الاستكبار واستغلال كأس العالم
هل كأس العالم هو رياضة فقط؟
بعد توقف دام 12 عاماً بسبب الحرب العالمية الثانية، أقيمت عام 1950 البطولة الرابعة من بطولات كأس العالم في البرازيل إلا أن سمتها الأبرز كانت غياب عدد من الدول نتيجة تقسيم العالم الى معسكرات مختلفة.
فهذا الاستحقاق الرياضي غالباً ما يرتبط بالسياسة، لا سيما لجهة مقاطعة بعض الدول المونديال بسبب موقفها من البلد المضيف. كما أنه في معظم الأحيان كانت هذه المناسبة فرصة لبعض الدول المستكبرة كي تمرر اعتداءاتها في ظل انشغال العالم بمتابعة المستجدات اليومية للفرق الرياضية في المونديال.
وبما ان الاعلام يلعب دورا كبيرا في تغطية وقائع كأس العالم فإن الفرصة تكون متاحة للقيام بما تخطط له بعض الدول، وفي عملية بحث سريعة عن الدول التي ما زالت حتى يومنا هذا تحتل الأراضي وتشرد الشعوب نجد كيان الإحتلال على رأس القائمة.
لمحة تاريخية
وفي استعراض تاريخي لاستغلال “اسرائيل” لمناسبة حلول كأس العالم فإننا نجده تاريخا حافلا بالحروب والاعتداءات لدرجة انه لا تكاد اي مناسبة لكأس العالم تأتي إلا وتقوم خلالها “اسرائيل” باعتداءات واجتياحات ومجازر في ظل انشغال الاعلام العالمي بتغطيتها. ومن اهمها الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978، حيث لا يمكن ان ينسى من عايش مرحلة السبعينيات هذه الجريمة وكيف ان العالم بأكمله كان مشغولا بالمونديال الذي اقيم في الأرجنتين وكأن شيئا لم يكن. إنشغال الإعلام العالمي آنذاك بالاستحقاق الرياضي ساعد كيان العدو في تغطية جرائمه ضد اللبنانيين والفلسطينيين.
إعتداءات ممنهجة
ثم جاءت مباريات كأس العالم في عام 1982 في أسبانيا التي بدأت في الثالث عشر من شهر حزيران/يونيو، وقتها كان كيان الاحتلال قد استبقها باجتياحه الثاني للبنان في السادس من الشهر ذاته. وكانت تغطية أخرى لإعماء عيون الإعلام العالمي عن المجازر التي ارتكبتها اسرائيل” في لبنان بحق اللبنانيين والفلسطينيين وخاصة مجزرتي “صبرا وشاتيلا”.
كما لا نستطيع التغاضي عن مباراة كأس العالم عام 2006، حيث استفادت “اسرائيل” من المناسبة فقامت بشن اشنع حروبها على لبنان ودمرت الأبنية والجسور وارتكبت المجازر. اما مباراة عام 2014 التي تقام حاليا في البرازيل فإن “اسرائيل” لم يُرضها ان تمر هذه المباراة من دون الاستفادة من عمى الاعلام العالمي عنها فشنت عملية عسكرية واسعة أدت إلى تهجير وتدمير وقتل وجرح العشرات من الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.
ولا يمكن ان نضع ما يجري داخل العراق من الهجمة الداعشية خارج اطار الاستفادة من الموقف، ومن خلال متابعة الاعلام العالمي نرى ان التغطية الاعلامية لما يجري في العراق هي اضعف بكثير من التغطية التي تحظى بها مباراة كأس العالم، ما يدل على ان التخطيط للحرب ليس بعيدا عن الاستغلال الواضح لانشغال العالم بكأس العالم.
إضافة الى كل ما سبق يبقى ان مناسبة كأس العالم على الرغم من انها تحمل عنوان الرياضة، ولكنها تدخل في صميم المشروع الرأسمالي الكبير، وأنها فرصة للشركات الكبرى لتستغل المناسبة كي تزيد من ارباحها عبر منتجاتها المنسجمة مع الحدث. كما أن جماعة المتنورين التابعين للماسونية يتحكمون بكافة التفاصيل لدرجة ان من يراقب اللاعبين عندما يتحدثون مع بعضهم البعض داخل الملاعب او أثناء اللعب فإنهم يغطون افواههم كي لا يقرأ المتنورون حركات شفاههم ويفهمون قولهم كي لا يتحكموا بمسألة الربح والخسارة لهذا الفريق او ذاك، وخاصة مع ابتداع مسألة المراهنة على الربح والخسارة في عملية تشجع على المقامرة، تجعل من الاجيال الشابة المتحمسة للرياضة مدمنة على المقامرة في مرحلة ما بعد مباراة كأس العالم.
فهل يمكن ان يكون هناك رياضة تجمع العالم على الخير من دون تدخل واستغلال؟ ام ان العالم بحاجة الى حرب رياضية عالمية تصحح المسار الرياضي وتمنع المستغلين والمستفيدين من هذه المناسبة من تحقيق اهدافهم المسيئة للرياضة وللبشرية؟
موقع العهد الإخباري – نزيهة صالح