إنقسامات ومنافسات بين الفصائل المعارضة في سوريا
وكالة أنباء آسيا-
سامر الخطيب:
يبدو ان الاقتتال الداخلي والاشتباكات بين الفصائل عادت إلى المشهد بشكل بارز مؤخرا، في مناطق سيطرة “الجيش الوطني” المعارض المدعوم من قبل أنقرة، في شمال غرب سوريا، عقب انقسام ما يسمى بـغرفة “عزم” إلى ثلاث كتل، كل منها تنافس الأخرى على مستويات عدة.
ألقى الانقسام بظلاله على الأوضاع الأمنية في ريف حلب، وفي ظل غياب جهاز أمني موحد يسيطر على المنطقة، وتراجع نفوذ الشرطة وقوات الأمن العام في مثل هذه الحالات، ازدادت الاشتباكات بين الفصائل العاملة في “الجيش الوطني” خلال شهر رمضان، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من القتلى والجرحى.
منذ منتصف العام الماضي وحتى اليوم، مرت مجموعات “الجيش الوطني” بتغييرات عديدة، وكانت أحداث اتحادها ثم الانفصال سمة واضحة في عموم هذه الفصائل خلال هذه الفترة.
وبرأي محللين، فإن هذا بسبب الركود العسكري الذي فرضته القوى الفاعلة في سوريا. اذ فسروا هذا الركود بأنه ناتج عن عدة تقلبات أهمها، أنه اعتبارا من أوائل تموز/يوليو 2021، شهدت سوريا أطول فترة زمنية لها دون تطورات عسكرية كبيرة منذ بداية عام 2011.
ويتوقع مراقبون أن تزداد حدة الاقتتال الداخلي في مناطق سيطرة المعارضة إذا ما استمر التوافق بين روسيا وتركيا على إيقاف العمليات العسكرية، لا سيما مع انشغال روسيا في غزوها على أوكرانيا، في حين أن هذه المناطق ستشهد صراع دموي تعززه النزعة العشائرية التي تكن الولاء للمؤسسات العسكرية، في حين أن المستفيد في نظر احد المعارضين، هو متزعم “هيئة تحرير الشام”.
ويبدو أن خشية المدنيين بعد تعديل الفصائل وادعائها تنظيم نفسها، من أن تتطور الخلافات القائمة إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق بين الفصائل قد حدثت بالفعل. إذ استمر الاقتتال الداخلي بين مختلف فصائل “الجيش الوطني” في مناطق العمليات العسكرية التركية شمال سوريا.
فاندلعت الخلافات حول الصراع على السلطة والنفوذ والمكاسب المادية التي يتم جنيها من منافذ التهريب. حيث قال ناشطون إن عنصرا قتل، الخميس الفائت، في اشتباك مسلح بين مجموعتين من فرقة “السلطان سليمان شاه”، وسط مدينة جنديرس بريف عفرين شمالي حلب. وأدى الخلاف إلى إصابة مسلحين آخرين بجروح خطيرة.
كما بدأت عمليات الاغتيال ضد قادة وعناصر في “الجيش الوطني” بالتصاعد في شهر شباط/فبراير الماضي، وفي غضون أسبوع فقط، اغتال مجهولون القياديين في “الفيلق الثالث” محمد الحسين في مدينة اعزاز، وناصر الصيداوي في مدينة الباب، والقيادي في “حركة التحرير والبناء” فادي الخطيب في مدينة الباب.
وأفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، في 18 نيسان/أبريل، أن اشتباكات عنيفة بالرشاشات المتوسطة والخفيفة اندلعت بين مجموعتين من فصيل “الجبهة السورية”، قرب دوار القبان وسط مدينة عفرين. وتطور الخلاف إلى اشتباكات عنيفة بين الطرفين دون ورود أنباء عن وقوع خسائر بشرية.
وأسفرت الاندماجات والانشقاقات في نهاية المطاف عن بروز ثلاث كتل رئيسية، وهي “الفيلق الثالث”، و”هيئة ثائرون للتحرير”، و”حركة التحرير والبناء”، ما أدى إلى تشظي غرفة “عزم”، على اعتبار أن هذه الكتل بدأت تعمل بشكل مستقل تماما، بعد أن كانت معظمها ضمن قيادة واحدة وفق ما ادعى مؤسسيها.
كما أن معظم فصائل “الجيش الوطني” التي أصبحت تحت قيادة واحدة في فترة نشاط “عزم”، لكنها الآن مشتتة، وحتى الكتل الثلاث الحالية في الجيش لا يمكن المراهنة على استمرارها بهذا الشكل، فأغلب الفصائل فيها ما تزال تعمل بشكل مستقل، من دون تنسيق كامل فيما بينها، في تكريس لحالة “الفصائلية”.
الجدير ذكره بأن مناطق النفوذ التركي في بعض أرياف حلب والرقة والحسكة، تشهد فوضى أمنية وعمليات اغتيال متكررة تطال عناصر وقادة من “الجيش الوطني“، إضافة إلى اشتباكات ونزاعات داخلية بين الفصائل، وعمليات تفجير سيارات ودراجات مفخخة وعبوات ناسفة، غالبا ما تطال مدنيين أيضا، وتتسبب بأضرار مادية كبيرة في الممتلكات والمنازل، دون وجود رقيب أو حسيب على ذلك.
وتشكل “الجيش الوطني” السوري من اندماج عدد كبير من فصائل “الجيش الحر”، وهو يتمركز في مناطق واسعة شمالي سوريا.