أ..”منافقون” في كل مكان عربي!؟
موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
لم أدهش لمطالبات عددٍ من كتّابنا وإعلاميينا و “حِراكيينا” “العرب”، بنشر تنظيم “المُنافِقين” في طول وعرض العالم العربي وتمكينه من رِقابنا وعقولنا ومستقبلنا وأطفالنا وأحفادنا، لكنني ذُهلت لهذه “الصراحة و”المبدئية!” في الطرح العلني وعلى رؤوس الاشهاد لـِ”فكرة” الطائفية الصهيونية المُنفلتة من عِقالها وتجذيرها في عقول المنفلتين من العرب واختراع تفريخات للمنافقين في عالمنا العربي لمواجهتها!!!.. وكأننا في عالمنا هذا قد حَللنا مشاكلنا وحرّرنا وطننا الكبير من ألفه الى يَائه، وبضمنه فلسطين وسورية والعراق وليبيا وغيرها من دولنا المُتعبة والجريحة، ولم يبقَ من جهود تُبذل بَعد صُعودنا إلى القَمر واستيطاننا المريخ واستغلالنا ثروات عُطارد الطبيعية، سوى التمتع “بِبركات” هذا التنظيم المَشبوه وتعميمها على آبائنا وأبنائنا وتسليمه السلطات الثلاث والأربع والعشر حتى!
والأغرب في أمر عددٍ كبير من إعلاميينا وقلميينا، أنهم لا يقرأون ولا يتابعون ولا يُحلّلون ولا يُدركون الحقائق وأبعادها في عصرنا الأمريكي – الآيل بـ “العم سام” إلى أُفول حتمي – أو أنهم يَعتقدون بسذاجتهم بنجاحهم في اغتيالنا في العَتمة البرّانية في ظل الصقيع العربي، الذي غيّب مؤسسات الدول العربية التي يُمكنها مساءلتهم وتعريتهم ومعاقبتهم ووضعِ حدٍ حقيقي وجاد لهم ولأمثالهم الانبطاحيين..
حركة المُنافقين وصلت الى الدرك الأسفل في ارتباطاتها وعلاقاتها الدولية وتهاوت على أبواب كل الطامعين بنا، فهي لم تكتفِ بتلقي الدعم المباشر والسخي من الولايات المتحدة وبكل الأشكال المادية والمعنوية والتسليحية، بل أنها تمادت في العمل على تعميق علاقاتها مع الصهيونية الدولية وكيانها العدواني في فلسطين، والتآمر على قضيتنا المركزية والمقدسة، وبرغم ذلك نجد لها بين ظُهرانينا “مؤيدين ومُناصرين” ونَافخين في بوقها..
إن سِجَل المنافقين في بيع وتأجير “الجهاد” للقوى العدوة حافل وطويل، ولعل أحد “أبرز” جرائمهم يَكمن في تحالفهم مع جهازي “الموساد” الصهيوني و “سي أي إيه” للقضاء على العُلماء النوويين الإيرانيين والعراقيين في عام2007 وما بعده، والتدرّب على أيدي الأعداء الدوليين والإقليميين المنافقين على شاكلتهم، لإحراز “علو مهني” في “أنجع” وسائل الاغتيال في إيران والعراق، واستهداف مراكز ومؤسسات علمية وسياسية وعسكرية، ولتكريس التنظيم المُنافق كجناح ضارب وأداة عَملانية لمختلف أجهزة الاستخبارات الصهيونية والغربية، لإضعاف هذين البلدين وغيرهما من البلدان العربية والاسلامية والتحررية.
ولئلا تُساق لي التهم جزافا ًواحدة بعد أخرى، من مَجمع وأسواق المنافقين أيّاهم وقوات التدخل السريع التي يَشدّون من أزرها بأموالهم ووسائل إعلامهم الغربية، أحيل القراء إلى الاعترافات الأمريكية نفسها التي أكّدت ضلوع لفيف المنافقين في عمليات إرهابية لوضع حد للتقدم والازدهار العلمي العربي والإسلامي في إيران والعراق، كانت خطّطت لها الأجهزة الغربية والصهيونية العميقة ورسمت مساراتها ومساربها بدقة متناهية.
