اسرائيل، ازمة البقاء والمواجهة
موقع قناة المنار-
يونس عودة:
لم يعد من ادنى شك ، ان الكيان الصهيوني يتخبط في مشكلات البحث عن البقاء ، وهو يبحث من خلال مكوناته السياسية – العسكرية التلمودية، عن سبل تمد في وجوده على ارض فلسطين ، الا ان الوقائع والحقائق الموضوعية ، تجافي اي سبيل يمكن استخلاصه في هذا السياق ، لان الازمة الوجودية للكيان باتت ترتبط بمسألتين جوهريتين ، تترابطان في التعجيل بالنهاية الموعودة، لكيان استمد استمراره لغاية الان من قوى الظلم والتوحش العالمية .
المسألة الاولى : عودة الى انتاج وعي فلسطيني ، لم يضمحل اصلا، بان المقاومة المسلحة ، والمقاومة الشعبية على مختلف الصعد ، ليست قادرة فقط على ردع الاحتلال ، وانما الانتصار والتحرير ، وهذا الامر بحد ذاته ، يستوجب كما بات معلوما ، تضحيات اقل من الرضوخ للاحتلال ، عبر عمليات التفاوض على الحقوق ، سيما ان الشعب الفلسطيني لمس واقتنع، ان المفاوضات لم تنتج سوى الانقسامات ، وتضييع منجزات سنوات من الكفاح والجهاد ،لا بل وصلت المساومة الى تنسيق امني جوهره اخضاع من يواجه الاحتلال ، بينما اي عمل للمقاومة يوحد الشعب الفلسطيني من النهر الى البحر ، وكذلك في الشتات .
ان الوحدة الوطنية الفلسطينية ، على المستوى الشعبي يفترض ان تنعكس في برناج موحد للتحرير على مستوى القوى، وبمشاركة حقيقية من السلطة يحاكي فعلا عنفوان الشعب الفلسطيني المتجلي خلال عملية “سيف القدس”، وهذا امر يفترض انه بات من البديهيات الوطنية ، والخطوة الاولى في هذا السياق من جانب السلطة يكمن في نبذ التنسيق الامني الذي يفاخر بتقديماته جيش الاحتلال ومخابراته .
المسألة الثانية : ساهمت في تعميقها مراحل مقاومة الشعب الفلسطيني ، الا وهي الصراع على السلطة في مراكز القوى الاسرائيلية بين المتطرفين والاكثر تطرفا ، والتي يعبر عنها تقليديا ومجازا ، بين اليسار واليمين وابرز التجليات الحالية ما حدث في تشكيل الحكومة ، بعد فشل بنيامين نتنياهو قهريا وموضوعيا في عملية التشكيل رغم 4 جولات من الانتخابات المبكرة ، وما ظهر من انقسام مجتمعي ، عبر عنه كبار الحاخامات الذين اصدورا بيانا مشتركا، يلاقي تحريض نتنياهو حتى ولو حصل نزاع دموي ، ضد تشكيل “حكومة التغيير”، دعوا فيه أتباعهم إلى “القيام بأي شيء كي لا تتشكل حكومة كهذه. واعتبر الحاخامات، وفي مقدمتهم حاييم دروكمان، أنه “لا يمكن الاستسلام لواقع تتشكل فيه حكومة في إسرائيل ستستهدف الأمور الأساسية جدا في شؤون الدين والدولة، والتي كانت سائدة منذ انشاء إسرائيل وحتى اليوم بواسطة جميع حكومات إسرائيل”.
ان تحريض نتنياهو لقوى اليمين والمستوطنين ضد “حكومة التغيير”، احد المسامير الصلبة في نعش “اسرائيل” بينما اعتبر هو نفسه أنه “لا يمكن كم الأفواه ومنع توجيه انتقادات”، وأن “حرية التعبير ليست تحريضا، ويحاولون تصوير اليمين أنه عنيف وخطير على الديمقراطية”. وقال أنه جرى التحريض على قتله هو وأفراد عائلته، واصفا “حكومة التغيير” بأنها “حكومة الاحتيال”و إن ائتلافا تشكل حديثا ويوشك أن يطيح به إنما هو نتيجة “أكبر تزوير في الانتخابات” في تاريخ الديمقراطية.. واعتبر نتنياهو أن مجلسا وزاريا مصغرا للشؤون السياسية والأمنية (كابينيت) يكون في عضويته رئيس حزب ميرتس، نيتسان هوروفيتس، ورئيسة حزب العمل، ميراف ميخائيلي، ورئيس حزب “ييش عتيد”، يائير لبيد، “لن ينفذ عمليات جريئة خلف خطوط العدو” حسب تعبيره. وقد رفض نتنياهو تحذير رئيس الشاباك ناداف ارغمان من حصول اغتيال سياسي في أعقاب هذا التحريض.
ان تحذير جهاز المخابرات العامة (شاباك) من أن التحريض قد يؤدي إلى إراقة دماء حقيقية يعكس مخاوف مسنودة الى معلومات عن احتمال تنفيذ عمليات اغتيال، في ظل الصراع المتنامي بين المعسكرات الاسرائيلية الذي تحول صراعا تناحريا، كان للصمود الشعبي الفلسطيني ولثأثير العمل المقاوم دور اساسيا في تعميقه وجعله يطفو على السطح، واظهار الكيان على صورته الحقيقية الارهابية، حيث انتهت الصورة التي صنعتها الاجهزة الصهيونية عن الديمقراطية والامان والمظلومية .
هاتان المسألتان معطوفتان على القلق المتعاظم بين المستوطنين ، الذين فقدوا الامل بالامن على ارض فلسطين ، يفترض ان تتحول الى برنامج استقطابي يستند الى خطاب ومخاطبة بعد ان استعادت القضية الفلسطينية وهجا اشعاعيا ليس فقط في فلسطين، وانما على مساحة العالم ولا سيما في الدول التي للرأي العام فيها مكانة وتأثير.
ان العديد من القوى الفلسطينية سوف تجتمع في القاهرة في الايام المقبلة بدعوة من مصر ، وهذه الاجتماعات استدعاها الشعاع الرائع الذي انتجه “سيف القدس” ، والشعب الفلسطيني ومعه قوى مناصرة الحق يرنون الى نتائج على مستوى المرحلة ،من الوحدة الفلسطينية الحقيقية ،الى برنامج ثوري يؤدي الى التحرير ، والانعتاق من ربقة الذين لا زالوا يحاولون ويعملون على مد الكيان بوسائل القتل وسبل البقاء .