الأمن القومي العربي و العدوان على اليمن
وكالة أنباء آسيا ـ
العميد الركن عابد محمد الثور:
يظلّ العدوان على اليمن والحرب الظالمة التي أعلنتها السعودية والإمارات على اليمن هي الخطر الحقيقي على المنطقة العربية وأمنها القومي. فكان يوم ال 26 من شهر مارس 2015م هو اليوم الذي أعلنت فيه السعودية تنصّلها عن عروبتها وقوميتها . وما كان الإعلان لساعة الصفر من قبل ملك السّعودية إلّا إنذاراً ببدء المرحلة القادمة من تاريخ الأمّة العربية. وقد حرصت أمريكا وحلفاؤها على أن تتولى السعودية مسؤولية الإعلان للحرب على اليمن تحت ذريعة إعادة الشرعية المزعومة إلى صنعاء. ففي الوقت الذي أعلن النظام السعودية إعلان الحرب وبدء العمليّات العسكرية في اليمن بطلبٍ وهميٍّ وكاذبٍ من الرئيس عبدربه هادي وتفويض منه للسّعودية بضرب صنعاء وإعادة الشّرعية .كان الرئيس المنتهية ولايته ما زال مختفياً بعد هروبه من مقر إقامته في صنعاء. . وبعد إعلان الحرب وبدء العمليّات العسكرية الجويّة على صنعاء وكامل المحافظات في الجمهورية يطلّ الرئيس هادي بعد أيامٍ من الحرب ويقول في تصويرٍ مرئيٍّ وصوتيٍّ أنّه لم يعلم بإعلان الحرب من السعودية إلا بعد أيامٍ. .. وكان ذلك بمثابة الفضيحة الكبرى على السعودية. وكان إعلانها الحرب تجاوزاً لكلّ الأعراف والقوانين والعلاقات الدّولية ومواثيق الأمم المتحدة المنظمة للعلاقات والبروتوكولات الدولية. فكان هذا الاعلان هو نقطة التحوّل الاستراتيجية في تاريخ العلاقات الدبلوماسية العربية والدولية. . والتجاوز الذي قامت به السعودية تجاه اليمن بإعلان الحرب واستغلال الثّروة السعودية والخليجية لتنفيذ أجندة خارجيّة أعدتها أمريكا وإسرائيل لتمرير صفقة القرن. واعتبرتِ السّعودية أنّ الفرصة حانت لفرض واقعٍ عربيٍّ جديدٍ في المنطقة وتغيير الخارطة العربية الجديدة بوجود الكيان الصهيوني وفرضه كدولةٍ لها كيانها وتاريخها وجذورها التي تعهدت السعودية بترسيخها في الوسط العربي والإسلامي. واحقيتها في الحياة والتعايش مع باقي العرب. وأقنعت أمريكا وبريطانيا النظام السعودي والإماراتي بأنّ أمن إسرائيل وبقائها دولةً قوية ونووية في المنطقة العربية هو ضمانٌ أكيد لبقاء الأنظمة العربيّة الملكية وعلى رأسها النظام الملكي الرجعي المتخلف في السعودية .. وأنّ إسرائيل كٲيّة دولة أخرى في العالم تسعى للاستقرار والأمن والسكينة وحسن الجوار ، ومن واجب الدول العربية أن تجنح لسلمٍ مع إسرائيل بعد حروبٍ عربيّة اسرائيلية عبثيّةٍ لم تزد إسرائيل إلّا قوّةً ومتانةً وتوسّعاً. وأنّ الخطر الحقيقي للأمن القومي العربي هو جهة إيران الدولة الاسلامية القوية. وأنّ قوتها وترسانتها العسكرية خطر على الأمة العربية وأمنها مع إسرائيل .. وهكذا كانت السعودية رائدة العمل السياسي والعسكري لمواجهة الخطر الإيراني على إسرائيل والذي بدوره سيكون خطراً على الدول العربية. وإعلان الحرب على اليمن كما تدعي السعودية هو لمواجهة الخطر الإيراني الذي يهدد الكيان السعودي وليس الكيان الصهيوني ..وأنّ الحرب كانت ضروريةً لإعادة الشّرعية المزعومة ولتبرّر السعودية حربها وعدوانها على اليمن وهمجية النظام السعودي في قيادة التحالف العربي الكبير في الحرب وإسناد أمريكي بريطاني لتدمير اليمن أرضا وإنسانا. وحقّقتِ السّعودية أهدافها في اليمن من تدمير النية التحتيّة كاملةً وفرض حصارٍ قاتلٍ ومطبقٍ على اليمن وخاصة المناطق الشماليّة والواقعة تحت سيطرة المجلس السياسي الأعلى. وتداعتِ الحرب على اليمن إلى مراحلَ أبعد من المخطّط السعودي لفرض الوصاية المسلوبة منهم على اليمن إلى حربٍ كونيّة بقيادةٍ أمريكية إسرائيلية ومشاركة ميدانيّة من قبل العدوّ الأمريكي والإسرائيلي بالطيران والتدريب والتزويد الغير محدود للأسلحة والذخائر بما يضمن بقاء الحرب والعدوان على اليمن وشعبه. إنّ ما قامت به السعودية والامارات من مغامرةٍ وحماقة تجاه اليمن كانت هي الفقرة الاخيرة في مسلسل المؤامرة والخيانة للقوميّة العربية والاتحاد الإسلامي والدفاع المشترك ضدّ أي عدوان على الأمّة العربية والإسلامية. وكشفتِ الحقائق والأسرار للأنظمة العربية المتهالكة وعلاقتها السياسية بالكيان الصهيوني والتي ظهرت جليّةً وواضحةً خلال الحرب والعدوان على اليمن. ومشاركة أمريكا وإسرائيل في الحرب مباشرة وغير مباشرة، والمساعي والجهود التي تروّج لها السعودية وغالبية الدّول العربية بالتطبيع العلني المتبجّح والوقح مع إسرائيل دون مراعاةٍ لكل المبادئ والأهداف العربية والقومية إضافةً إلى الحروب التي خاضتها الشعوب العربية ضدّ الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين ، فكل المشاريع القوميّة والعربية ضد الوجود الاسرائيلي في قلب الأمة العربية واحتلاله لجزء غالٍ على كلّ المسلمين في العالم كانت عبثيّةً وغير قانونية ومئات الآلاف من الشهداء العرب والفلسطينيين سقطوا في سبيل استعادة الارض المحتلّة من يد العدو الصهيوني منذ أكثر من سبعين عاماً . وأنّ الوقت قد حال لواقعٍ عربي جديد تكون إسرائيل فيه هي القوة المفرطة والنووية لضمان أمن واستقرار الدول العربية ومواجهة الاخطار المحدقة بالأرض الربية وثرواتها من المدّ الإيراني. وبذلك كانت السعودية هي صمام أمان إسرائيل وما حربها على اليمن إلّا لتؤكّد للعالم وللمسلمين بأنّ النظام السعودي هو الوجه الحقيقي لليهود والكيان الصهيوني.
