إشتباكات عين الحلوة الأخيرة.. أنهت أم جمدت مشروع جبهة “النصرة”؟
موقع النشرة الإخباري ـ
ماهر الخطيب:
عاد ما يشبه الهدوء إلى مخيم عين الحلوة، بعد الإشتباكات المسلحة التي إستمرت على مدى يومين، على خلفية محاولة الإغتيال التي تعرض لها الناشط الإسلامي بلال بدر، لكن هذه الإشتباكات طرحت العديد من علامات الإستفهام حول مستقبل الأوضاع الأمنية في المخيم.
في الفترة الأخيرة، ضجّت الأوساط اللبنانية والفلسطينية بالمعلومات عن سعي مجموعات إسلامية في المخيم إلى إنشاء فرع لجبهة “النصرة” السورية في لبنان إنطلاقاً من عين الحلوة، وعلى الرغم من نفي معظم القيادات الفلسطينية هذه الأنباء في العلن، تؤكد مصادر متابعة أنها لم تأت من العدم، فما هي حقيقة هذه الوقائع؟
“لا دخان من دون نار”
تُصر القيادات الفلسطينية في مخيم عين الحلوة على نفي كل الأنباء التي تتحدث عن توجه مجموعات إسلامية إلى تشكيل فرع لجبهة “النصرة” السورية في لبنان إنطلاقاً من المخيم، وهذا الأمر يؤكد عليه كل من قائد “كتائب شهداء الأقصى” اللواء منير المقدح وأمير “الحركة الإسلامية المجاهدة” الشيخ جمال الخطاب لـ”النشرة”، ويشددان على أن لا وجود لهكذا تنظيم في المخيم على الإطلاق، ويصران على أن الوضع الأمني في المخيم ممسوك إلى حد بعيد على الرغم من الإشتباكات التي وقعت في الأيام الأخيرة.
هذه التأكيدات القاطعة، تنطلق منها مصادر فلسطينية متابعة من داخل المخيم، لتشير، في حديث لـ”النشرة”، إلى أنها تخفي خلفها قضية مهمة جداً تعلم بها القيادات الفسلطينية، وهي أن هناك إتصالات مكثفة حصلت قبل مدة بين قيادات جبهة “النصرة” السورية وشخصيات إسلامية متشددة داخل المخيم، بهدف تشكيل تنظيم داعم لها على الأراضي اللبنانية، وتلفت إلى أن الهدف الأساس من هذا التنظيم هو إيفاد الجبهة في سوريا بالمقاتلين والسلاح، لكنها توضح أن الإتصالات لم تلق الصدى الإيجابي داخل المخيم، مع العلم أن البعض من أبناء المخيم المقربين من هذه الشخصيات المتطرفة ذهبوا إلى القتال في سوريا، ومنهم من قُتل في المعارك ومنهم من عاد إلى المخيم، وتضيف: “على الرغم من أن هذا المشروع لم يبصر النور حتى الآن، لا يمكن إنكار الإتصالات التي كانت قائمة بهدف إنجازه”.
الإشتباكات الأخيرة والأمن الممسوك
على صعيد الإشتباكات الأخيرة في المخيم، يلفت اللواء المقدح الى أنها أكدت أن ليس هناك من حاضنة شعبية لأي بندقية تريد العبث بأمن المخيم، ويشير إلى أن هذا الأمر كان واضحاً من خلال التظاهرة الشعبية التي خرجت بشكل عفوي إلى الشارع بالرغم من إطلاق النار الذي لم يوفرها.
ومن جانبه، يشدد الشيخ خطاب على أن هذه الإشتباكات بدأت بسبب خلاف فردي، لكن وفاة أحد الأشخاص أدت إلى تطور الأمور التي إتخذت طابعاً عشائرياً، لكنه يؤكد أنها لم تأخذ طابعاً تنظيمياً بين مجموعة بلال بدر وحركة “فتح”.
وعلى الرغم من تأكيده أن الحوادث الفردية لا يمكن إيقافها نهائياً في أي مجتمع، يؤكد أن جميع الفصائل الفلسطينية في المخيم متفهمة للواقع الموجود فيه، ويشير إلى أنها عملت على تطويق الإشكال بعد وقوعه ومنع توسعه، ويرى أن الضامن لمنع إنزلاق المخيم إلى المجهول في أي مرحلة هو وعي مختلف القوى لخطورة هذا الأمر، ويرى أن المشكلة لا تنحصر داخل المخيم فقط، حيث يلفت إلى أن الوجود الفلسطيني خارج المخيمات يوازي الحضور بداخلها، ويشير إلى أن العديد من الفلسطينيين ينتمون إلى تنظيمات لبنانية عديدة، ويتمنى على الأفرقاء اللبنانيين تحييد المخيمات عن أي صراع سياسي أو غير سياسي.
وفي هذا السياق، يؤكد اللواء المقدح أن العبث بأمن المخيم ممنوع، ويرى أن الأمن بداخله لا يزال ممسوكاً، ويعتبر أن السبب في بروز بعض المجموعات الأصولية في الفترة الأخيرة يعود إلى الظروف الإقتصادية التي يعيشها أبناء المخيم، بالإضافة إلى تراجع دور العديد من الفصائل الفلسطينية بسبب هذه الظروف.
ويرى المقدح أن من الواجب إعادة ترتيب الأوضاع داخل منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل قوى أمنية لمتابعة الأوضاع بشكل دائم لمنع تطور أي حادث قد يقع، لكنه يلفت إلى أن هذا الموضوع يتطلب إمكانات مادية، ويكشف عن إتصالات تجري مع القيادة الفلسطينية في رام الله من أجل متابعة هذا الموضوع، ويشير إلى أن هناك وعوداً إيجابية.
ومن جهتها، تعترف المصادر الفلسطينية المتابعة أن الإتصالات الكبيرة التي قامت بها لجنة المتابعة داخل المخيم، بالإضافة إلى الإنتشار المسلح الكبير الذي نفذته عناصر حركة “فتح” خلال الإشتباكات لمنع توسع رقعتها حمل رسالة واضحة بأن العبث بأمن المخيم ممنوع، وبأن العمل على تشكيل منظمة شبيهة بجبهة “النصرة” غير مسموح به على الإطلاق كون المخيم لا يحتمل هكذا أمر، لكنها تتساءل إن كانت هذه الإشتباكات أنهت بشكل كامل مشاريع البعض أم أنها جمدتها بعد أن لمست أن الأرضية غير جاهزة؟