبدو ان كليهما ليس من افرازات الخيال وإن بُنيا على احتمالات مفترضة لحرب ممكنة، فالمتابع للملف الايراني- الأميركي يعرف جيداً ان أي حرب ستقع بين هذين القطبين ستحرق المنطقة بنيران مجنونة وتقضي على الأخضر واليابس فيها.
لكأن الجزء الثاني أراد التأكيد ان الحرب المتوقع اندلاعها لن تظل محصورة بالولايات المتحدة والجمهورية الاسلامية الايرانية. على حدود لبنان، لن تقف سوريا واسرائيل مكتوفتي الأيدي، كـ “حزب الله” من داخل، لتشمل الحرب بطريقها “الأذرع الطويلة” الكناية عن أذرع ايران في المنطقة، والتي لا ينحصر تأثيرها على موازين القوى داخل الحدود الجغرافية الضيقة.
عرض الجزء الأول الضربة الأولى الأميركية -الاسرائيلية للمشروع النووي الايراني والرد الايراني في الخليج، وقال للمشاهدين الى اللقاء في الجزء الثاني، من دون ان يضرب له موعداً. ترك الجمهور الخائف من الاحتمالات ينتظر ما ستؤول اليه تداعيات الحرب على المنطقة. وبالفعل نجح. فالثلاثي علي شهاب وحسن عبد الساتر (الفكرة والاعداد والسيناريو) وحسين سماحة (المخرج) حولوا الهواجس وقائع والوقائع خطط مواجهة تضعها أدمغة الدول وتطبقها أسلحة من العيار الثقيل في البر والبحر والجو.
لم نستطع، ونحن نتابع بدرجة عالية من الانتباه، ان نفكر في إمكان نجاة لبنان من احتمالات الحرب. مضمون الوثائقي لم يترك لنا خياراً: ذاهبون الى الحرب لا محالة. وجود “حزب الله” في عمق المعادلة لن يمر مرور الكرام على قرار مصيري بهذا الحجم، فالمنطقة برمتها على المحك، بما تحويه من قواعد عسكرية أميركية، منشآت نووية، مضائق حيوية، وآبار نفط.
يرسم “الأذرع الطويلة” سيناريو الحرب الاسرائيلية على لبنان وسوريا، ويستكمل المعركة بين أميركا وايران من خلال المواجهة البحرية في الخليج وبحر العرب وبحر عمان والبحر الأحمر ومضيق هرمز. عبر معلومات عسكرية يتخللها شرح للأسلحة المستعملة والمفاجآت في جعبة الأعداء، ومن خلال الرؤية العسكرية والجيوسياسية لشخصيات استراتيجية أميركية وايرانية وسورية ولبنانية واسرائيلية، تنكشف بعض أسرار المعارك المفترضة، ولا سيما تلك البرية بين “حزب الله” واسرائيل.
البارز في العمل الاظهار المتعمد لقدرة “حزب الله” العسكرية في موازاة العبر المستخلصة من حرب تموز 2006. لم يشأ صانعوه استشراف المستقبل بعيون الطرف المحايد، فعندما تندلع الحرب يصبح الحياد فعلاً سوريالياً، فكان عرضٌ للتكتيكات التي تضع لبنان في الصف الأول من المواجهة، ولا تبقيه مجرد جندي محارب ينتظر في الصفوف الاحتياطية، حتى وصل الأمر في ذروة المواجهات الى حد التأكيد ان راية “حزب الله” ستُرفع في طبريا ولو بعد حين!
أكثر ما يذهل وسط هذا الرعب كله، التطور الهائل الذي طرأ على مجال الأسلحة. ففي المخازن والمنشآت ما يدبّ الرعب في النفس ويزلزل قوام العقل السليم، فلا يعود السؤال هل هذا من صنع الانسان، بل ماذا سيصنع الانسان بعد؟ تتسابق ايران على التسلح محاولةً كسب جولات اضافية. تقف لها أميركا بالمرصاد وتفاجئها بقدراتها العسكرية، اسوة بحليفتها اسرائيل. الموسيقى تتناسب والجوّ العام، تنقل الينا الذعر على طريقتها الخاصة. المونتاج مضبوط باحتراف، مثل الغرافيكس وصور الـ 3D التي تضخم المشهد أمامنا لنراه على حقيقته عندما ينتقل من القوة الى الفعل. كل هذا على مرأى المُشاهد، فيعتريه الخوف، ولا يبقى أمامه سوى التضرع لله كي لا تنفجر الأرض بمن فيها من ثقل شرور قاطنيها.