التهديدات الإسرائيلية لإيران.. كلام فارغ
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
بحسب مجلة “فورين بوليسي”، فإن الكيان الإسرائيلي لا يملك القدرة ولا الموارد لضرب المنشآت النووية الإيرانية، ورغم ذلك، لا يتوقف المسؤولون الإسرائيليون، في الأشهر الأخيرة، عن تصعيد تهديداتهم بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، بل زيادة على ذلك أجروا تدريبات استفزازية لسلاح الجو الإسرائيلي تهدف إلى محاكاة الضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية. ورداً على ذلك، أجرى الحرس الثوري الإيراني تدريباته العسكرية السنوية، التي أطلق عليها اسم “الرسول الأعظم”، في أواخر كانون الأول الماضي، وكانت تهدف إلى إرسال “إشارة واضحة للغاية” و”تحذير جاد وحقيقي” إلى تل أبيب، بحسب مسؤول عسكري رفيع.
هناك أسباب عديدة تدفع للتأكيد أن التهديدات الإسرائيلية ليست أكثر من خطاب فارغ للاستهلاك الداخلي والخارجي، فالكيان الاسرائيلي لا يمتلك الموارد اللازمة لمهاجمة إيران، وذلك نتيجة محدودية إسرائيل الأساسية في تنفيذ هذه الهجمات جراء تعدّد وتشتّت المنشآت النووية الإيرانية، ولأن المشهد مختلف تماماً في إيران التي تمتلك أربعة أنواع من المنشآت النووية، وهي مفاعلات الأبحاث، ومناجم اليورانيوم، والمنشآت العسكرية والنووية، فإن مهاجمة مثل هذا العدد من المواقع النووية من مسافات طويلة تتطلب عمليات معقدة لا يستطيع الكيان تنفيذها.
بالإضافة إلى ذلك، رسخت إيران بكثافة دفاعاتها الجوية، على مدى العقود الماضية، والتي تغطي الآن أكثر من 3600 موقع، والقادرة على تحديد مواقع صواريخ أرض جو، عدا عن الحديث عن القدرات العسكرية لإيران، وعلى مدى الأربعين عاماً الماضية، أقامت إيران علاقات قوية مع حلفائها في العراق وسورية وفلسطين ولبنان واليمن، الذين أعربوا عن استعدادهم للدفاع عن إيران في حال تعرّضها لهجوم من قبل عدو مشترك. ففي نيسان 2021، تمكّن صاروخ سوري من المرور عبر نظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للصواريخ، وانفجر بالقرب من المفاعل النووي السري للبلاد في ديمونة. ولضرب إيران، سيتعيّن على الإسرائيليين عبور المجال الجوي للدول “غير الصديقة” لسورية والعراق. ويمكن لروسيا أيضاً أن تعترضها، لأنه إذا هاجمت “إسرائيل” إيران، فقد يؤدي ذلك إلى أزمة جديدة في التوازن السياسي العسكري.
منذ عدة أسابيع، تتفاوض الولايات المتحدة وأوروبا في فيينا مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي الذي تمّ التوصل إليه، عام 2015، وألغته من جانب واحد الإدارة الأمريكية السابقة. واليوم، يسعى جو بايدن إلى إبرام “اتفاق نووي” سريعاً مع إيران، في محاولة منه لعزل طهران عن حلفائها الاستراتيجيين في موسكو وبكين، اللذين تعتبرهما واشنطن خصمين لها. وبالتالي، إذا هاجمت “إسرائيل” إيران، يمكن لطهران الانسحاب من المحادثات في وقت يحتاج بايدن فيه إلى منطقة غرب آسيا الهادئة حتى يتمكّن من الخروج بسهولة من مستنقعات المنطقة المختلفة و”الانحراف نحو الشرق” لاحتواء الصين وتطويق روسيا، وهما اثنتان من أكثر أولوياته الاستراتيجية إلحاحاً وفقاً لمجلة “فورين بوليسي”. وبحسب المجلة نفسها، فقد قال بايدن لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي: “أريد أن أخبرك الآن، كرئيس، أننا نعارض بشكل قاطع أي إجراء من جانبكم لشنّ هجوم على محطات الطاقة النووية الإيرانية”.
وعليه، فقد أصبح من الواضح أن التهديدات الإسرائيلية لقدرات إيران النووية موجهة إلى حدّ كبير للاستهلاك المحلي، وطريقة للحفاظ على “أهمية إسرائيل” في مواجهة التغيرات الجيوسياسية السريعة التي تحدث في غرب آسيا. وحالياً، يتعرّض رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت لانتقادات لا هوادة فيها من رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وخصومه السياسيين، فضلاً عن العجز المحلي في أعقاب أزمة الوباء. وبالتالي فإن مهاجمة دولة أجنبية -أو قطاع غزة- هي الوسيلة الأساسية لسلطات الكيان الاسرائيلي لإلهاء الرأي العام عن مشكلاتها الداخلية.