الجيش السوري….حصد النقاط وحسابات الميدان
حسين ملاح –
موقع قناة المنار:
رمال الجغرافيا العسكرية تستكمل تحركها لصالح وحدات الجيش السوري على جبهات عدة كريف دمشق والحدود مع لبنان وفي حلب ودير الزور.الواضح ان استراتيجية “القضم التدريجي” و”العزل” و”تقطيع الاوصال” أضحت الخيار الانسب للقيادة العسكرية في مواجهة جماعات متعددة المشارب والمغارب ومتفشية في انحاء مختلفة من الجسد السوري.
غبار معارك الايام الاخيرة إنجلى عن سلسلة نجاحات حققتها وحدات الجيش ، فاُسترجعت الزارة والحصرجية في ريف حمص الغربي ، وضُيق الخناق على مسلحي يبرود (القلمون) بعد السيطرة على السحل وتلال ريما وغيرها ، وحقق الجيش تقدماً لعله الاول من نوعه منذ أشهر في ريف حلب الشرقي عبر استعادة جبل بدرو وأرض الحمرا، فيما كانت محافظة دير الزور على موعد مع نجاح آخر لصالح الجيش تمثل بالسيطرة على منطقتي جبال “ثردة” و”حويجة المريعية”…
الزارة ويبرود ….معركة الحدود
استحوذت العملية العسكرية في جبال القلمون وبالاخص في يبرود على الاهتمام الاعلامي لما تتمتع فيه هذه المنطقة من اهمية استراتيجية للجيش والمسلحين ، لذا تشير التطورات الميدانية ان الوحدات العسكرية بصدد الشروع في بدء المرحلة الثالثة من حملتها.
– المرحلة الاولى: السيطرة على بلدة الجراجير ومرتفعاتها (هضاب ضهرة العقبة)
– المرحلة الثانية: السيطرة على بلدة السحل ومزارع ريما ومرتفع الكويتي وتلة القطري
المرحلة الثالثة تهدف الى استكمال عزل مسلحي مدينة يبرود بشكل تام عن محيطهم وتحديداً عن جرود عرسال خاصة وان معاقل المسلحين في المدينة أضحت تحت مرمى النيران المباشرة للجيش السوري ، لكن لا يُعرف حتى الان ما اذا كان هناك نية لاقتحام تلك المعاقل او الاكتفاء بعزل المدينة وشل حركة المسلحين ومحاصرتهم كما هو الحال في الغوطة الشرقية واحياء حمص القديمة ، وستوضح الايام المقبلة وجهة العمليات العسكرية.
تزامناً مع معركة يبرود لفت استعادة الجيش السوري سيطرته على بلدة الزارة في ريف حمص الغربي والتي توصف بانها استراتيجية لتمتعها بسلسلة مزاياً.
– الزارة تبعد 5 كلم عن لبنان الشمالي والسيطرة عليها تؤدي الى قطع تسلل المسلحين وتهريب الاسلحة الى الداخل السوري.
– تأمين خطوط الامداد العسكري للقوات المتنقلة بين الساحل والوسط السوري.
– تأمين خطوط الطاقة (الغاز والنفط) التي تمر في الزارة.
– تشديد الخناق على الجماعات المتواجدة في قلعة الحصن آخر معاقل المسلحين في ريف حمص الغربي.
استعادة الزارة وشل حركة مسلحي القلمون وبالاخص يبرود ولاحقاً عسال الورد ورنكوس تكون حدود سورية مع لبنان مؤمنة الى حد كبير من الجهتين الشمالية والشرقية ، ما سيترك تداعيات سلبية عند الجماعات المسلحة في الغوطتين الشرقية والغربية التي ستجد نفسها معزولة أكثر من اي وقت مضى…
الشمال والشرق السوري …معارك المواقع العسكرية
اذا كانت مواجهات الريفين الدمشقي والحمصي ذات اهمية قصوى لتأمين العاصمة وخطوط الترابط والامداد بين دمشق وحمص والساحل السوري ، فلا يعني ذلك ان المعارك الجارية في الشمال تقل شأناً وبالاخص في حلب عاصمة البلاد الاقتصادية وريفيها الجنوبي والشرقي.
ويكفي مراقبة وسائل اعلام الجماعات المسلحة وما يسمى تنسيقيات الثورة التي دأبت في الايام الاخيرة على اطلاق سلسلة تحذيرات من سعي الجيش السوري لتطويق احياء حلب الشرقية ذات الثقل للمسلحين ما سيؤدي عملياً – وفق هؤلاء- الى عزل تلك الجماعات واعادة انتاج سيناريو حمص القديمة. وما عزز هذا الشعور هو التقدم التي احرزته الوحدات العسكرية في الريف الشرقي الذي يعتبر الاول من نوعه منذ اشهر طويلة ، ويضاف اليه نجاحات الجيش في المدينة الصناعية ومحيط مطار حلب الدولي.
