اتفاق أميركي قطري خطير!
صحيفة الوطن السورية ـ
صياح عزام:
لا شك في أن الدور الذي تلعبه مشيخة قطر دور خطير جداً، فكل ما شهده ويشهده الوطن العربي من أحداث ولاسيما في بلدان ما يسمى بالربيع العربي هو بتدبيرٍ وتمويلٍ منها، ويمارس رئيس وزرائها علناً، وبكل وقاحة دور الوصي على المطالبين بالتغيير، ولكن أي تغيير؟ التغيير نحو تبعيّة مدفوعة الأجر محدودة الصلاحية، التغيير نحو خدمة الأجندة الخارجية، وفي مقدمتها الأجندة الأميركية الإسرائيلية، وبطبيعة الحال، فإن دور الوصي هذا ليس ناجماً أيضاً عن حنكة وبراعة، بل ناجم عن المال الذي يدفعه لتنفيذ أوامره والتي هي بالأساس أوامر أسياده في واشنطن وتل أبيب، لأنه وأميره ليس أكثر من أداة تحركها أيادٍ خارجية كما تشاء. لقد كشفت مصادر صحفية مجموعة المطالب التي وقعت عليها قطر بعد اتفاق عقدته مع الإدارة الأميركية قبل بدء أحداث ما يسمى بالربيع العربي والذي يتضمن شروطاً مُذلَّة لصالح واشنطن، والدور الذي حُدد لمشيخة آل ثاني، بأن تؤديه في مجالات الإعلام والاتصالات وغيرها من المجالات خدمةً للإستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية على وجه الخصوص والآن، ماذا يتضمن هذا الاتفاق بين الولايات المتحدة ومشيخة قطر؟
بنود الاتفاق
يتضمن الاتفاق مجموعة من البنود وهي:
■ تلتزم قطر بتمويل جميع المشاريع الخاصة بالملاعب والمنشآت الرياضية التي ستقوم قطر بتشييدها لصالح نهائيات كأس العالم للعام /2022/، ويكون حق بنائها محصوراً بشركتين أميركيتين للبناء، هما «شركة موديولار كونستر اكشن سيستم» الأميركية وشركة «ستار جوزيف الأميركية أيضاً، بحيث لا يسمح لأية شركات أوروبية أو غيرها أن تتقدم بعروض للقيام بالبناء المذكور.
■ السماح للولايات المتحدة الأميركية بالعمل غير المشروط في مجال الإعلام خلال فترة المونديال، وتجهيز معدات إعلامية متطورة يتم وضعها في قطر اعتباراً من عام /2020/، أي قبل المونديال بعامين. وهناك بنود في الاتفاق ليس لها علاقة بالمونديال، وهي تشكل عصب هذا الاتفاق، وتشمل مواضيع سياسية متنوعة أهمها: قضية الشرق الأوسط، والدور المطلوب من قطر داخل الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط بشكل عام على صعيد حماية المصالح الأمريكية بمختلف الأشكال والسبل، والسعي لتحقيق كل ما من شأنه أن يريح إسرائيل ويخدم أمنها، ويوسع التطبيع العربي معها لتصبح تدريجياً من نسيج المنطقة.
■ العمل على متابعة الدعم المادي لجنوب لبنان من خلال إقامة الأبنية والمشاريع السكنية والاستثمارية والتي من شأنها أن تجعل أمير قطر مُقرَّباً من حزب الله اللبناني، والسعي من خلال ذلك لكشف مواقع سماحة السيد حسن نصر الله الأمين العام للحزب وأماكن تواجده من خلال هدايا تقدم لاحقاً لسماحته عَلَّها تساعد في تحديد موقعه بدقة على الأقمار الصناعية لإبلاغ إسرائيل بذلك، لأنها عجزت خلال أكثر من عشر سنوات عن معرفة أماكن إقامته وكيفية تحركه.
■ الضغط على تركيا وبشكل خاص على رئيس وزرائها /طيب أردوغان/ من أجل مقاطعة سورية والتضييق عليها، وبشكل تدريجي من خلال خلق ملف خاص بين الدولتين يتعلّق بالأكراد في سورية، والإدعاء بأن سورية تقدم كل فصول وأنواع الدعم للأكراد في تركيا، وتحرضهم ضد حكومة أردوغان، وتثبيت ذلك بمعلومات تصل لاحقاً من البيت الأبيض إلى أمير قطر من أجل استخدامها في الضغط على تركيا بخصوص أكراد سورية والعراق.
■ تفعيل دور قناة الجزيرة أكثر مما هو عليه حالياً، وتكليفها أميركياً بتغطية وتناول ملفات حساسة في كافة الدول العربية، وذلك وفق مخططات وتوجيهات وتعليمات محددة تصل لاحقاً وبشكل دوري من البيت الأبيض إلى أمير قطر بالذات، أو من مؤسسات إعلامية أميركية متخصصة بهذا الشأن.
