التضليل الإعلامي والتعتيم فشلا بسورية فماذا أنتم فاعلون؟
صحيفة الوطن السورية ـ
زياد أبو شاويش:
قبل فترة وجيزة اتخذ المسؤولون عن البث الفضائي في القمر «نايل سات» قراراً بمنع القنوات الفضائية السورية الرسمية وتلك المتفقة مع سياسة حكومتها من البث تحت حجة امتناع هذه القنوات عن تجديد اشتراكها وتسديد ما عليها من التزامات مالية ما أثار سخرية المواطن العربي الذي يعلم يقيناً حجم الضخ الإعلامي الكاذب من قنوات عربية عديدة تجاه مجريات الحدث السوري ولم تسدد ما عليها في الأوقات المحددة ولم يتوقف بثها عن الإرسال. والمواطن العربي والسوري على وجه الخصوص يعرف أن قنوات الهبوط الأخلاقي والتدمير الثقافي والقيمي المستخفة بعقل الإنسان وكرامته تدار من جانب من يزعمون حرصهم على حقوق المواطن العربي في الحرية والكرامة الإنسانية.
إن اتخاذ خطوة من هذا النوع باتجاه التعتيم الإعلامي على الدولة السورية وحكومتها الشرعية لن تنجح ليس لأسباب تتعلق بقدرة الشعب السوري والعربي على اختراع الطرق والأساليب لمعرفة الحقيقة فقط بل وكذلك لأن الناس باتت تدرك جوهر المعضلة ومواقف الأطراف الضالعة فيها وتعلم أن ما يجري اليوم من حرب لا علاقة له بمطالب الشعب السوري العادلة في الإصلاح والتغيير الذي عبر عنه بالتظاهر السلمي وبطرق حضارية حظيت بتأييد الناس في مشارق الأرض ومغاربها. لقد اكتشفت الجماهير أن المسألة لا علاقة لها بحرص أطراف العدوان الجاري ضد القطر العربي السوري على حياة المواطنين السوريين وحريتهم بل بتغيير يضع سورية في طابور المطبعين والسائرين على خطى دول العمالة الداعمة للمشروع الامبريالي الأميركي في المنطقة والذين يعملون صباح مساء على نجاحه.
منذ بدء الأزمة عملت بعض الدول على تأجيج الصراع في سورية وتأليب الشارع السوري ضد حكومته بأساليب متنوعة كان أوضحها عمليات التضليل الإعلامي التي جرت وتجري على نطاق واسع في قنوات اشتهرت بولائها لدول الخليج النفطية التابعة والعميلة لأميركا، كما عملت هذه الدول عبر وسائل إعلام مملوكة لها على حرف الحقائق والوقائع الجارية على الطبيعة بجملة من العمليات الفنية الخادعة مما أدى لزيادة منسوب العنف وارتفاع عدد القتلى بين الناس وكذلك بين رجال الجيش والشرطة ورجالات حفظ النظام.
لقد كان التضليل الإعلامي أحد العلامات البارزة ولا يزال في تاريخ الفتنة التي تتوالى فصولاً في سورية ويذهب ضحيتها عشرات الناس معظمهم أبرياء ولا ذنب ارتكبوه ليقتلوا بهذه اليد أو تلك. كما لعبت هذه العمليات التضليلية دوراً مؤثراً للغاية في منع الوصول إلى حل عادل ومنطقي للصراع حين قدمت للمعارضة معلومات خاطئة عن موعد سقوط النظام السوري الذي حددته ألف مرة في هذا التاريخ أو ذاك ما خلق أوهاماً عند البعض بأن رفض الحوار هو الأفضل والنظام زائل فلماذا المصالحة والحوار لتطويل عمر النظام؟ ليس هذا فحسب بل إن التضليل الإعلامي وصل حد قلب الحقائق حول المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين حيث إن هناك اتهامات للجيش العربي السوري تناقض الحقيقة التي تقول إن من ارتكبها هم الذين يقاتلون ضد الجيش النظامي. التضليل أخفق حتى اللحظة في حسم المعركة أو الإخلال بميزان القوى بشكل كبير فماذا يفعل المتآمرون؟
هم أوعزوا للذين أوقفوا قنوات البث الفضائي السوري بأن يختلقوا مشكلة تبرر وقف هذه القنوات رغم مخالفة ذلك لكل مواثيق الشرف الإعلامية وقوانينه الدولية ظناً منهم أن ذلك قد يجعل الساحة مفتوحة أمام القنوات الأخرى لتسويق ما تبثه باعتباره الحقيقة ولتعزيز دور المجموعات السلفية وغيرها وكذلك المعارضة الخارجية المرتهنة لسياسة قطر والسعودية في مواجهة المعركة التي بدأت ملامح نهايتها في الأفق وتنبئ بإمكانية التوصل لقناعات مشتركة بين أطراف الصراع بأن الوقت قد حان للتوقف عن القتال واللجوء للحل السلمي والحوار.
إن التعتيم الذي تفرضه دول بعينها وتمارس نفوذها لتحقيق هذا الهدف لن ينجح في تغيير الواقع أو استبدال الحقيقة بالوهم أو الخيال الذي مارسته طويلاً قنوات معروفة من نوع «الجزيرة» و«العربية» اللتين لا تخجلان من استخدام أساليب عصابية وبلطجية وتزويرية لتسويق السياسة الأميركية وتابعيها في المنطقة.
التعتيم كالتضليل كلاهما سلاح بيد الطرف المعادي لسورية وشعبها وكل كلام عن حرص هؤلاء المضللين على حرية وحياة الشعب السوري هو كذب ونفاق لن يقود إلا لمزيد من القتل وإراقة المزيد من الدماء وعلى هؤلاء التوقف اليوم عما يرتكبون من إثم بحق السوريين والأمة العربية. الكتاب والإعلاميون ودعاة حرية الصحافة والنشر وكل من يدافع عن حقوق الإنسان والمعرفة ملزمون أخلاقياً برفع صوتهم ضد سلوك الطغمة الإعلامية المسيطرة على الإعلام العربي والتوقف عن التعامل بالمعايير المزدوجة لتعود قنوات البث السورية إلى ما كانت عليه ولنعرف الصحيح والحقائق من مصدرها كما نتابعها من وسائل الطرف المواجه للحكومة والدولة وليتركوا الناس تقدر هي من الأصدق والأكثر قرباً من الحقيقة.