ففي 12شباط/ فبراير2012م، نقلت وكالة أنباء نوفوستي الروسية عن قناة “إن بي سي نيوز” الأميركية، وعلى لسان المسؤولين الأميركيين، أن “تنفيذ هجمات قاتلة” على العلماء النوويين الإيرانيين “يجري من قِبل عناصر تابعة لجماعة إيرانية منشقة، يتم تمويل أفرادها وتدريبهم وتسليحهم من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، مما يؤكد الاتهامات الموجّهة من جانب قادة إيران، بأن الاغتيالات تقوم بها “مجموعة من منظمة “مجاهدي خلق”، التي “نفذت هجمات كانت أسفرت عن مقتل خمسة من العلماء النوويين الإيرانيين (منذ العام2007)، وربما تكون قد دمّرت الصواريخ في موقع التنمية والبحث العلمي، وقام مهاجموها، عبر ركوب دراجة نارية، بوضع قنابل مغناطيسية صغيرة على السطح الخارجي لسيارات الضحايا”.
وليس هذا فقط، بل توسّعت فضائح المنافقين وأسيادهم إلى أخرى، تُشير إلى أن مسؤولاً أميركياً كان تحدّث دون أن يكشف عن أسمه، قائلاً: “أن إدارة أوباما على دراية بحملة الاغتيالات ولكن ليست لها مشاركة مباشرة فيها!”. وفي الوقت نفسه، قالت وكالات أنباء غربية، إن خبراء في التقنيات المُستخدمة في الاغتيالات (التي نفّذها المنافقون)، قالوا إن هذه التقنيات “على مستوىً عالٍ من التقنية، ما يُشير إلى مشاركة جهاز استخبارات يتمتع بخبرات عميقة في هذه العميات السرية”.
لكن السؤال الكبير الذي يَطرح نفسه هنا بكل بساطة: لماذا لم تسارع إدارة أوباما آنذاك إلى كشف نفاق المنافقين وتعرية عملياتهم الإرهابية الدموية هذه؟!
والجواب بسيط أيضاً. ففي الحالات الآنية لتنفيذ الإرهاب الدولي، تنأى الأجهزة العميقة وقيادات الدول وأربابها وماسونييها وبيلديربيرغييها وإداريي “بناي بريث” عن الاعتراف بضلوعها في عمليات بشعة، وترجئ هذا الاعتراف إلى آجال مستقبلية، ريثما تتناسى البشرية وضحايا الارهاب وذريتهم هذا العمل الإرهابي، ليصبح العمل في غياهب التاريخ وجزءاً من الماضي، ولوضع حد لأي نشاط من شأنه معاقبة المسؤولين عنه، فسجل أمريكا حافل بالاغتيالات والعمليات الدموية والتعدّي على البشر والحَجر واستقلال الدول، والاعتراف بمسؤولية واشنطن عن أعمالها البشعة، من شأنه محاكمتها وإلزامها بدفع الأضرار الكبيرة التي تسببت بها، لكن كل ثروات الكرة الأرضية لا يمكن أن تعوّض الدول والشعوب المُستضعَفة عن خسائرها المادية والمعنوية جراء العدوان والإرهاب الأمريكي الواسع.
بعد كل هذه المعلومات التاريخية والاعترافات الأمريكية بدعم إرهاب المنافقين ومَن لفَّ لفّهم والكشف عن ذيلية (رجالات النفاق) للأجهزة العميقة القابعة وراء المحيط وفي فلسطين الجريحة، لا يبقى لأصحاب الموت والإرهاب ومطأطئي الرؤوس سوى مَزبلة التاريخ في الأرض وجهنم أبدية في الحياة الأُخرى.
*صحفي ورئيس منظمات دولية وكاتب أردني متخصص بشؤون “منافقي خلق”.