■ العمل على نشر الفوضى في الدول العربية بحيث لا تعرف طعم الاستقرار وذلك من خلال ملفات تتعلق بالفساد وفي عدة دول عربية، ومن خلال التركيز على إثارة النعرات الطائفية بما يؤجج نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، ويسيء إلى عملية العيش المشترك والتآخي الطويل بينهم.
■ تقديم الدعم المادي للرئيس العراقي من أجل أخذ دوره الفعال في العراق لصالح أمريكا، وبالتالي الدور الفعال للولايات المتحدة الأمريكية، وفق أسس يتم تزويد قطر بها تباعاً.
■ العمل بشتى الوسائل والطرق من أجل توسيع النشاط الإعلامي لدولة قطر والمتمثل في قناة الجزيرة، وذلك من خلال إحداث أو افتتاح قنوات إذاعية في جميع الدول العربية.
■ العمل على دعم ملفات وأفكار خليجية وأجندة خاصة تتصمن تقوية دول الخليج وتحريضها دائماً على إيران والمنشآت النووية الإيرانية والتركيز على مزاعم الأطماع الإيرانية في دول الخليج.
■ السعي لإقامة علاقات متميزة مع دول أمريكا اللاتينية بغية تحقيق أهداف وخطط سيتم تزويد أمير قطر بها في وقت لاحق وتباعاً.
■ تقديم الدعم لتجمعات تزعم أنها مضطهدة في الوطن العربي والشرق الأوسط عامة، مثل دعم السنة في البحرين والأكراد في تركيا والأرمن في سورية والدروز في لبنان، من خلال المال، أو عبر الدعم الإعلامي لما تسميه الأوساط الأميركية والغربية بقضاياهم ومطالبهم. هذا فيما يتعلق بالمطالب السياسية والعامة.
مطالب اقتصادية
أما المطالب الاقتصادية المطلوبة من قطر بموجب الاتفاق المذكور بين قطر والولايات المتحدة فمتعددة أيضاً، أهمها:
■ التأثير على نشاط (منظمة أوبيك) من خلال التحكم بالإنتاج النفطي والإنتاج المصدر من قطر وبلدان الخليج العربي الأخرى.
■ العمل على إنجاز وعقد وتوقيع صفقات مالية كبيرة مع دول عربية تستهدف السيطرة على أراض وقطاعات اقتصادية مهمة في الدول العربية ودول الشرق الأوسط، من أجل استخدامها كمقرَّات ومراكز تجسس أثناء تنفيذ المشاريع والتي ستكون مدتها الزمنية مفتوحة بموجب خلق مشاكل وقضايا عالقة من أجل هذه المشاريع، مما يعيق إنهاء هذه المشاريع خلال المدة الزمنية المتفق عليها مع الجهات المعنية.
■ توقيع عقود طيران وعقود سياحية مع دول أوروبية، على أن تكون طويلة الأجل، بهدف السيطرة لاحقاً وفي مراحل متقدمة على حركة الملاحة الجوية بين دول الخليج العربي ودول أوروبا والغرب بشكل عام.
■ السعي الجاد لإنجاز وتوقيع اتفاقيات مع إيران تتعلق بمجالات النفط والطاقة على أراضي قطر، وجعل هذه الاتفاقيات ورقية فقط من أجل تحسين العلاقات مع إيران ظاهرياً.
■ أن تدفع قطر المبالغ المالية اللازمة لتنفيذ بنود هذا الاتفاق كافة وخاصة ما يتعلق بجنوب لبنان وبالضغوط على سورية.
البند الأخطر
أما البند الأخطر في الاتفاق فهو التالي: يحقّ للولايات المتحدة الأميركية إلغاء هذا الاتفاق، وبالتالي الضغط على (الفيفا) من أجل إلغاء استضافة قطر لمونديال كأس العالم للعام /2022/، كما يحق للولايات المتحدة إضافة بنود أخرى للاتفاق في مراحل مُقبلة مقابل مبالغ مالية يتم الاتفاق عليها بين قطر والولايات المتحدة من أجل وضع مبالغ مالية في حسابات (الشيخة موزة) زوجة أمير قطر في سويسرا.
إذاً، يتضح أن مشيخة قطر ماضية في عقد وتنفيذ مقاولات وشروط تجسّسسية في المنطقة لصالح أجندة أمريكية إسرائيلية، وهذا ما ظهرت ملامحه بوضوح عبر هذا الدور المنتفخ لقطر بالأحداث التي وقعت على الساحة العربية منذ حوالي عامين.