«أنجيرليك»: شكوك بسلامة 50 قنبلة نووية
نغم أسعد – صحيفة السفير اللبنانية
صباح اليوم الأول للانقلاب في تركيا (السبت)، أصدرت السفارة الأميركية في أنقرة «رسالة طارئة» تُشير فيها إلى أن السلطات المحلية «تمنع الخروج والدخول من قاعدة انجيرليك وإليها، وقطعت الكهرباء عنها». وتمّ رفع حالة التأهب في القاعدة إلى درجة «اف بي كون دلتا»، وهي أقصى حالة تأهّب في حال وجود خطر هجمات إرهابية.
وفي اليوم التالي، اعتقلت قوات الأمن التركية رئيس القاعدة الجنرال بكير أركان فان بتهمة دعم الانقلاب. هذا التركيز على حماية القاعدة لم يأت من عبث. فعدا كون القاعدة منطلقاً لطائرات «اف 16» التابعة لـ«التحالف الدولي» بقيادة واشنطن ضدّ تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، إلا أن «انجيرليك» تضمّ أكبر منشأة لتخزين الأسلحة النووية التابعة لـ«حلف شمال الاطلسي» (الناتو).
وأوضح مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين هانس كريستنسن، لمجلة «نيويوركر» الأميركية، أن الأنفاق التي تمتدّ تحت القاعدة «تختزن حوالي خمسين قنبلة هيدروجينية من نوع بي 61، أي أكثر من 25 في المئة من مخزون الناتو من الأسلحة النووية».
ويُمكن تعديل قوة كل قنبلة من «بي 61» لتتراوح من 0.3 كيلو طن إلى 170 كيلو طن من الـ «تي أن تي» بالاعتماد على الجاذبية.
المخاطر التي تُحيط بوجود مثل هذه القنابل في قاعدة «انجيرليك» تكمن في أن القاعدة لا تبعد سوى 100 كيلومتر عن الحدود السورية. ونتيجة لقربها من مناطق سيطرة المعارضة، ومع ازدياد هجمات «داعش» على تركيا، أصدر البنتاغون مذكّرة، قبل أشهر، تدعو إلى مغادرة أسر القوات الأميركية من القاعدة.
وعلى الرغم من عدم وجود أي طائرة أميركية أو تركية داخل القاعدة مُجهّزة لاستخدام هذه القنابل، إلا أن وجودها (القنابل) خطر في حال سوء الاستخدام.
وهنا يكمن السؤال: هل القنابل الهيدورجينية المُخزّنة في قاعة «انجيرليك» آمنة، بعد الانقلاب «الفاشل» الذي شهدته تركيا مساء الجمعة؟
تساءل مدير برنامج حظر الانتشار النووي لشرق آسيا في مركز «جيمس مارتن لدراسات حظر الانتشار» التابع لمعهد «ميدلبري للدراسات الدولية» الأميركي جيفري لويس، في مقالة في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، عمّا إذا كانت فكرة تخزين سلاح نووي في قاعدة جوية يقودها شخص ساعد للتوّ في قصف بلاده «فكرة جيدة»؟
وعلى الرغم من أن لويس قلّل من قدرة انقلابيي تركيا على الوصول الى تلك القنابل المخزّنة في محيط أمني مُشدّد تتمّ مراقبته عبر الأقمار الصناعية، بعدما تكلّف «الناتو» 160 مليون دولار لتحسين التحصينات الأمنية لأسلحته النووية في قواعدها العسكرية المنتشرة في الدول الأعضاء فيه، إلا أنه يؤكد أن القاعدة «ليست حصناً منيعاً»، وقد يتمكّن شخص ما من تجاوز أجهزة التحكّم التي تمنع استخدام الأسلحة المسروقة.
ورأى لويس، أنه نظراً لحالة «عدم الاستقرار» التي تعيشها تركيا، يجب على واشنطن نقل هذه القنابل فوراً كما نقلتها من اليونان في العام 2001 عندما اتضح أنها لا تتمتّع بحماية كافية، خصوصاً أن الطائرات التركية غير مُجهّزة لنقلها، بينما يُوفّر البلد المضيف لهذه القنابل في الدول الأعضاء في «الناتو» طائرة قادرة على حملها وقت الأزمات.
قد يعتبر بعض المُحللين أن خفض عديد الأسلحة النووية الأميركية المنتشرة في الدول الأعضاء في «الناتو» ليس مناسباً في الوقت الراهن في ضوء تدهور العلاقات مع موسكو، إلا أن لويس اقترح أن يتمّ نقلها إلى دول أخرى تابعة للحلف، حيث شيّدت واشنطن مخازن لأسلحتها النووية في دول أوروبا القريبة من تركيا.
لكن من هي الدول المرشّحة لاستقبال هذه الأسلحة النووية؟
اعتبر لويس أن قاعدة «آفيانو» في ايطاليا قادرة على استقبال عدد من القنابل الموجودة في قاعدة «انجيرليك»، كما أنها الأكثر أمناً حيث تقع تحت إشراف القوات الأميركية وتمّ تعزيز تحصيناتها الأمنية مؤخراً. أما الجزء المتبقّي من القنابل فيمكن نقلها، وفقاً للويس، إلى قواعد أميركية في بريطانيا (لاكينهيث) وألمانيا (رامستين).
وشدّد لويس على أنه في الوقت الذي قد يُثير نقل هذه الأسلحة من تركيا غضب شركاء واشنطن الشرق أوسطيين الذين ينظرون إليها (القنابل) كرادع لإيران، إلا أن تركها في تركيا بعد الانقلاب «أمر يثير الهلع».
في اللحظات الأولى للانقلاب، جرت شائعات عن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قدّم طلب لجوء إلى ألمانيا وأن برلين رفضته، فرجّح لويس، ممازحاً، أن تمنح المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل هذه القنابل حقّ اللجوء.