بعيداً عن المبالغة تبدو ملامح خطة الجيش المعتمدة حيال حلب تقوم على النقاط التالية:
– تأمين واستعادة المرافق الحيوية (المحطات الحرارية ، مطار حلب الدولي، فك الحصار عن السجن المركزي..)
– فك الحصار عن المواقع العسكرية (مطار كويرس العسكري ومطار النيرب العسكري)
– تأمين خطوط الامداد بين القوات العسكرية
– استهداف ممنهج لمعاقل المسلحين في أحياء حلب الشرقية
– القضم التدريجي لمعاقل المسلحين وشل حركتهم قدر الامكان
تُدرك القيادة السياسية والعسكرية في سورية ان معركة حلب ستكون مصيرية بالنسبة الى الجماعات المسلحة والاطراف الخارجية الداعمة لها في المنطقة والعالم ، التي ستجد نفسها امام خسارة معركة بالضربة القاضية ، من هنا تؤكد دمشق ان تحقيق “النصر” او ما شابه في حلب لن يتحقق طالما استمر شريان الدعم التسليحي والمالي للجماعات المسلحة عبر الحدود التركية المشرعة على امتداد (822كم).
لكن ثمة اوراق تملكها وحدات الجيش تدفعها للسير في مواجهتها ضد الجماعات المسلحة في حلب وريفها:
– التقدم الذي احرزته الوحدات العسكرية في الاشهر الاخيرة والسيطرة على مدن استراتيجية (السفيرة ، خناصر).
– تأمين طريق دمشق – حلب ما سمح بايصال الدعم العسكري واللوجستي للوحدات المرابطة في حلب.
– اعادة الحياة لمطار حلب الدولي.
– تقلص البيئة الحاضنة للجماعات المسلحة.
– الاقتتال وحرب التصفيات بين داعش وخصومه.
وبالاتجاه شرقاً نحو دير الزور برز تطور لصالح الجيش الذي اعاد فرض سيطرته على منطقتي جبال الثردة وحويجة المريعية وهو ما انعكس ايجاباً على سير العمليات في محيط مطار دير الزور ، فيما علا مجدداً صراخ “التنسيقيات” محذرة من سعي الجيش لتأمين المطار واستنئناف الرحلات الجوية اليه ، في وقت تشير مصادر متابعة الى سعي الوحدات العسكرية لتأمين محيط المطار على مسافة تقدر بـ10 كلم.
الجيش السوري وميزان الربح
خاسرون كُثر جراء نجاحات الجيش في القلمون والشمال السوري ، تبدأ مع الجماعات المسلحة ولا تنتهي بالائتلاف المعارض والاطراف الاقليمية والدولية الداعمة له وفي مقدمتها الادارة الاميركية التي قد تتدخل بطريقة او بأخرى لمنع دمشق من توجيه ضربة قاصمة لجماعات المعارضة المسلحة.
طبعاً من المستبعد بمكان ان تلجأ واشنطن الى الزج بقواتها في النيران السورية ، لكنها قد تُسعّر القتال عبر زيادة جرعات الدعم للمسلحين او تسخين جبهة الجنوب ، او اعطاء الضوء للكيان الصهيوني لتوسيع مشاركته المباشرة في مساندة الجماعات المسلحة في الجنوب السوري .
وكما هو معلوم فإن جيش الاحتلال يستضيف جرحى المسلحين ويقدم معلومات استخباراتية لهم عن تحركات الجيش السوري عبر مراصد جبل الشيخ ، فيما كشفت الايام الماضية عن تورط اسرائيلي مباشر في المعارك ، حين قصفت مدفعية الاحتلال مواقع القوات السورية في منطقة الحميدية في هضبة الجولان ، فاسحة المجال امام الجماعات المسلحة للاستمرار في مهاجمة الوحدات العسكرية في ريف القنيطرة.
واذا كان الاميركيون و”حلفاؤهم” يبذلون قصارى جهدهم لابقاء النيران السورية مشتعلة بعد انعدام فرصهم في اسقاط النظام وفق المعطيات الميدانية الحالية ، لكن قد يأتي يوم نرى فيه واشنطن ترضخ لواقع تفرضه دمشق وحلفاؤها المتقدمين بالنقاط على خصومهم الذين ينزفون المزيد منها يوماً…