أسقطوا وهم التسوية
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
كشفت معارك الرقة و تصريحات جون كيري و سعود الفيصل حقيقة الخدعة الأميركية التي تجسدت في تعميم أوهام كاذبة عن السير في اتجاه تسوية و السعي إلى تفاهمات ثنائية مع روسيا لوقف العنف في سورية و قد اشتغلت ماكينة الدجل الأميركي طوال الأسابيع الماضية في كل العالم لإشاعة انطباعات إيجابية بينما ظلت آلة الحرب بقيادة الضباط و المخططين الأميركيين تعمل بتصميم و فجور من تركيا و الأردن لتفعيل العدوان الاستعماري على سورية.
أولا في الميدان يتضح ان الولايات المتحدة ليست ذاهبة إلى تسوية و لم تنضج إرادتها في هذا الاتجاه و تلك هي الحقيقة الواقعية أيا كانت التفسيرات سواء بفعل الشلل و العجز بسبب تصارع تيارين كبيرين داخل الإدارة الأميركية كما يقول البعض ام بسب الخشية من ثمن الهزيمة امام الرئيس بشار الأسد و انعكاساتها على الحكومات الغربية و الإقليمية العميلة المشاركة في العدوان على سورية كما يقول البعض الآخر ، فالواضح من المسارات العملية ان الإمبراطورية الأميركية ما تزال لديها اوهام حول خطط لم تختبر في سورية مثل حشد قوة إرهابية لخوض معركة في الرقة او حشد قوة اخرى يجري تدريبها في الأردن بتمويل سعودي و بسلاح كرواتي وربما لمحاولة اختبار الهجوم مجددا في محور درعا.
لا يجب ان يغيب عن بالنا أبدا كون أولوية الولايات المتحدة و إسرائيل و جميع الحكومات المتورطة في هذه الحرب الكونية هي المزيد من استنزاف الدولة الوطنية السورية لإضعاف منظومة المقاومة بينما يجري العمل لنقل العنف و تعميمه في لبنان و العراق خلافا للمزاعم الأميركية و الغربية التي لا ينبغي ان تحجب عنا رعبا صهيونيا كبيرا من تكون التكتل المشرقي الممتد من إيران إلى سورية فإيران مرورا بالعراق ولبنان فهذا هو الاستحقاق الاستراتيجي الكبير في المنطقة منذ الهروب الأميركي من العراق.
ثانيا من مهازل العلاقات الدولية أن تضطر الدبلوماسية الروسية لملاحقة تصريحات وزير الخارجية الأميركية الداعمة للإرهاب و على نحو تستدعي معه الأمور اتصالات على مستوى رئاسي لتصحيح كلام جون كيري الذي بدا في جولته مثل غبي لا يعي مايقول لشدة التناقضات التي انطوت عليها مواقفه المتراقصة بين التصميم على تسليح العصابات الإرهابية في روما و من ثم رفضه للتسليح مطلقا و من بعدها قراره بالبحث عن عصابات إرهابية معتدلة في سورية لتسليحها و هي أحجية أوحت له بها على الأرجح عبقرية سعود الفيصل و أحقاده الدفينة على سورية و رئيسها .
يمكن لأي عاقل الاستنتاج بأن حكومة الولايات المتحدة الأميركية لم تتخذ قرارها بالتسوية المحكي عنها مع روسيا أي السير في تنفيذ آلية واضحة و صارمة و متفاهم عليها لوقف العنف و لتحريك الحوار الذي يرفضه عملاء واشنطن في المعارضات البائسة و يتصلبون في رفضه و في السعي لتعطيله و من حق الرئيس بشار الأسد اليوم ان يسأل الشريك الروسي عن نفع التسوية مع الولايات المتحدة إن كانت ترفض إلزام عملائها بآلية وقف العنف و مترتباتها أو لو كانت عاجزة عن ذلك و هو ادهى.
ثالثا الرد الطبيعي على السلوك الأميركي هو ان تخرج منظومة المقاومة فورا من حالة الانتظار السياسي و ان تكف عن إعطاء المهل بانتظار تسوية لن تتم فالأميركي البشع لن يتراجع إلا بالقوة و هو يرفض التسوية الدولية التي أملت بها منظومة المقاومة لإقرار قواعد صارمة توقف إرسال المسلحين و الأسلحة و الأموال إلى سورية و لا مجال لتعاون الولايات المتحدة في آلية وقف العنف التي تحقق ما تطلعت إليه الدولة السورية لتلافي المزيد من المعارك و للفك بين فصائل الإرهاب القاعدي و الجماعات المحلية المسلحة.
تلك الأهداف لن تأتي لا بالانتظار و لا بالتفاوض مع الولايات المتحدة فهذه النتائج سوف تتحقق فقط عن طريق هجوم معاكس شامل تشترك فيه منظومة المقاومة التي لم تقم بما ينبغي من الخطوات التي توازي التورط المكشوف و الفاجر للحلف الغربي التركي الخليجي و على شركاء منظومة المقاومة في روسيا و الصين و مجموعة البريكس أن يتصرفوا على قاعدة ان الدولة الوطنية السورية تجاوبت مع جهودهم و اعطت كل الفرص لأنها كانت تريد من اختبار التسوية المحتملة توفير تضحيات على شعبها وجيشها أما وقد أراد الأميركيون مواصلة الحرب فلا خيار إلا المقاومة و الهجوم المعاكس على جميع الجبهات و سد الطرق امام ترميم معنويات العصابات التي تلقت ضربات قاتلة في محافظات حلب و حمص و ريف دمشق فأعدت مع مشغليها ضربة في الرقة سيصدها الجيش السوري بكل تاكيد كما فعل في انحاء سورية مختلفة طيلة العامين الماضيين و ربما تعد العصابات العميلة ضربة اخرى في درعا عبر الحدود الأردنية و هي تحاول بصورة حثيثة توسيع الحريق نحو لبنان و العراق.