إرهابٌ جميل يُعِزّ الأمة
صحيفة الشروق الجزائرية ـ
صالح عوض:
المقاومة الإسلامية في لبنان منظمة إرهابية.. ومن قال غير ذلك؟ إنها إرهابية ونحن على ذلك من الشهود.. كيف لا تكون إرهابية وهي تطرد الجيش الصهيوني من جنوب لبنان؟ وكيف لا تكون إرهابية وهي تواجه جيش العدوّ أكثر من شهر وتكبّده خسائر فادحة وتُلحق الأذى العميق بسمعته وتُلزم ثلث الصهاينة بالنزول إلى الملاجئ وتوقف الهجرة اليهودية إلى الكيان؟
لماذا لا تكون المقاومة الإسلامية اللبنانية إرهابية وهي تُعلن انحيازها المطلق إلى فلسطين، وتفتح معسكرات التدريب لأبناء فلسطين من حركة حماس والجهاد الإسلامي وسواهما من التنظيمات الفلسطينية، وترسل أبناءها إلى أقرب النقاط مع غزة وفلسطين لتزويد المرابطين الفلسطينيين بالسِّلاح، ويتعرَّض كثير منهم للاغتيال أو السجن في الدول العربية المجاورة لفلسطين؟
كيف لا تكون إرهابية وهي تحصِّن الجنوب ضد الأعداء، وتكشف شبكات العملاء في لبنان، وأمراء المخدِّرات والحشيش، وتودعهم سجون الدولة اللبنانية؟ إن المقاومة الإسلامية في لبنان إرهابية بامتياز.. ولكنه إرهابٌ جميل ومحبوب.. إنه إرهاب يُعِزّ الأمة ويُذِلّ أعداءها.. إرهابٌ يرفع العار عن بلداننا.. فمن سواها من العرب لا يزال يرفع راية فلسطين؟ لا أحد من الجماعات والأحزاب والدول العربية سوى المقاومة الإسلامية اللبنانية يرفع راية فلسطين ويقاتل من أجلها وينحاز إلى أبنائها.. لذا فإنها إرهابية بامتياز لأن الله سبحانه وتعالى أمرها أن تُرهِب أعداء الله وأعداء الأمة وآخرين نحن لا نعرفهم على وجه التحديد، لكن الله يعلمهم ويُخرِج ما في صدورهم بين الحين والآخر.
لسوء حظ بعض حكَّام العرب أن قضية فلسطين ماثلة أمام الجميع بكل تفاصيلها؛ أقصى يُنتهك، وقدس يستباح، والأرض المباركة كلها عرضة للاستيطان الصهيوني، وشعب فلسطين المرابط حسب توصيف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يُشتَّت ويُقتل ويستباح حصارا وفتكا..
لسوء حظ أولئك الحكام أن الأمة بكل شرائحها تختزن مرجعيتها وتحافظ على معيارها بثبات: فمن يقف مع فلسطين يمثل الخط الصواب، ومن يتآمر على فلسطين فهو في خانة العملاء الأرذال المتهمين في شرفهم ونسبهم.. ومرجعية الأمة في ذلك أنها أمة واحدة، وربّها واحد، ودينها واحد، مهما تعددت الاجتهادات والمذاهب والقوميات.. ولذا فإن المنتظر دوما تحالفات عربية عسكرية أو إسلامية جهادية لتحرير القدس وقبلة المسلمين الأولى.. ومن المنتظر دوما مواقف حقيقية ضد العدو الصهيوني، وتعريفه بأنه مصدرُ الجريمة والإرهاب في العالم.. والحفاظ على مقاومة الشعب الفلسطيني بلا مواربة.
لكن على العكس من ذلك، اجتمع مجلسُ التعاون الخليجي ومن بعده جامعة الدول العربية ليُصدِرا بيانا بأن “حزب الله” اللبناني منظمة إرهابية.. إن هذا السلوك ليس وليد اللحظة؛ إذ متى كان مجلس التعاون الخليجي مع المقاومة؟ فلقد كان هذا المجلس عرّاب تدمير العراق وتوطئة الديار للجنود الأمريكان والغربيين لتحطيم البلد العربي، وكان هذا المجلس هو من أخذ على عاتقه مسؤولية تدمير بلاد الشام، فلسطين وسورية ولبنان؛ ففي الشأن الفلسطيني قدّموا وثيقة باسم “المبادرة العربية للسلام” في مؤتمر القمة ببيروت عام 2002، يتم بموجبها التنازل عن 80 بالمائة من أرض فلسطين التاريخية، فيما منعوا الرئيس الفلسطيني من حضور جلسات العمل في المؤتمر.. وفي الشأن الفلسطيني أيضا تتواصل لقاءاتهم مع الإسرائيليين في واشنطن وفي عواصمهم بلا خجل ولا وجل، ولقد سبق لهم أن سلكوا كل دربٍ للتآمر على الثورة الفلسطينية عمليا في لبنان عندما زوّدوا الكتائب بأسلحة احتفظت بعنوان المصدر.. وفي الشأن السوري يفعلون كل المنكرات؛ فقد دمّروا البلد، وهجّروا الشعب السوري، وأرسلوا بهمجهم المتخمين بالأموال الحرام ليسترقُّوا بنات الشام وحرائرها كالإماء في قصورهم انتقاما من حضارة الشام وكرامته، وقد سلَّطوا عليه المرتزقة من كل مكان لتدمير سورية، وتحريك الدمى في لبنان لإثارة الفتن والنعرات.
حزب الله في الاتجاه الصحيح كلما بقي رافعا راية فلسطين، ويعمل على مقارعة العدو الصهيوني، وفي اللحظة التي يصالح العدو تسقط عنه صفة المقاومة.. وهو مادام يسير في خط فلسطين، فإن فلسطين كلها بكل مجاهديها معه، ومن كانت فلسطين معه، فإن الله معه، لا يخشى ولا يحزن ولا يُهان.. تولانا الله برحمته.