ابراهيم الأمين: لا اعترف بشرعية المحكمة ولا أوافق على القرار الإتهامي
أكد رئيس مجلس ادارة صحيفة “الاخبار” ابراهيم الامين قبيل انسحابه من جلسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن “القاضي يفرض عليه امور قمعية وهو يرفض ما يجري”، مبلغا “المحكمة انه سيلتزم بحقه بالصمت الكامل والرفض توكيل أي محامي من قبل المحكمة”.
وشدد الامين على أنه “حاضر بالنيابة عن نفسه وعن شركة الاخبار”، لافتا الى أنه ” لم يفهم بعض ما جاء في القرار الاتهامي”، مضيفا بانه “لا يحتاج الى الاستماع لهذا القرار طالما لا يحق له مناقشته”.
واشار الامين الى ان “حضوره الى الجلسة لم يكن بارادته الحرة بل اقرب الى مذكرة جلب”، مذكرا بانه “يعتبر المحكمة غير شرعية وهي مؤسسة لم تضمن يوما سلامة العالم”.
ولفت الامين الى انه “وعلى مسافة 100 كلم حيث يتواجد هناك ارضا اسمها فلسطين، لا يمكن ان يقرر شعبها مصيره ولا يتحرك مجلس الامن لملاحقة مجرمي الحرب من الصهاينة فكيف لعاقل ان يحترم قرارات المجلس الامن”، معتبرا أن “مجلس الامن اراد من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أن تكون اداة سياسية”.
وذكر الامين بانه “في العام 2006 ارتكبت اسرائيل خلال حربها على لبنان مجزرة ادت الى مقتل 1200 شخصا دون محاسبة، وخلال العام الماضي ارتكبت مجازر مروعة طاولة لبنانيين فقط بسبب انتمائهم الطائفي، مع الاشارة الى ان القتله يحظون بدعم اكيد من لبنان والمنطقة والعالم الذين يدعمون المكمة”، متسائلا في هذا الخصوص “هل تريدون ان نوافق بقرارات محكمتكم”.
وفي نهاية الجلسة استغرب القاضي نيكولا ليتيري انسحاب ابراهيم الامين دون ان يودع الموجودين في المحكمة.
وأكد الامين في حديث تلفزيوني، أنه “حاول التعامل مع المحكمة الدولية بمرونة الا ان اقاضي رفض ذلك، وكل الترتيبات تثبت ان المحكمة غير معنية بتامين ابسط القواعد”، مستغربا “تصرف القاضي ورغم الضمانات التي كان قد حصل عليها عن مثل هذه التصرفات ورغم اطلاع المحكمة على مضمون الرسالة”.
واعتبر الامين أن “المحكمة سياسية ولا تريد تحقيق العدالة”، لافتا الى أنهم “لا يريديون السير في قضية على ان يرفضها وهي في حال رد الدعوة سيكون هناك خسارة لرئيس المحكمة الدولية”، مشددا على أنه “سيقط كل اتصال بالمحكمة وليتخذ من اجراءات، وهي شريكة فيما يحضر للبنان من مخططات ضد لبنان ودفعه نحو التازم والحالة الوحيدة للعودة الى لبنان هي اعتذار علني عن الاجراء الذي قام به القاضي”.
وفيما يلي النص الكامل لكلمة ابراهيم الأمين أمام القاضي ليتييري
السيد نيكولا ليتييري المحترم
إن حضوري هنا، لم يكن بإرادتي الحرة على الاطلاق، بل هو أقربُ الى تنفيذ مذكرةِ جلب. ذلك أنني لم أتوقع أن تُظهروا احترامَكم لمعاييرِ العدالة، ثم تتجاهلون ابسط الخطوات الضرورية لقيام محاكمة عادلة.
لقد سبق أن أبلغتَكم بأنني أتحفّظ عن كل ما يصدر بحقي عن محكمتِكم. وها أنا أُبلغكم، اليوم، بأنني لا أعترفُ بشرعيةِ هذه المحكمة. هي مؤسسة، إخترعَها مجلسُ الامن الدولي، المؤسسةُ التي لم تضمن يوماً، سلامةً العالم.
