إيران.. نجاعة الإقتصاد المخطّط
موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا*:
ها قد انقضت ثلاث سنوات، منذ 2010، على بدء المقاطعة الاقتصادية الغربية والامريكية خاصة على جمهورية إيران الاسلامية الدولة والشعب والعلوم والاقتصاد. لم تتأثر إيران بحُمَّى الحصار الغربي والأعرابي السائر ورءاه المفروض عليها، بل إزدادت عنفواناً وصداً للتوسعية الامريكية ومخططات الهيمنة الاوسطية، فتقدم اقتصادها وباتت تحرز المزيد من النجاح في علوم الفضاء، والصناعات، والزراعة، وإجتراح المزيد من الاختراعات، في مجال التقنيات العسكرية الرادعة، حتى غدت دولة جبارة في هذا المجال، يُحسب حسابها في المنطقة وعلى صعيد الكون.
ومِن فِيِهِ الأمريكان أنفسهم، فإن إيران صارت قوة أوسطية كبرى، إذ توصّل مركز “كارنغي” الأمريكي، الذي لا يربطه رابط مع ميول الامم ومصالح الشعوب، الى استنتاج لافت مَفاده أن الحظر على إيران غير مُجدٍ، وبأن الحلّ يَكمن في الحوار معها. وبيّن المركز في مقالة تحليلية تتناول مسار ملف إيران النووي، خلال العقد الأخير، أن سيناريو الحوار مع طهران مايزال هو السبيل الأمثل أمام الغرب لحل هذا الملف الشائك.
وفي هذا السياق، فإن المشروع الأمريكي في “الشرق الأوسط” يَفترض حالياً التوقف عن أية خطوات من شأنها حلحلة الازمة الناشبة، وفي مقابل ذلك، خلق حالة من عدم الاستقرار حول إيران وسورية وأنظمة المقاومة والممانعة والاستقلالية، وجعل حدود الجمهورية الاسلامية عرضة لمواجهات مع مختلف القوى، أكانت هذه عواصم إقليمية، أم قوات خارجية تغتصب الماء والبحر والأرض مِن حول إيران فيزداد صلفها وتتعاظم وحشيتها الاستحواذية، أو مجموعات إرهابية تعمل بأساليب الكرِّ والفر، تشكيلاً لخلخلة موضعية، وإعاقة لإيران عن استمرار السير في مسيرتها التطويرية والدفاعية.
وفي زيارة الرئيس الأمريكي أوباما الأخيرة الى المنطقة، فقد كان واضحاّ وجلياً أن البند الاول فيها هو محاصرة القوة الكبرى الاقليمية، إيران، وتشكيل حصار جماعي مِن حَولها، بقوى أعرابية، وخاصة في مياه الخليج، مَدعُومة مِن قواعد العسكرتاريا الأمريكية، وأساطيلها، تمهيداً لضربها بعد إنهاكها، وإرغامها على استنفاذ احتياطياتها في شتى المجالات، ليَسهل سَحلها، وفي الحصار المضروب حول إيران، في منطق أوباما ومِن مُنطَلقِهِ، عرقلة لكل سيناريوهات الحوار مع طهران، إعتقاداً بأن الحظر الدولي المجزوء سيسرّع من سقوط النظام الإسلامي في إيران، وهو، برأي المركز إياه، “تصور أحمق ومحض سذاجة”. فضرب إيران عسكرياً سيعمل على تقوية التوجهات الاستقلالية الايرانية، داخل ايران، ومدِّ هذه التوجهات خارجها بأسباب القوة والمنعة والإقدام، ليتشكّل بالتالي سياجاً أشمل في المنطقة بوجه التوسعية الاجنبية والمركزية الاسرائيلية المأمولة أمريكياً.
وفي الرد على أمريكا والعربدة الإسرائيلية، نجحت طهران في تطوير قدراتها في العديد من المناحي الرئيسية، وانعكس الأمر إيجابياً على الاستقرار الداخلي، ومِن ذلك، نجاحات علوم الفضاء المجترحة، وإطلاق الصواريخ الفضائية الحاملة لمَحَطّات آهلة بالحيوانات والحشرات، وإجراء التجارب العلمية على متنها، وتطوير مواقع المناجم الأرضية، وأوضاع الاستثمارات فيها، ومواصلة مشروع النمو الزراعي والتقني، وغدت هذه ملحمة يومية في سِفر التعمير المُلِحِ المتواصل، يَعكس نجاعة الانسجام بين قطاعات الاقتصاد المحلي مِن جهة، وبُعد بَصيرة القيادة السياسية من جهة أخرى، وفي الاستراتيجيا عُمق القدرات التخطيطية القائمة على الإمكانات المتوافرة. فالبلاد الايرانية تتمتع اليوم برغم الحصار الجائر اللامنطقي، بالكثير من الطاقات والانجازات المُجَسَّدة بصورة متألقة، حيث أمكن من خلال عمليات التخطيط الدقيق تحقيق الازدهار الاقتصادي وتعزيز آليات الدفاع الذاتي، وبالتالي إحباط مختلف التهديدات الموجهة للجمهورية الاسلامية الايرانية، التي أضحت تمارس تأثراً إيجابياً متعاظماً على المنطقة برمتها لصالح شعوبها.
*كاتبة روسية اردنية.