آن باترسون .. سفيرة الإخوان!!
صحيفة الوطن العمانية ـ
سامي حامد (صحفي مصري):
أثارت تصريحات آن باترسون السفيرة الأميركية لدى القاهرة والتي أدلت بها في ندوة أقامها نادي روتاري الجزيرة مؤخرا ردود فعل غاضبة داخل الجيش والأوساط السياسية في مصر، حيث وجهت باترسون رسالة تهديد للجيش المصري بقولها إن عودة الجيش للحكم ستكون كارثة غير مقبولة لواشنطن ولحلفاء مصر الآخرين، مشيرة في نفس الوقت إلى أن الجيش المصري يستحق الكثير من الاحترام والمصداقية بعد أن سلم الحكم للمدنيين وعاد لمهمته الأساسية في حماية حدود مصر، وليس هناك عودة للحكم العسكري؛ لأن الجيش المصري يرفض هذا الأمر بدرجة عالية!!
تدخل السفيرة باترسون السافر في الشأن المصري أغضب المؤسسة العسكرية في مصر، حيث أكد مصدر عسكري أن الشعب المصري ومن خلفه قواته المسلحة لا يقبلان وصاية أحد، وعلاقات مصر مع جميع الدول ليست مرهونة بوصول الجيش للحكم؛ لأن الشعب وحده هو من يختار ويحدد مصيره، وأن القوات المسلحة وقياداتها منذ تسليم السلطة لقيادة مدنية منتخبة ليست طامعة في الحكم، لكنها تراقب الأوضاع الداخلية بدقة لمنع أي حالة فوضى تضر بالأمن القومي .. كما أن المؤسسة العسكرية تعي تماما حجم المؤامرات التي تحاك ضد الوطن والجيش المصري، وتعلم أن قوى داخلية وخارجية تخشى زيادة شعبية القوات المسلحة في الشارع المصري وتسعى لعرقلة ذلك!!
إن ما قالته السفيرة آن باترسون يعبر تماما عن سياسة الإدارة الأميركية التي ساهمت بشكل كبير منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك في وصول تيار الإسلام السياسي إلى الحكم في مصر ودول أخرى، وأن واشنطن رأت في جماعة الإخوان المسلمين كنزا استراتيجيا جديدا سيحقق كل أهدافها في المنطقة ويضمن في المقام الأول أمن إسرائيل .. وهنا يجب الإشارة إلى اللقاءات السرية والعلنية التي جرت بين جماعة الإخوان والإدارة الأميركية قبل وبعد أحداث الـ25 من يناير 2011 والتي تم خلالها الاتفاق على كل الشروط الأميركية المطلوبة من الإخوان وأهمها حماية المصالح الأميركية في المنطقة، وضمان أمن إسرائيل. وهي شروط وافقت عليها الجماعة بكل سرور طالما أنها ستكون على رأس الحكم في مصر!!
ليس غريبا إذن أن تتغير لهجة جماعة الإخوان المسلمين تجاه الولايات المتحدة عقب وصولها إلى الحكم، حيث لم نسمع منذ ذلك الوقت قياديا إخوانيا واحدا ينتقد السياسات الأميركية بعد أن كانوا يصدعوننا كل يوم بالهجوم وانتقاد واشنطن على أفعالها في المنطقة عندما كانت الجماعة تمثل المعارضة .. أما الآن حتى وإن كنا لا نرى مديحا، فعلى الأقل لم نشاهد لوما واحدا موجها من الإخوان إلى الإدارة الأميركية أو هجوما ولو على استحياء من الإخوان لإسرائيل بسبب سياسات القمع التي تمارسها داخل الأراضي العربية المحتلة .. بل على العكس تماما دعا القيادي الإخواني عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسة لجماعة الإخوان يهود مصر إلى العودة إلى بلدهم والعيش فيها.. بينما كانت الغارات الإسرائيلية الأخيرة على دمشق خير دليل على صمت جماعة الإخوان على العربدة الإسرائيلية، حيث لم يصدر سوى بيان رئاسي يدين تلك الغارات على استحياء!!
نعود إلى السيدة آن باترسون سفيرة جماعة الإخوان لدى البيت الأبيض التي كثيرا ما دافعت عن سياسات الإخوان في تقاريرها المرسلة إلى الإدارة الأميركية، فضلا عن تصريحاتها المستفزة التي تطلقها بين الحين والآخر والتي يعتبرها المصريون تدخلا سافرا في الشأن المصري لدرجة أن مسؤولين أميركيين اتهموها بعدم نقل حقيقة ما يجري في الشارع المصري، وأنها تحابي جماعة الإخوان بشكل فج وطالبوا بتغييرها وتعيين سفير أميركي جديد في القاهرة .. هذا في الوقت الذي تتزايد فيه مطالب المصريين بضرورة طرد هذه السفيرة التي تجامل جماعة الإخوان أكثر من اللازم خاصة بعد تصريحاتها الأخيرة التي حذرت بل هددت فيها الجيش المصري من القيام بأي محاولة للعودة إلى الحكم!!
لقد تعالت الأصوات الأميركية التي تطالب بتغيير سياسة واشنطن تجاه جماعة الإخوان التي تحكم مصر حاليا، حيث أوصت لجنة الحريات الدينية بالكونجرس الأميركي مؤخرا بضرورة تصنيف مصر كدولة “مثيرة للقلق” بسبب فشل النظام الحاكم في حماية الأقليات الدينية خاصة الأقباط الأرثوذكس، فضلا عن ملاحقة المعارضين سواء كانوا أقباطا أو مسلمين بسبب المواد المعيبة في الدستور الجديد المقيدة للحريات.. وطالبت اللجنة في تقريرها الرئيس الأميركي باراك أوباما بالضغط على الرئيس المصري محمد مرسي لتعديل الدستور ليتماشى مع المعايير الدولية الخاصة بممارسة العقائد الدينية بحرية ومنع التحريض على العنف أو التمييز .. وكالعادة دعت اللجنة إلى عدم التصديق على أي مساعدات عسكرية لمصر حتى تثبت الحكومة المصرية أنها تستخدم أموال المساعدات لتنفيذ سياسات تحمي حرية الأديان وحقوق الإنسان!!
لقد تعاظم في الآونة الأخيرة نقد العديد من الدول الأوروبية للسياسة الأميركية الداعمة لجماعة الإخوان، بينما امتلأت كبريات الصحف الأميركية مؤخرا بالمقالات التي تهاجم موقف إدارة الرئيس أوباما من نظام حكم تتأكد طبيعته الاستبدادية يوما بعد يوم، حيث طالبت صحيفة الواشنطن بوست الإدارة الأميركية بدعم الديمقراطية في مصر بدلا من دعم جماعة الإخوان التي قالت عنها الصحيفة بأنها بدلا من أن تتجه لإصلاح ما خلفه نظام الرئيس السابق سعت لتمكين أعضائها في مختلف مواقع الدولة، فضلا عن اتخاذها سلسلة من الخطوات المقلقة للغاية على مسار الديمقراطية، ما أدى إلى انعدام تام للثقة بينها وبين المعارضة .. فهل تفلح الانتقادات الموجهة لأميركا من الداخل في تغيير سياستها الداعمة للإخوان هي وسفيرتها العجوز؟!