على مسافةِ مئةِ كيلومترٍ، او اكثر، من هنا، هناك أرضٌ اسمُها فلسطين، لا يزال شعبُها، هو الوحيد، على وجهِ الكرة الارضية، الذي لا يحقُ له تقريرُ مصيرِهِ، بينما تُرتكبُ كلُ الجرائم بحقه، فلا يتحركُ مجلسُ الامن هذا، ولا تُقامُ محاكمُ دولية لملاحقة مجرمي الحرب من الصهاينة. فكيف لعاقلٍ، متعلمٍ، يحترمُ حقوقَ الانسان، ان يثقَ بما يصدرُ عن مجلس الامن؟
هذه المحكمة تنظرُ في قضية اغتيال سياسي واحد. وقد رُفض احالتُها الى محاكمَ دولية قائمة، بسبب عدم مطابقتها للجريمة التي تنطبقُ عليها حالاتُ المحاكمات الدولية. لكن مجلس الامن، ارادها اداةً سياسية. وحتى لا اعودُ بك الى تاريخ بعيد. اذكّركم، بأنّه، وبعد الشروعٍ في إجراءاتِ هذه المحكمة، ارتكبت اسرائيل مجزرةً أودت بحياةِ نحوِ ألفٍ وثلاثِمئةِ لبناني خلال ثلاثةٍ وثلاثينَ يوماً في تموز 2006، ولا تزالُ هذه الجريمةُ من دونٍ محاسبة، لا من قِبلِ مجلسِ الامن ولا من قِبلِ أيِ محكمةٍ دولية.
وخلال العام الماضي وحدَه، ارتُكبت مجازرُ مروّعة، وجرائمُ ضدَ الإنسانية، بواسطة سيارات مفخخة، وهي طالت مواطنين لبنانيين، فقط بسبب انتمائِهم الطائفي، ولم تَلقَ أيَ محاسبةٍ من أيّ نوع. مع الاشارة، الى أن القتلةَ والمجرمين، يحظَون بدعمٍ اكيدٍ من القوى اللبنانية والاقليمية والدولية الداعمةِ لهذه المحكمة.
فهل تريدون ان نثقَ بمجلسِ الامن وبقراراتِهِ او محاكِمِهِ على اختلافِها؟
لقد تم تهريبُ هذه المحكمةِ في ليلة سوداء. أُنشئت خلافا للاصولِ الدستورية والقانونية اللبنانية. حتى تمويلُها، يحصلُ سرا، من دونِ موافقةِ السلطةِ المعنية.
محكمتُكُم، أيها السادة، هي جزءٌ من سياقٍ سياسي، بدأ مع تشكيلِ لجانِ التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رفيق الحريري. وكلنا يعرف ان القوى المحلية والاقليمية والعالمية التي وقفت خلفَ قيامِ المحكمة، هي نفسُها التي تحرّضُ على حروبٍ دائمةٍ في بلدي، وضد شعبي، وضد مقاومَتِهِ البطلة في وجهِ الارهابِ الاميركي والاوروبي والاسرائيلي.
إن وجودي هنا اليوم، لا يعني مطلقاً، أنني اعترفُ بمحكمتِكُم، كمؤسسة تهدفُ الى تحقيقِ العدالة. بل على العكس، فان وجودي القهري هنا، هو نتيجةُ خَشيتي المشروعة، من تعرّضِ أفرادٍ من عائلتي، ومن زملاء في الجريدةِ التي اتولّى رئاسَتَها، إلى اجراءاتٍ تعسفيةٍ تُتّخذُ من قِبلِكُم، في قضيةٍ لا علاقةَ لهم بها. وهي إجراءاتٌ لن تحققَ، الا رغبةَ قوى القهرِ في بلدي والمنطقةِ والعالم.
أما من جانبي، شخصياً، فأنا لا آبه لكل ما تقومون به، او ستقومون به. ولن امنحَ محكمتَكُم أيَ شرعية. وأعتبرُ أن كل ما تقومون به، انما هو إعتداءٌ سافرٌ على حريتي وعلى حريةِ الاعلامِ في بلدي.
إنني لا أجدُ نفسي، هنا، في حاجةٍ الى محامٍ، ولا الى مساعدةٍ قانونيةٍ من احد. وليس لديّ أصلا، ما أقولُه في التهمة الموجهة إليّ، والتي يمثل صدورُها عن محكمَتِكُم، قلةَ احترامٍ لكلّ القوانين الدولية التي تكفلُ حقوقَ الانسان، وحريةً التعبير.
ما قمتُ به من اعادةِ نشرٍ، لموادَ منشورةٍ سابقا، هو بالضبط، ما يمليه عليّ واجبي المهني والاخلاقي تجاهَ شعبي، الذي تعرّض، ولا يزالُ، لاكبرِ عمليةِ تضليلٍ، باسمِ العدالةِ والقانون.
كلُ الذين تعاقبوا على ملف اغتيال الحريري، تولّوا فبركةَ أدلةٍ قد تكونُ سبباً في مقتلِ أشخاصٍ ابرياء، بعدما كانت سبباً في حجزِ حريةِ آخرين. كما شكلت على الدوام، الاعتداءَ الابرزَ على خصوصيات شعبي.
