اغتيال اللقيس الثاني بعد مغنية والأول بالرصاص
أقدمت مجموعة مسلحة منتصف ليل الأربعاء على اغتيال القيادي في حزب الله حسان اللقيس المقرب من الامين العام للحزب حسن نصرالله عند وصوله الى المبنى الذي يسكنه في منطقة السان تيريز الحدث وفي لحظة ركون سيارته في مرآب المبنى. هذه العملية الأمنية أثارت الكثير من الاهتمام والتساؤلات نظرا لأهمية الشخصية المستهدفة وطبيعة العملية والطريقة التي تمت بها والظرف الإقليمي الذي حصلت في ظله، ووقوعها عند نقطة تقاطع بين حربين يخوضهما حزب الله: حرب مفتوحة مع إسرائيل وحرب مستجدة مع من يسميهم “الإسلاميين التكفيريين”. وهذه أبرز الملاحظات والاستنتاجات المتعلقة بهذا الاغتيال:
1 ـ هذا أول اغتيال لقيادي في حزب الله يحصل في الضاحية الجنوبية بعد حرب يونيو 2006، وهذا ثاني اغتيال في أهميته بعد اغتيال القائد العسكري للحزب عماد مغنية عام 2008 في دمشق، حسان اللقيس يتبوأ مركزا قياديا مرموقا لم يفصح عنه حزب الله في بيان نعيه، لكنه متعدد المسؤوليات والمواهب، وكان أحد عقول الحزب الأمنية وتحديدا في شبكة الاتصالات والقطاع التقني الإلكتروني ومنظومة الدفاع الجوي، إضافة الى دوره اللوجيستي في المشتريات والسلاح.
2 ـ هذا أول اغتيال بالرصاص، بهذا الأسلوب الذي ينم عن حرفية ومهنية الجهة المنفذة في عملية تتطلب رصدا أمنيا ومعلوماتيا دقيقا ولا تحتمل أدنى خطأ. فكل عمليات الاغتيال التي تعرض لها مسؤولو حزب الله تمت بواسطة عبوات ناسفة، ولكن هذه المرة حدث تغيير في الأسلوب والتكتيك.
3 ـ عملية الاغتيال تشكل خرقا لمنظومة حزب الله الأمنية، وهذا الاختراق نتج عن ثغرتين: الأولى أن المبنى الذي يسكن فيه حسان اللقيس، وهو كان عاديا في تصرفه وغير معروف لدى سكان المبنى بأنه مسؤول في حزب الله، يقع عند تخوم الضاحية الجنوبية وليس في عمقها حيث الإجراءات الأمنية الاستثنائية المشددة، وهذه المنطقة شهدت وبعد حرب 2006 تدفقا متزايدا من جانب مسؤولي حزب لله وعائلات الضاحية الجنوبية، والثانية أن المبنى مفتوح عبر زاوية على ممر آمن عبر أحد الحقول الصغيرة الى الطريق العام، وهو ما أتاح للمجموعة المسلحة التي يعتقد أنها كانت من شخصين بالتسلل والمغادرة براحة ومن دون أن تترك وراءها أثرا وأن تقترب من هدفها الى أقرب مسافة ممكنة مع مسدسات مجهزة بكواتم للصوت.
4 ـ حزب الله لم يتأخر ولم يتردد في توجيه اتهام فوري لإسرائيل مستندا الى العناصر التالية:
٭ إسرائيل هي وحدها التي تعرف حسان اللقيس وكل شيء عنه وتتابعه، في حين أنه ليس معروفا لدى الجهات الإسلامية الناشطة في سورية ولبنان.
٭ إسرائيل سبق لها أن حاولت اغتياله وكان لها عدة محاولات فاشلة خلال حرب يونيو (قصف مبنى في الضاحية ومقتل ابنه، ومطاردة سيارته على بولفار كميل شمعون وإصابته هو بجروح).
٭ الموساد الإسرائيلي هي الجهة المقررة والمخططة، أما الجهة المنفذة فهي محلية ترتبط به وتتحدد هويتها لاحقا، مع استبعاد أن تنتمي الى جهات تكفيرية التي لا تعتمد مثل هذه الأساليب والأدوات في عمليات القتل والاغتيال وأسلوبها انتحاري وأدواتها سيارات مفخخة أو عبوات ناسفة.
5 ـ إسرائيل تفاعلت سريعا مع عملية الاغتيال وبرز في رد فعلها
٭ تسليط الضوء على أهمية اللقيس ودوره وطبيعة عمله بصفته أحد كبار القادة العملياتيين في حزب الله وصاحب عقل لامع ودور مركب يوازي منظومة التطوير وشعبة التكنولوجيا والإمداد في الجيش الإسرائيلي.
٭ عدم تبني العملية لا بل التنصل منها ونفي أي علاقة لإسرائيل بها. وهذا ما ينسجم مع الطريقة التي تستخدمها إسرائيل في السنوات الأخيرة، وهذا ما فعلته عند اغتيال عماد مغنية وعند قصف منشآت ومراكز سورية لإضفاء حالة من الغموض على الحدث وحالة من الإرباك لدى الخصم ورد فعله.
٭ تحويل الأنظار باتجاه قوى إسلامية سنية متطرفة معادية لحزب الله (مثل التنظيمات التي أعلنت تبنيها للعملية وغير معروفة من قبل مثل “لواء أحرار السنة بعلبك” وكتيبة “أنصار الأمة الإسلامية”) وإدراج الاغتيال في سياق الحرب التي يخوضها الحزب في سورية.
٭ استبعاد الرد من جانب حزب الله لانشغاله بالحرب في سورية وبالنظر الى الواقع الداخلي اللبناني الذي يقيد حزب الله وينطوي على الكثير من التوتر على خلفية حربه الى جانب النظام السوري.
لكن في إسرائيل من لا يستبعد أن يكون الاغتيال عملا إسرائيليا عبر استغلال الفوضى الكبيرة في لبنان لضرب حزب الله، وكون اللقيس له دور في تهريب منظومات سلاح متطورة من سورية الى حزب الله، تعمل إسرائيل على إحباطها. وفي إسرائيل أيضا من لا يستبعد احتمال أن يرد حزب الله بطريقة وفي مكان ما من دون أن يعطي إسرائيل فرصة أو ذريعة شن حرب عليه.
المصدر: صحيفة الأنباء الكويتية