أهم العناصر هي الرادارات القادرة على التقاط أي شيء يطلق من الأراضي الإيرانية… واشنطن ترفق تطميناتها لدول الخليج بتوسيع مخزوناتها العسكرية في الكويت والمنطقة
ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ان الدليل على ان القوات الاميركية ستبقى في منطقة الشرق الأوسط يمتد الى ما هو ابعد من تأكيدات ادلى بها وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل خلال مؤتمر حضره في البحرين يوم الجمعة الفائت.
فعلى سبيل المثال، تحدث هيغل عن مبادرة مع مجلس التعاون الخليجي، وهي المبادرة التي تشتمل حسب قوله- على «تحديث تعاوننا المعتاد في مجال الدفاع الجوي ليشمل تعاونا دفاعيا صاروخيا باعتباره بندا بارزا جدا في أجندة التعاون فنحن نؤمن بان هذا سيسمح بتحقيق تقدم مستمر في مجال الدفاع الصاروخي».
ما لم يذكره هيغل، وفق الصحيفة، هو التراكم المستمر للرادارات التي تعمل بتقنية X-band في المنطقة، وهو الامر الذي يعزز القدرات الدفاعية الصاروخية ضد ايران.
كان اول رادار من طراز AN/TPY-2 قد تم تثبيته على قمة جبل كيرين في صحراء النقب، حيث توجب منشأة عسكرية اميركية سرية يديرها نحو 150 من عناصر الجيش والمقاولين الاميركيين، وتبعد طهران عن تلك المنشأة نحو 1600 كيلو متر صوب الشمال الشرقي، لكن ذلك الرادار حساس جدا الى درجة انه يستطيع رصد كرة بيسبول لينه عند قذفها في الهواء من على مسافة 4650 كيلو مترا حسب ما ذكرت مجلة «تايم» في العام 2012.
وهناك رادار ثان من الطراز ذاته منصوب في قاعدة كوريجيك الجوية التركية، وهي القاعدة التي تبعد نحو 385 كيلو مترا عن الحدود الايرانية ويتم تشغيل ذلك الرادار ايضا من جانب 150 من عناصر الجيش والمقاولين الأميركين.
وفي وقت احدث، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن ان رادارا مشابها يعمل بتقنية X-band سيتم نصبه في قطر، وهو الامر الذي سيعني ضمان توفير انذار مبكر ضد اي صواريخ يتم اطلاقها من اي نقطة تقريبا داخل ايران وتستهدف اي مكان في منطقة الشرق الاوسط.
ومنذ سنوات، كانت قطر – ولا تزال- مقرا لقاعدة العُديد الجوية، وهي القاعدة التي يوجد بها آلاف من العناصر العسكرية الاميركية علاوة على ان تلك القاعدة هي الموقع الذي تنطلق منه طائرات اميركية وبريطانية لتشارك في عمليات قتالية في افغانستان كما ان تلك القاعدة تحتضن منذ فترة «مركز العمليات الجوية المشتركة»، الى جانب مراكز اخرى مطلوبة حاليا للانشطة العسكرية التي يتم تنفيذها في افغانستان. لكن ذلك المركز تم انشاؤه ليستمر في المستقبل.
ففي بيان صحافي صدر في العام 2011، وصفت القيادة المركزية لسلاح الطيران «مركز العمليات الجوية المشتركة»، بأنه: «مركز العمليات الاكثر تطورا عبر التاريخ كله»، فهناك مئات من العناصر التي في الخدمة وعناصر في الاحتياط يعملون في مجال الاتصالات عبر الاقمار الاصطناعية وتحليلات الصور وتصميم الشبكات والبرمجة الكمبيوترية والمنظومات اللاسلكية وادارة النظم ومجالات اخرى كثيرة»، وذلك في بيئة «تشبه موقع تصوير فيلم ينتمي الى عالم المستقبل».
وزار هيغل الثلاثاء الماضي تلك المنشأة الموجودة في قطر وقال: «ليس هناك اي منشأة مثل هذه على مستوى العالم، تملك ما يوجد فيها من تكنولوجيا وخبرة عملية وقيادة، وكل ذلك مدمج في قدرات 30 دولة تقريبا».
وتستطيع تلك المنشأة ان تتعقب مسارات ما يصل الى 50 طائرة دعم وثيق يوميا، وذلك خلال تنفيذ تلك الطائرات لمهام فوق افغانستان كما انها (المنشأة) تستطيع ان تقوم بمعالجة وتحليل الصور الاستطلاعية التي تستقبلها عبر اقمار اصطناعية وطائرات.
