#الأقصى…الغائب عن المشهد العربي
لم تعد الصرخات والتنديدات الخجولة، أو الدعوة إلى احترام المقدسات والتوقف عن استفزاز المسلمين، قادرة على إيقاف الانتهاكات تجاه الأقصى، وقد ثبت تاريخياً، أنه لا يمكن التعويل الجاد على دور عربي من خلال جامعة دول عربية أو غيرها، كما ثبت أنه ليس للقدس والأقصى غير بعض الضمائر الحية التي لا تزال تذكر المسلمين بالقضية، من حركات مقاومة وصور لعائلات محاصرة تمكث تحت نيران المحتل وتواجه يومياً أبشع أنواع الظلم والقهر.
في الذكرى 47 لحرق المسجد الأقصى، لا شك بأن القضية الفلسطينية هي في قلب كل عربي حر ومحب للعدالة، لكن ما الدور المتوجب تأديته من قبل الشعوب العربية والإسلامية نصرةً للمسجد الشريف؟
اعتاد الإسرائيليون على التنديدات والتهديدات اللفظية، لذا التعويل على “جامعة الدول العربية” أو “منظمة التعاون الإسلامي” فيه مضيعة للوقت وتفريط في القضية، فضلاً عن أن الصمت الرسمي العربي أغرى إسرائيل بالمضي في خطواتها من دون أن تلتفت إلى الوراء. فإحدى نتائج إحراق المسجد الأقصى في 21 آب / أغسطس من العام 1969، بهدف جسّ نبض الشارع العربي والإسلامي في اعتداء على واحد من أهم مقدساتهم، كانت تأسيس منظمة “المؤتمر الإسلامي” ولاحقاً “منظمة التعاون الإسلامي”، عوضاً عن القيام بعمل عسكري عربي مشترك يردع إسرائيل.
إعلامياً، تغطية الاعتداءات التي يتعرض لها مسجد الأقصى على القنوات الاخبارية، أضحت خبراً عابراً، وعلى مرأى من غالبية الأنظمة العربية التي بذلت بدورها مجهوداً كبيراً في جعل قضية فلسطين مغيّبة عن المشهد الوطني، وشغلت المواطن بشدة مادية يتحسب لتداعياتها مستقبلاً فقتلت لديه روح الغيرة على المقدسات وقضايا الأمة.
كذلك ما يجري اليوم في سوريا بشكل خاص، إضافة إلى الفوضى التي تعم أهم الدول العربية والإسلامية، جعلت العرب والمسلمين يفقدون الثقة بقدرة جيوشهم على مواجهة إسرائيل، فصارت الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى واقعاً يتعايش معه كثر.
ثمة حلول عديدة أمام الشعوب العربية وقادتها، فالقوى الشعبية قادرة على النزول إلى الشوارع وفرض إغلاق السفارات الإسرائيلية في الدول العربية والإسلامية، كذلك توسيع دائرة الصراع بشرياً وجغرافياً ضد إسرائيل، وذلك عبر الطرد السياح الإسرائيليين من كل هذه الدول.
ديبلوماسياً، يمكن للدول العربية والإسلامية أبرزها إيران والسعودية وتركيا ومصر، وبمعزل عن الخلافات في القضايا الأخرى، رفع دعوى مشتركة ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن، وهذا الحراك السياسي سيكون بمثابة إزعاج للحكومة الإسرائيلية وسيشكل زخماً ديبلوماسياً على الصعيد الدولي.
في السنوات الماضية الأخيرة، شهدت شوارع بعض الدول الغربية احتجاجات ضد إسرائيل، وطالب المتظاهرون من خلال يافطات رفعوها بجرأة عالية، بمقاطعة إسرائيل وفرض عقوبات عليها من قبل الأمم المتحدة، لكن في المقابل، لا تزال الشوارع العربية اليوم غافلة عن كافة الانتهاكات التي يشهدها الحرم القدسي.
المصدر: الميادين نت