وبالتالي، فانا ارفضُ التهمةَ الموجهةَ اليّ، وأعتبرُها باطلةً، شكلا ومضمونا.
من جانب آخر، وبصفتي امثل هنا، جريدةَ “الاخبار”، فمن واجبي لفتُ انتباهِكُم، الى انها الصحيفةُ العربيةُ الوحيدةُ التي لا تربطُها ايةُ علاقةٍ بأي نظامٍ قمعي في العالمِ كلِه. وأتحدى، من هنا، ان يثبتَ ايُ شخصٍ وجودَ علاقةٍ كهذِه.
ان “الاخبار” التي تحاولون معاقبَتَها، هي منبرٌ يقفُ في قلبِ المعركةِ ضدَ الاضطهادِ السياسي والاجتماعي والثقافي من لبنان الى كل اقاصي الارض.
وليس صدفةً، ان يسقطَ من بينِنا شهيدٌ، هو الزميل عساف بو رحال، برصاصِ جيشِ الاحتلال الاسرائيلي، من دونِ ان يهتمَ احدٌ، من كلِ الداعمين لهذه المحكمةِ في لبنانَ وخارجَه، بتحصيلِ حقِه من خلالِ معاقبةِ قَتَلَتِه.
ليس صدفةً، ان تكونَ الجريدةُ، التي تهددونَ باقفالِها، لا تزالُ قيدَ الملاحقةِ السياسيةِ والقضائيةِ والمادية، من قِبَلِ داعمي هذه المحكمة في لبنانَ والمنطقةِ والعالم.
الفريقُ اللبنانيُ الداعمُ لكم، يطاردُها من دونِ توقف، امامَ القضاءِ والاجهزةِ التنفيذية في لبنان. ويعملُ فريقُهُ الاقتصادي على حجبِ المواردِ الاعلانيةِ عنها.
“الاخبار” جريدةٌ ممنوعةٌ في العالم العربي،
السعودية تحجبُ موقِعَها الالكتروني،
قطر تموّلُ عمليةَ تفريغِها من الكوادرِ والموظفين.
الحكومةُ السوريةُ ترفضُ نقدَنا لها، فتمنع توزيعَها على اراضيها، والمجرمون من معارضيها يتوعدوننا بقطع الرؤوس،
سفيرُ فرنسا في بيروت يبشّر باقفالِها، وزميلُهُ في الاممِ المتحدة يتهمُ مندوبَنا علناً، بانه ليس صحافيا بل رجلُ أمن، لماذا؟ فقط لاننا نطالبُ بتحريرِ المناضلِ الاممي جورج عبدالله الرهينة لدى الادارةِ الفرنسيّةِ، خلافاً لقراراتِ العدالةِ ومنطقِ القانون.
الاخبار جريدةٌ تعتبرُها الحكومةُ الاميركيةُ مصدرَ خطر، بعد نَشرِنا وثائقَ “ويكيليكس” الكاشفة للمؤامرات الاميركية ضد شعوبِنا. وتحاولُ اليومَ، منعَنا من نشر وثائقَ تجسسِها على مئات الملايين من البشر،
الاخبار، جريدةٌ يصفُها كيانُ العدو الاسرائيلي، في رسائلِهِ الى الامم المتحدة، بانها الناطقُ باسم الارهاب.
السيد ليتييري…
ان تجربتي الشخصية مع محكمتِكم الاستثنائيّة مريرةٌ جدا.
بدأت بتهويلٍ قادَه رئيسُ لجنة التحقيق الاولى ديتليف ميليس، ثم تابعَها خلفُهُ سيرج براميرتز بإخضاعي لتحقيقاتٍ ليست ذاتَ معنى، وصولا الى صديقِ المحكمة السابق ستيفان بورغون، الذي ادارَ استجوابا انتقائيا، وها انا اليوم، اعاني ايضا معكم، بعد رفضِكم ابسطَ حقوقي في معرفة الاساسِ القانوني للاتهام الموجّه اليّ، والعقوباتِ التي يمكنُ اتخاذُها بحق المؤسسة التي امثلها،
ان كل هذه التجربة، تعززُ مخاوفي من صعوبةِ تحققِ العدالة.
وبناء عليه، لقد قررتُ التزامَ حقي بالصمت الكامل طوال فترةِ الاجراءات. وارفضُ توكيلَ محامٍ للدفاع عني او عن “شركة اخبار بيروت”. وارفضُ بشدة ان تفرضوا عليّ محاميا من جانبِكم.
المجد لشهداء المقاومة ومجاهديها الابطال