الإتفاق الأولي مع صندوق النقد وإنعكاساته على الصعيدين النقدي والإقتصادي
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
منذ يومين تم الإعلان عن التوصل الى اتفاق مبدئي بين لبنان وصندوق النقد الدولي وذلك بعد إنتهاء الجولة الثانية من المفاوضات بين الطرفين. وقد أكد فريق الصندوق أن هذا الاتفاق مبدئي وعلى مستوى الموظفين مع تحديد شروط مسبقة خاصة بهذا الاتفاق تعتبر المدخل الأساسي والالزامي من أجل الاستمرار في التفاوض حتى الوصول الى اتفاق نهائي كامل وشامل وفقًا لصندوق النقد الذي حدد قيمة القرض بـ 3 مليارات دولار تدفع على مدى أربعة سنوات، وذلك بعد التزام لبنان الكامل بالشروط المفروضة عليه وهي تتعلق بالظاهر بإصلاحات مالية ونقدية يجب على القوى السياسية تنفيذها قبل الوصول الى الاتفاق النهائي الذي يسمح في تحويل الأموال الى خزينة الدولة اللبنانية.
* أبرز الشروط التي وضعها فريق الصندوق:
1 – إعادة هيكلة القطاع المالي من أجل استعادة المصارف للقدرة على العمل والبقاء من خلال تخصيص الموارد بكفاءة عالية لدعم التعافي المالي والاقتصادي.
2 – تنفيذ الاصلاحات المالية المرتبطة بإعادة هيكلة الدين الخارجي من أجل ضمان استدامة الدين ولخلق مساحة واسعة للاستثمار في الانفاق الاجتماعي وإعادة إعمار البنى التحتية.
3- إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية المملوكة من قبل الدولة وخاصة في قطاع الطاقة من أجل توفير جودة الخدمات من دون استنزاف الموارد العامة.
4 – تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد وغسل الأموال من أجل تعزيز الشفافية والمحاسبة وذلك عبر تحديث الإطار القانوني للبنك المركزي والحوكمة.
5- إنشاء نظام نقدي شفاف يتسم بالمصداقية والشفافية.
6 – تحسين المالية العامة وخفض الدين العام من خلال زيادة الايرادات وتقليص الهدر في النفقات.
7 – موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية إعادة هيكلة المصارف وكذلك موافقة المجلس النيابي على تشريع مناسب للمعالجة الطارئة في القطاع المصرفي المطلوبة بشدة من أجل تنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة المصارف.
8 – موافقة البرلمان على مراجعة قانون السرية المصرفية لجعله يتماشى مع القانون الدولي ومعايير محاربة الفساد.
9- إتمام التدقيق في وضع الأصول الأجنبية لمصرف لبنان لبدء تحسين شفافية هذه المؤسسة المهمة والرئيسية.
10 – موافقة مجلس النواب على إقرار مشروع موازنة 2022.
11 – موافقة المجلس النيابي على إقرار مشروع الكابيتال كونترول.
12 – توحيد مصرف لبنان أسعار الصرف لعمليات الحساب الجاري المصرح بها، والتي اعتبرها صندوق النقد أمرًا بالغ الأهمية من أجل تعزيز النشاط الاقتصادي.
* قرأة وتحليل
من وجهة النظر الاقتصادية يعتبر هذا الاتفاق المبدئي على مستوى الموظفين كما شدد صندوق النقد الدولي على توصيفه، إتفاقًا حاسمًا لجهة تحديد الخطة التي يجب البدء بها قبل الحصول على الأموال وفي طليعتها التدقيق الجنائي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، بالإضافة الى اقرار الموازنة بأسرع وقت وهو ما يبدو مستبعدًا.
كذلك الاتفاق يصر على تعديل قانون السرية المصرفية بما يتيح تدقيقًا أكبر في حسابات السياسيين اللبنانيين داخليًا وخارجيًا وهو ما يبدو أيضًا أمرًا صعب الحصول وفق رأي كثيرين. اضافة إلى إصرار الصندوق على ضرورة توحيد مصرف لبنان لسعر الصرف في كافة التعاملات مع تشديده على أهمية هذا الشرط كخطوة أساسية نحو تحفيز النشاط الاقتصادي إلا أنه وفقًا للمتابعة لتعاميم مصرف لبنان المختلفة، لا يوجد أي مصلحة أو نية لدى المصرف المركزي أو المصارف في حصوله وذلك من أجل استمرار عملية “الهيركات” المفروضة على المودعين.
ومن الناحية الرقمية والمالية، هذا الاتفاق حتى لو وصل الى خواتيمه المنشودة فهو بالتأكيد غير كافي للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية، فمبلغ 3 مليارات دولار لا يكفي لتحقيق النهوض بالاقتصاد اللبناني، إلا أنه يمكن أن يفيد في إطلاق عجلة النمو وتحفيزه بشرط وجود خطة إقتصادية شاملة ومتنوعة تعمل على ايجاد موارد أخرى للتمويل من خلال الانفتاح على العروض الدولية المرتبطة بالطاقة وغيرها، وبشرط أن يحصل تغيير جذري في عقلية المنظومة الحاكمة من الناحية الاقتصادية والمالية، وذلك عبر العمل على ترسيخ قواعد الادارة الحكيمة والرشيدة لمختلف القطاعات الاقتصادية.