أين “مملكة الخير” مما يعانيه لبنان؟!
موقع قناة المنار-
ذوالفقار ضاهر:
طالما نسمع من بعض الجهات اللبنانية ان السعودية هي “مملكة الخير” لانها دائما تقوم بـ”عمل الخير” لا سيما باتجاه الدول الشقيقة ومنها لبنان، علما ان بلدنا اليوم يعاني من أزمات قاسية على مختلف الصعد ولم نشاهد تلك المملكة تتحرك لدعمه ومساعدته كما تفرض قيم الخير والشهامة.
وفي هذا الإطار تطرح الكثير من التساؤلات منها أين السعودية او ما يسمونها بـ”مملكة الخير” مما يجري في لبنان؟ أين السعودية من كل ما يعانيه بلدنا من أوضاع صعبة وضاغطة على مختلف الصعد المعيشية والحياتية؟ أليس الأجدى بمن يدعي الأخوة والصداقة والعلاقات التاريخية الطيبة(التي راح البعض مؤخرا يمتدحها ويدعي ان عمرها اكثر من مئة سنة)، ان يتدخل لمساعدة لبنان؟ أليس الأجدر بـ”الاخ والصديق” ان يسخر علاقاته لفك الحصار الاميركي عن لبنان؟ أليس الأولى بمن يدعي الاخوة ان يتدخل لدى سيده الأميركي لمساعدة الأشقاء بدل الذهاب وتحميل فئات من اللبنانيين المسؤولية عما يجري وتحريض بعضهم على البعض الآخر؟
فأين “الأيادي البيضاء” التي يتحدثون عنها لدى السعودية ومن فيها من أصحاب الألقاب التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ أليس الخير الذي يتحدثون عنه هو فعل مطلوب بدون مقابل وغايات سياسية ومصالح هنا وهناك؟ وهنا بيت القصيد، فهل السعودية فعلا كانت تدعم لبنان وتقدم له المساعدات المجانية بدون أي مصالح وغايات سياسية أم أن الأمر كان نتيجة مخططات معينة تهدف للسيطرة عليه والتحكم بقراره السياسي والاقتصادي؟ ولو أن المسألة كانت غير ذلك لكنا رأينا المساعدات والدعم السعودي باتجاه لبنان في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها.
فلبنان اليوم بحاجة ابتداء الى المازوت والبنزين والجميع يعرف ان هذه المواد النفطية مصدرها الاول في العالم هي السعودية وغيرها من الدول الخليجية التي تقف اليوم موقف المتفرج على الحصار الاميركي الذي يحاول خنق جميع اللبنانيين بدون تمييز بينهم، وبالتالي فإن أضعف الايمان ان تقدم “مملكة الخير” بعض هذه المواد او بدفع إحدى جيرانها في الخليج للقيام بذلك، وبالطبع هنا الكلام الذي ينطبق على السعودية ينطبق على غيرها من أنظمة الخليج الغائبة تماما عن الأزمات التي يعيشها الشعب اللبناني ومع ذلك تدعي حبه والوقوف الى جانبه.
بالطبع نحن لا نريد ان نحمل السعودية وغيرها من أنظمة الخليج هذا الفشل الموجود في بناء الدولة والمؤسسات في لبنان نتيجة سياسات معروفة، ولا حتى مسؤولية الفساد الضارب في كثير من الطبقة السياسية التي بغالبيتها من حلفاء السعودية، لكن أيضا يمكن لمن يدعي الأخوة تقديم الدعم في كثير من الأشكال والطرق، بدءا من البنزين والمازوت وصولا للاستثمارات وتقديم الدولار بشكل لا يؤدي الى سرقته من جديد من قبل الفاسدين في الدولة والقطاع المصرفي بالتعاون مع الفاسدين في مصرف لبنان.
إلا ان من لا يريد ان يساعد كما تفعل السعودية اليوم، سيذهب باتجاه البحث عن ذرائع وحجج للقول إن لبنان ليس على جدول أعمالنا، والحقيقة ان العتب ليس على السعودية او غيرها، إنما العتب هو على بعض اللبنانيين الذين رغم كل ما يجري يخرجون للتغني بصداقة السعودية والامارات وغيرها، وان الرياض لها الباع الطويل في المساعدة التي لا نرى منها شيئا اليوم والشعب اللبناني يعاني بسبب سياسات كانت السعودية وغيرها من أنظمة الخليج شريكة أساسية فيها في خدمة الاميركي والاسرائيلي.
ولكن لا مجال هنا للتبرير لان من يذهب للارتماء في أحضان الاسرائيلي والاميركي الذي يشن الحروب بكل أشكالها على شعوب الامة لا سيما في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، لا يمكن التعويل عليه لانه أقرب للعدو منه الى الصديق وهنا لا يجب ان ننسى المعادلة الرياضية البديهية والمنطقية بأن “صديق عدوك = عدوك”، لذلك فالأفضل لا يأتي أحدا بعد اليوم ليحدثنا عن أخوّة فارغة وصورية، فالأخ والصديق يظهر في الأوقات الصعبة والحرجة لا في أوقات الرخاء والبحبوحة.