وأشارت «واشنطن بوست» إلى أن هناك مواقع أخرى في المنطقة كان قد تم تشييدها على مدى العقد الماضي، وهي المواقع التي يجري حالياً تحويلها إلى منشآت دائمة. ولنأخذ (على سبيل المثال) قاعدة الظفرة الجوية التي يديرها سلاح الطيران الإماراتي، وهي القاعدة الكائنة على مسافة 30 كيلومتراً تقريباً جنوب مدينة أبوظبي. وكانت مؤسسة «ستانلي كونسلتنتس» الاستشارية قد كشفت النقاب في بيان اخباري عن أن سلاح المهندسين التابع للجيش الأميركي قد تعاقد معها لتتولى تصميم «موقع دفاع جوي» و«منطقة عسكرية مغلقة» كي تحلا محل معسكر موقت قائم حالياً، وليوفرا الحماية لأفراد قوات سلاح الجو الأميركي، ومن المقرر أن يشتمل ذلك المشروع على مرافق ومنشآت «سكنية وترفيهية وإدارية وطبية وأمنية وبريدية بالإضافة إلى مرافق خاصة بتناول الطعام ومكافحة الحرائق».
وخلال كلمة ألقاها يوم الجمعة الماضي في البحرين قال هيغل: «إن الجيش الأميركي يعكف حالياً على بناء رشاقة استراتيجية جديدة… في منطقة الشرق الأوسط»، وهي العبارة التي تعني العمل على تعزيز البرامج والمنشآت التي أثبتت فعلياً أنها مفيدة لعمليات حربي العراق وأفغانستان وأنها جديرة بتوفير الأمن الضروري واللازم لأي عمليات قتالية مستقبلية.
وكان هيغل يتحدث إلى ما يبرو على 35 ألفاً من الأفراد العسكريين الموجودين في المنطقة ويمثلون حضوراً برياً وجوياً وبحرياً، بما في ذلك 10 آلاف فرد عسكري يعملون كموظفين منتدبين.
والأمر الذي لم يتوسع هيغل في الحديث عنه كان ما ذكره (في كلمته) عن «مدرعات ومدفعية ثقيلة ومروحيات هجومية لتكون بمثابة احتياطي ميداني ووقاية ضد أي اعتداء».
وأحد الأمثلة على ذلك هو ما يعرف بـ «التموضع المسبق» للتجهيزات العسكرية في دول المنطقة المعنية. ويشار بالرمز APS-5 إلى برنامج يُعرف باسم «مخزونات الجيش المقترحة لمنطقة جنوب غرب آسيا»، وهي المنطقة التي تشمل الشرق الأوسط، وبشكل أساسي، فإن العناصر الأكثر شهرة وأهمية في اطار ذلك البرنامج تشتمل على تجهيزات (عسكرية) مخزنة في دولتي الكويت وقطر.
وأوضحت «واشنطن بوست» ان تلك المخزونات تحتوي على تجهيزات خاصة بالفرق القتالية التابعة للألوية المعيارية، بالإضافة إلى الذخائر والمركبات المائية.
ويتم تصميم المخزون بحيث تستطيع القوات التي تصل (إلى الموقع) مبكراً أن تقوم بالتوليف بين ما هو موجود لأغراض المناورات التدريبية وما هو مناسب للتحديات الطارئة الفورية. لكن المخزونات الموجودة في الكويت تشتمل على مناطق مخصصة للتدريبات (العسكرية) وساحات لاطلاق النيران بالإضافة إلى تجهيزات ومعدات.
ومازال التوسع في تلك المخزونات مستمراً. ففي شهر مايو الماضي، دعا إشعار معلومات مسبقة أصدره سلاح المهندسين التابع للجيش الأميركي إلى بناء مستودع APS-5 (أي مستودع في إطار برنامج «مخزونات الجيش المقترحة لمنطقة جنوب شرقي آسيا») في معسكر عريفجان في الكويت، وهو المستودع الذي قُدرت تكلفته بين 25 مليوناً و100 مليون دولار أميركي. وبتاريخ 4 أكتوبر أصدر سلاح المهندسين اشعار معلومات مسبقة (ثانياً) ولكن هذه المرة لبناء محطة كهرباء APS-5 بتكلفة تتراوح بين 5 ملايين و10 ملايين دولار أميركي، وذلك في معسكر عريفجان الكويتي ذاته.
كما ان بعض أضخم تلك المخزونات سابقة التموضع يوجد في إسرائيل، حيث تم هناك تكديس تجهيزات عسكرية تتراوح بين صواريخ ومركبات مدرعة وذخائر مدفعية، وهي التجهيزات المخزنة هناك في مواقع عدة بموجب تشريع خاص سمح باستخدام تلك التجهيزات سواء من جانب الولايات المتحدة أو إسرائيل. وخلال وجوده في البحرين، وتحديداً على متن فرقاطة «يو اس اس بونشي»، حاول هيغل أن يعالج المزاعم التي تقول إن الولايات المتحدة تنسحب تدريجياً من منطقة الشرق الأوسط حيث قال: «سأؤكد لشركائنا على اننا لن نذهب إلى أي مكان آخر».