الاعتدال و رعاية الفتنة
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
تلقى دعاة ثنائية الاعتدال و التطرف في تأكيد الحاجة لمسايرة الحريرية ، صفعة قاسية أمس بعد صدور بيان مشترك عن أبرز شركاء سعد الحريري في قيادة تيار المستقبل ،الرئيس فؤاد السنيورة و النائب بهية الحريري ، وقد شكل البيان تغطية سياسية كاملة لحملات التحريض المذهبي و للاستفزاز الهجومي الذي يقوم به الشيخ احمد الأسير و ما يدعو إليه من تحركات تدفع بالبلاد إلى مهالك يدركها الجميع و قد ضيع صاحبا فرصة ملاقاة الحكمة و الحرص الشديدين في خطاب السيد نصرالله الذي نجح و الرئيس نبيه بري طوال أكثر من سنة في منع الفتنة، بترويج ثقافة الصبر و التحمل و رفض الاستدراج في وجه طوفان الاستفزاز المتمادي مرة بقطع الطرق على الجنوبيين و مرة بخطف الرهائن و مرات بسيول الشتائم و الاتهامات و التحريض الذي لا يحاسب منظموه و مطلقوه و مروجوه الإعلاميون.
أولا سقطت يافطة الاعتدال المزعوم من يد قادة تيار المستقبل مرارا و منذ أمد بعيد ، فقد سبق للتيار ان قدم الحماية و التغطية لعصبة الأنصار القاعدية بعد اغتيالها للشيخ نزار الحلبي و لاحت شبهات حول ضلوع التيار ماليا و سياسيا و امنيا في دعم و تكوين منظمة فتح الإسلام و حركة جند الشام اللتين تجمع التقارير الأمنية و الإعلامية على تأكيد ارتباطهما بالقاعدة و على دورهما الرئيسي في العمل لإشهار الفرع اللبناني لجبهة النصرة.
حقيقة دور المستقبل في رعاية الإرهاب و التكفير صارت نافرة بصورة أخص منذ اندلاع الأحداث السورية و بعد اشتغال التيار مباشرة برموزه و نوابه في إيواء و تسليح و تمويل جماعات التكفير الإرهابية بناء على الأوامر السعودية و الأميركية و الفرنسية المعلنة و قد بلغ التيار في تورطه حد استقدام بواخر الأسلحة و إحداث المستودعات في الشمال و التخطيط لإقامة إمارة في طرابلس عندما دعا الرئيس فؤاد السنيورة لتكوين مجلس قيادة و حدد موعدا لاجتماع لم يعقد في فندق الكواليتي بفعل ممانعة الناس و الفاعليات لخطته الانفصالية التي سارت بتدبير خارجي غايته اختبار فرص تطوير العدوان على سورية من لبنان .
ثانيا زحفت تقاليد الميليشيات و مصنفات التطرف السياسي و المذهبي على تركيبة تيار المستقبل و كذا تحولت افواج طرابلس بقيادة عميد حمود إلى مرتع للجماعات التكفيرية المتطرفة و باتت معاقل المستقبل تنظيميا ساحات تعج بمسلحي العصابات الإرهابية السورية كالجيش الحر و جبهة النصرة و بينما تقول تقارير منشورة إن حالة احمد الأسير تلقى الدعم و المساندة من امين عام المستقبل و هو نفسه الذي سبق ان ترددت اخبار عن مشاركته في تمويل فتح الإسلام و جند الشام وفقا لما نشرته الصحف اللبنانية عن الحركتين المتطرفتين اللتين قامتا باعتداءات منظمة على الجيش اللبناني قبل ان يظهر مسلحو المستقبل شخصيا في أيام الغضب الحريرية و هم يطلقون النار على الجيش بحماية مؤسسة امنية رسمية هي فرع المعلومات سواء في طرابلس ام في قلب بيروت و آخر المطاف كانت جريمة عرسال ضد الجيش التي نالت تغطية رسمية من كتلة المستقبل و من قيادة التيار من دون رفة جفن .
ثالثا تخطط الحريرية للفتنة باستعمال آلاف المسلحين السوريين الذين تؤيهم و بحشد خليط تكفيري متعدد الجنسيات كانت ترعاه لإدخاله إلى سورية و تسعى راهنا لاستعماله داخليا بعدما سدت أمامه المسارب حركة الجيش السوري و قوات الدفاع الوطني على الجهة المقابلة من الحدود .
يتكفل المستقبل بالتغطية السياسية للمتطرفين و بتنظيم الحملات الإعلامية التحريضية عبر وسائله الواسعة الانتشارو يقدم الحماية عبر تعطيل أي تدابير حكومية صارمة و من خلال تمييع أي خطوات حاسمة على الأرض و يسقط في عين من يفهم أي فاصل افتراضي بين الحريرية و التكفير الذي يريد قادة المستقبل تجريب استعماله في لبنان بعد الفشل في الرهان عليه في مخطط إسقاط سورية و طول انتظار الشيخ سعد لحلم العودة من مطار دمشق في ظل تحول الغرب بقيادة الولايات المتحدة و معها فرنسا و بريطانيا إلى مباشرة التكيف مع حقيقة الهزيمة التي منيت بها الحرب الاستعمارية على سورية و مع تصميم هذا الغرب على ضمان استقرار لبناني يعبر عنه دعم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي منذ الحشد الدبلوماسي في قصر بعبدا بعد غزوة السنيورة للسراي الكبير بغوغاء المرتزقة و الإرهابيين السوريين الذين رفعوا راية الانتداب على أبواب السراي إنهم و بكلمة يذهبون غلى خيبة جديدة لكنها ستكون دامية و عالية الكلفة ما لم تحز السلطة أمرها و تامر الجيش اللبناني بتفكيك تشكيلات الإرهاب و التكفير و حظر نشاطها طبعا بعد رفع يد من يحميها و رده إلى القانون و النظام بدلا من تبعيته الحزبية العمياء.