أقصر الطرق لمعرفة الوهابية
في يوم الخميس الخامس من شهر كانون الاول / ديسمبر تناقلت وكالات الانباء خبرا مفاده أن انتحاريا ومسلحين يرتدون ملابس الجيش هاجموا مجمع وزارة الدفاع في العاصمة اليمنية صنعاء وقتلوا 52 شخصا بينهم أطباء ومسعفون أجانب.
واضاف الخبر أن مهاجما اقتحم بسيارة محملة بالمتفجرات باب مجمع الوزارة وبعد ذلك أسرع مسلحون في سيارة أخرى بالدخول وفتحوا النار على الجنود والأطباء والممرضين الذين يعملون في مستشفى داخل المجمع.
انتهى الخبر، وبعد مرور أسبوع وبالتحدي يوم الخميس 12 كانون الاول / ديسمبر عرض التلفزيون اليمني، لقطات مصورة التقطتها كاميرات مراقبة لتفاصيل الهجوم الذي نفذه 12 مسلحا غالبيتهم من السعوديين ، قتلوا 52 شخصا بطريقة بشعة صدمت اليمنيين والعالم.
الحقيقة لقد شاهدت هذا الفيلم وصدمت كما صُدم الاخرون، الا انني وانا أرى المسلحين وهم يقتلون كل من يصادفهم من اطباء وطبيبات وممرضات وعاملين ومرضى ومراجعين من النساء والاطفال في غرف وردهات المستشفى وبشكل عشوائي، وكذلك مشهد دخول احد المسلحين على مجموعة من الاشخاص مختبئين مرعوبين فيخرج بدم بارد قنبلة يدوية ويفجرها فيهم فيقتلهم جميعا، وانا ارى كل هذا لم اتصور للحظة ان المسلحين كانوا من البشر وانهم اناس مثلنا ، أقسم صادقا كنت أراهم وحوشا او مخلوقات نزلت على الارض قادمة من الفضاء السحيق، فمثل هذه الافعال لن يقدم عليها انسان مهما انحط في انسانيته.
كنت اتمنى على علماء الامة ونخبها واعلامها الا يمروا مرور الكرام من امام هذا الفيلم ، وان يجعلوا منه منطلقا لتوعية هذه الامة من مخاطر الفكر الوهابي المدمر للحياة، ولكن للاسف الشديد، مر اغلبهم من امامه وكأنهم شاهدوا فيلما هوليوديا ليس الا، ولكن كما قيل لو خليت قلبت، فقد انبرى البعض محذرين من مخاطر هذا الفكر على الامة ومستقبلها ، وفي مقدمتهم شيخ جليل من بقايا عظماء هذه الامة وعلم من اعلامها هو الشيخ ماهر حمود حفظه الله، الذي دعا الى ان يكون هذا الحدث المؤلم دافعا لاتخاذ موقف عالمي تقف فيه الجهات الإسلامية الفاعلة الموقف المناسب، كي لا تصبح الجرائم حلالاً، ويصبح الدم مباحا والأعراض سفاحًا!
وشدد على عدم الاستخفاف بظاهرة التكفير وعدم دفن الرؤوس بالرمال فهذه الظاهرة هي الأخطر في مرحلتنا الراهنة وان آثارها السيئة ستطال الجميع ولن ينجو منها أحد، وتساءل، إذا كانت ذرائع الجرائم المماثلة اختلاف المذهب، فما هو المبرر الذي يجيز قتل الأطباء والمرضى والأطفال؟.
التساؤل الاخير للشيخ حمود أراد منه كشف كذب ودجل الوهابية وذريتها الخبيثة من القاعدة والتنظيمات السلفية والتكفيرية ، التي تبرر جرائمها وارهابها ووحشيتها في العراق وسوريا واليمن والبحرين بالدفاع عن السنة ضد الخطر الشيعي المزعوم !! ، ترى ما هي اذن جريرة من ابيدوا على بكرة ابيهم في المستشفى هل كانوا شيعة ؟! وعندما لم يكن هناك شيعة ، قالوا انهم استهدفوا اجهزة التحكم بالطائرات دون طيران التي كانت موجودة في وزارة الدفاع ، ولكن الفيلم فضح هذه الاكذوبة ومروجيها.
الوهابية ديدنها الدمار والدم ، والعقرب لا يسئل لماذا يلسع؟ فاللسع من طبيعته وذاته ، لذلك كل تبريرات الوهابية للدمار والدم هي تبريرات جوفاء، المهم ان تدمر وتقتل، فاذا كان في المجتمع الذي وصلت اليه شيعة فهو المطلوب ، اما اذا لم يكن هناك شيعة ، فمن السهل اختلاق اعداء جدد كما هو الحال في اليمن وليبيا وتونس ومصر والصومال، المهم ان ترتوي الوهابية من الدماء ، هذا هو المهم .
اعيد واكرر، ادعو جميع الجهات التي يهمها شأن الامة ومستقبلها ان تعرض هذا الفيلم على نطاق واسع، فهذا الفيلم اكثر تاثيرا من مئات الكتب والاف الخطب عن مضار الفكر الوهابي التدميري لمن لا يعرف الوهابية على حقيقتها، فهو يظهر الانسان الوهابي دون رتوش .. انسان مسخ .. وحش كاسر.
اجزم ان كل من سيشاهد هذا الفيلم ستنهال عليه هذه الاسئلة وبشكل غير إرادي .. هل حقا الوهابية مذهب اسلامي؟ هل هؤلاء هم نموذج الانسان المسلم الذي تريد الوهابية تطبيقه علينا؟ كيف يمكن ان نعيش مع هذه الكائنات؟ كيف سيكون حال اطفالنا في ظل مجتمعات تتحكم فيها الوهابية ؟ ترى هل نسمح لانفسنا ان نترك ابناءنا فلذات اكبادنا فريسة لذئاب الوهابية؟ وبعد كل ذلك، هل يحق للنخب من العلماء والمفكرين والشعراء والادباء والكتاب والمثقفين والاعلاميين والفنانين والمخرجين، ان يلذوا بالصمت بعد اليوم؟ لنعلنها مدوية لا نريد الوهابية تتحكم بمستقبل اطفالنا واجيالنا القادمة.
موقع قناة العالم – سامح مظهر