إنّ اليمن برفضها للوصاية السعودية والهيمنة الأمريكية على الإرادة اليمنية كانت بذلك تعلن للعالم وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل بأنّ اليمن يرفض كل أنواع الوصاية والهيمنة والسيطرة وبكلّ أشكالها. واستعداد اليمن لتحمّل نتائج الحرية والاستقلال والسيادة على كلّ اليمن وأنّه لا أمل للتراجع عن المشروع الوطني اليمني الشامل لكلّ اليمن ارضا وانسانا وشمالا وجنوباً وشرقا وغربا كما أنّه لابدّ من عودة الحقوق المسلوبة من اليمنيين في أراضي نجران وجيزان وعسير وأنّ الحياة الصعبة والأليمة التي عاشها شعبنا اليمني الصابر في ظلّ الحكومات السّابقة تحت رحمة الوصاية السّعودية والهيمنة الأمريكية والعمالة والخيانة والتآمر على الوطن اليمني لن يتكرّر في التاريخ اليمني وسوف تستعيد اليمن مكانتها الطبيعية بين الشعوب العربية والمنطقة. وكانت الحرب الطويلة لخمس سنوات مضت والتي استخدم فيها العدوان كل قدراته العسكرية والاستراتيجية في تدمير اليمن لافقاده السيطرة على البلاد واحتلاله من جديد. والتي وصلت إلى مراحلَ خياليّةٍ من إثقال الخزينة السعودية والاماراتية وخسائر كبيرة تكبدتها الانظمة المشاركة في حربها وعدوانها على اليمن وعلى رأسها السعودية والتي فقدت الجزء الكبير من اقتصادها جراء الردع اليمني الاستراتيجي على العمق السعودي. لقد كانت حرب الخمس سنوات الماضية على اليمن بمثابة التحول الحقيقي في البنية العسكرية اليمنية أمام هذه الحرب الظالمة وغير العادلة على الجمهورية اليمنية. فاتجاه اليمن الى إعادة البيت اليمني الكبير ووضعه الصحيح من خلال توحيد كلّ مكونات الشعب اليمني وقواه ليشكّل بذلك البذرة الأولى لبناء الدولة اليمنية الحديثة لمواجهة العدوان والوقوف أمام المخطّطـ الصهيوني الأمريكي العالمي لتغيير الخارطة العربية. وكان الحلم اليمني في تقدّم كبيرٍ قابله انحسار للمشروع الصهيوني الكبير المتمثل بصفقة القرن. وأصبحت اليمن اليوم قوةً عربيةً عزّزت مكانتها في المنطقة بتوجيه رسائلَ قويةٍ وتحذيريةٍ للكيان الصهيوني من ارتكاب حماقاتٍ عسكريةٍ ضد اليمن لمساندة النظام السعودي في حربه على اليمن سوف تكون عواقبها وخيمةً وكارثية على اسرائيل وفي عمقها الاستراتيجي، فاليمن اليوم قادرٌ على حماية نفسه من أي اعتداء خارجي على كامل الجغرافية اليمنية. فكان هذا التحذير والإنذار المبكر هو رسالةٌ قوميّة عربية إسلامية بأنّ كل المقاومة العربية والاسلامية تمضي قدماً في خطٍّ واحدٍ للأمام لمواجهة التهديدات التي قد تؤثر على أمن واستقرار الأمّة العربية والإسلامية. وأنّ اليمن يمثل بشعبه وقيادته وقواته المسلحة محوراً رئيسياً للمقاومة العربية الاسلامية. والامن القومي العربي مرهون بتحالف جميع محاور المقاومة العربية والإسلامية طالما هناك كيانٌ سرطانيٌّ مزروع في قلب الأمّة العربية اسمه اسرائيل، وستكون المقاومة العربية والإسلامية على موعدٍ حقيقي للوقوف بقوّةٍ وعلمٍ وتحالف أمامه لإزالته وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من يد العدو الصهيوني وإفشال كلّ مؤامرةٍ يحاول العدو الإسرائيلي أو الأمريكي إلحاقها بأمن وسلامة الأمّة العربية والإسلاميّة.